مقالات

المتفيقهون المتشدقون الثرثارون

كتب / السيد سليم
ما أقبح وابغض ممن ابغضهم رسول الله صلي الله عليه وسلم
فقد كثر في عصرنا هذا المتفيقهون المتكلمون دون فهم أو علم أو معرفة متسلحون بسلاح التشهير والتنمر والتعريض فمثل هذا مبغوض يبغضه النبي ﷺ فمن الأشخاص الذين كان يبغضهم النبي ﷺ الثرثارون المتشدقون، والمتفيهقون، كما قال ﷺ: إنما من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون، قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيقهون؟ قال: المتكبرون
فالثرثار هو الذي يكثر من الكلام تكلفًا، والثرثرة كثرة الكلام، وتكراره، وترديده.
والنبي ﷺ كان يبغض الثرثار، وقد قال الله تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ .والمتشدقون: المتوسعون في الكلام من غير احتياط ولا احتراز، المتطاولون في الناس.
قال ابن القيم رحمه الله: “والمتشدق المتطاول على الناس بكلامه -يعني فيه كبرياء- الذي يتكلم بملء فمه تفاصحًا وتعاظمًا وتفخمًا، والمتفيهق أصله من الفهق، وهو الامتلاء، فهو الذي يملأ فمه بالكلام، ويتوسع فيه، ويغرب به تكبرًا وارتفاعًا، وإظهارًا لمعرفته على الآخرين فهذا يريد استعلاء، ولذلك فسره بالمتكبر.
قال النووي رحمه الله: “يكره التقعير في الكلام بالتشدق، وتكلف السجع، والفصاحة المبالغ فيها، والتصنع بالمقدمات التي يعتادها المتفاصحون، وزخارف القول فكل ذلك من التكلف المذموم، وكذلك تكلف السجع، وكذلك التحري في دقائق الإعراب، ووحشي اللغة في حال مخاطبة العوام، بل ينبغي أن يقصد في مخاطبته لفظًا يفهمه صاحبه فهمًا جليًا، ولا يستثقل”.ولهذا قال ﷺ: إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل الباقرة بلسانها
فتجده يخرجه يلفه، ويدخله، ويخرجه، ويلفه مثل البقرة.
وقوله: البليغ، المبالغ في الفصاحة، والبلاغة على وجه التكلف والتعاظم.
الذي يتخلل بلسانه، يعني يأكل بلسانه كما أو يدير لسانه حول أسنانه مبالغة في إظهار البلاغة والبيان كما تتخلل البقرة بلسانها، ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفًا، وخص البقرة لأن جميع البهائم تأخذ النبات بأسنانها، أما البقرة تجمعه بلسانها؛ ولذلك قال أبو الأسود الدؤلي لولده: “يا بني إذا كنت في قوم فلا تكلمهم بكلام لم يبلغه سنك فيستثقلوك، ولا بكلام هو دونك فيزدروك ويحتقروك”.
وقال النووي رحمه الله: “واعلم أنه لا يدخل في الذم تحسين ألفاظ الخطب والمواعظ إذا لم يكن فيها إفراط وإغراب؛ لأن المقصود منها تهييج القلوب إلى طاعة الله
وكان ﷺ أيضًا يبغض الرجل الكذاب، فقالت عائشة رضي الله عنها: “ما كان خلق أبغض إلى رسول الله ﷺ من الكذب، ولقد كان الرجل يحدث عند النبي ﷺ بالكذبة فما يزال في نفسه”.
وفي رواية: “معرض عنه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة”
وكان ﷺ يكره سيئ الأخلاق، كما قال: وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني في الآخرة مساوئكم أخلاقًا..فهذة هي مكانة المتفيقهون الثرثارون المتكلمون بغير فهم ولا علم المتبجحون علي خلق الله نسأل الله لنا ولهم الهداية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى