همسات
بســـطت يــــــــــــدي
مصر: إيهاب محمد زايد
عمل أدبي
قصة قصيرة
تراه ضعيف الحال لا يعرف كيف يأكل من خشاش الأرض الا من خلال صندوق خشبي يحوي معدات مختلفة علبة بها لون أسود وأخري بها لأون بني وكأنه يرسم بفرشاة معالم طريق الرزق لا يخشي لذلك سبيلا نعم لديه فرشاة لكنها تمسح أحذية البشر يقيمهم من خلال ما يجيدون به في الماضي وفي الحاضر لم تجد إلا تسعيرة موحدة بين الأماكن الجغرافية وكأن إشعارات تطلق لتحدد تسعير مسح الحذاء وهذا السائل الذي يضع منه القليل للتلميع ويبرز فيه نجوم في المرأة تري فيها معالم الاناقة وخيال من السرور ويبدأ في مسحها من التراب والغبار هكذا الهموم تحتاج من يخرجها منا برباط جأش وصبر وحياة في التجاهل والذي يفتح معالم الصبر فهو يحكي قصة بلاده التي استوطنها الأرمن والايطاليون يمسحون أحذية المصريين كانوا في هامش المجتمع غرباء وفي بداية الهرم الاجتماعي. لم يحتاج هذا الصبي ابن السابعة عشر وقتا كثيرا لينفظ التراب من علي الاحذية فقد خرج مع والده يحمل الصندوق وهذه الأدوات الرخيصة في سعرها لكنها تعلي من كرامة حاملها ولم تضيع الأحلام من هذا الصبي حين يفكر في تعليمه الصناعي وكيف يستثمرة فعرف إن البلاد التي تهتم بالتبريد والتكيف هي السعودية واليابان. نعم يريد أن يرحل من هنا من علي الرصيف من جوار أبيه فلا يريد أن يرث المهنة، وأن أيامه تمر كما تمر الأمواج المتلاطمة في بحر غريق لا يعرف الشفقة ولا الإحسانفأصبحت بلاد رسول الله مطلب للمال وليس للحج. متولي يعمل كل يوم مع والده من الصباح حتي الساعة السادسة ققبل الخيط الابيض والخيط الأسود يفترقان يهيم الجميع في حمل الأدوات وإلمام الصندوق وكأنه صندوق الذهب ليجمع الأب حصيلة اليوم من عائد صندوقه ومن عائد صندوق متولي. وفي خلال العمل إذا قمت بمسح الحذاء عند متولي عينان أباه تشكران لك العرفان والجميل بينما هو يغني هذا العزف المنفرد علي حذاء الأخرين. الفرق بين متولي وأبيه أن اباه قد رضي بالمهنة ولا يجيد غيرها سبيلا بينما يعد متولي لحلم السفر. نعم هذا الحلم الذي يجتمع له الأديب والمفكر والعالم هو نفسه حلم متولي الصبي الذي ترعرع وراء الصندوق يفتش عن أمل في الحذاء. تساوي الحلم حين لا تكتب قصيدة متولي، وتساوي الالم حين لا تخترع مهنة لمتولي ويزيد الجرح عندما لا تبني مصنعا لمتولي نعم متولي لا يعرف أن بلاده بها شركات للتبريد والتكيف. لا يعرف لأن ما يدرس له لا يهتم بسوق العمل أو إن متولي لم يهتم بالسؤال لكن الحذر واجب أن نفتح أفق التلاميذ من خلال تدريبات عمليه توضح لهم هذا. كانت عينان متولي خضروتان للنن ملامحمة بيضاء وشعره مصفف وقصير يرتدي رداءا رياضيا بينما نعليه مفتوحتين كما هو الحال الضيق الذي يشكي منه وضع الأسرة. أتي مع أباه من بعد عشرة كيلو متر علي دراجة تحمل الصندوقين وتتحمل جسده مع أبيه. يسكن بقرية ولم تجد الأرض من يزرعها حال كثيرا من الفلاحين يهجرون الأرض للمدينة في معالم الطرد لإرث قومي من بلاد لم تكن بهذا البعد يغنيها خربشة الفأس بالأرض ونهيق حمار يحمل صاحبه مقربة من ديار تخبئ وجهها بالطين كعروس تنظر مياه تحيها وسفينة تروي الأمان لبر النهر وهذه الفرحه في وجه أم حين يعود الأب وابنه من يوم عمل شاق تزفهم بالبسمة وتقيم لهم الأفراح بوليمة وتسعدهم بكوب من الماء وثغر لا يعرف اليأس من ييأس من الأرض والأوطان الا عديم البصيرة والقراءة ومن يهجرها الا كل طالب لزواج بأم غيرها.
الأم تصب الماء علي يدي متولي: كيف حالك اليوم ؟
متولي: سعيد للغاية
الأم مبتهجة: هل هناك جديد اليوم
متولي: نعم علمت إن في بلادي شركات توظف دبلوم التبريد بألفين من الجنيهات بالشهر
الأم: من أخبرك عنها وهل تعرف مكانها؟
متولي: نعم أخبرني رجل يمسح حذاءه أستجوبني كما النيابة وكأنه رجل قانون
الأم في دهشة وهل هو كذلك
متولي: لا بل هو دليل ومرشد ووجهني إلي الانترنت للبحث عن الشركات وأخبرني عن واحدة تحمل اسم بلادي
الأم وقد انتهت من صب الماء بينما تلمع عينان متولي وهل تترك أباك؟
متولي: نعم فتلك الدرجات نحسنها ولانرث الفقر ولابد من التجديد في المال والدار وكنت أستبدل الأرض لكنني لن أفعل الان. أستدار متولي يمسك المنشفة يدخل حجرتة ويسمع بعض الأغاني التي تكثف حلمه وكأنه يعزف الناي تحت أوراق التوت وأشجار الجميز في عين الصبي أتولد الأمل في الاستقلال بالانسانية بالعمل والعائد أليست هذه أمنية كاتب يحلم بفكرة،وطلب عالم يحلم بسحر العلم هو التنوع في طبقات متعدده تسوقها قوة حياة حتي لا تنطفئ الشمس علي الأرض أو يعم الظلام. كان يسمع أغنية لعبدالحليم توبة كان يردد توبة إن كنت أحبك توبة. كان يعلن توبته من الصندوق ومسح الأحذية بينما يبصر أباه في حالة من العبس والغمام يراقبه وهو يردد أغانيه
الأب: هل قررت أن تغادرني؟
متولي: لا أستطيع أن أترك خفك فإنه أمان حياتي
الأب منبهرا ولما تقرر الرحيل؟
متولي: جدي كان مزارعا فضاقت الأرض فلم تتورث الفلاحة وطلبت الدخل بعد توزيع الميراث صندوقا لمسح الأحذية وتعلمت معك عليه حتي أصبحت أنت لست مزارع بينما أنا أصبحت ماسح أحذية
الأب: هي لقمة عيش نطلبها
متولي: نعم لقمة عيش أستبدلها، كما أستبدلت الحقول والعصافير التي تغرد وهذه الأرض التي تبور من شقاقها المستمر بين السكن وبين الطعام أختار الناس السكن ونس الجميع الطعام بارت الأرض وبارت أرزاقهم، أما أنا فأنا عامل تعلمت التبريد والتكيف بمدرسة الصنايع سأنتهي منها بعد شهر وأرحل الي الشركات
الأب: لا تنسي اصلك
متولي: وهل لي فروع إن نسيت جذور شجرتي نحن نحلم بعمقها حتي تخرج الثمار تسكن الطيور وتزاحم الأشجار وتثمر الثمار لتجذب الفراشات وتستمتع بخرير الأنهار. هي حدوة الفرس حين يسابق الزمن، ويجري علي الأرض في سباق ولا يجرؤ أن يفعل من غير حافر مهذب ومستقيم.
الأب : عليك أن تذاكر لتحصل علي الدبلوم بالبداية وأنت معي لن تترك مكانك الا إذا أستلمت العمل.
متولي: نعم سأفعل هذا ولن أتردد فقط يرضي الله عني ويوفقنا
كان الاب لا يريد لمتولي أن يتركه فإن نصف الايراد لن يتوفر برحيل متولي إلي وظيفة أخري أخذ يليهية ويبعده عن المذاكرة ويعطل تدفق أيامه حتي لا يأنس لكتاب ولا يذهب للعملي بالمدرسة. أكتشف متولي الأمر وذهب في حيرة شديدة كحال الشمس في الشتاء حين تتعامد علي الرؤس هل تشع الدفئ أم تغيب للبرودة لكن الأمر تذكره متولي حينما سجل رقم الزبون الدليل له علي العمل بالشركات. تحدث معه بالهاتف وقص له ظروفه وحاله. تحمس الزبون وقال له إإتي الي، وكان الصراع بشق ريح الأيام الدقائق والساعات وهذه الثواني التي تقرب علي الانفجار في صراع مع أبيه. إلتقي بالزبون وفرح للغاية به ثم تحدث مع شركة تبريد لترعاه في العمل والدراسة وبالفعل ربحت فكرة الزبون وجهدة وسكن متولي بالشركة نظير التنظيف والحراسة بالليل لزيادة الاطمئنان وكأنه فرد أمن براتب أخر لم تكن الشركة إلا باب للانتقال من مهنة لأخري لكن أبو متولي لم يتركه أتهمه مرارا وتكرار بالسرقة وضياع الأشياء وأتي له بالشرطة لتسجنة بالادعاءات الا إن الزبون كان في الموعد ليحجب التهم عن متولي ويدفع عنه أذي أبيه بينما الأم تراقب الموقف لا تستطيع عمل شيئ لتقاوم أنحراف زوجها عن الصواب وبعد إبنها عن البيت وقلة الايراد والعائد اليومي. ذهب اليه لترجعه غلي بيته لكنه رفض هذا حتي بكت وكأن السحاب يبكي معها لتغسل ذلها وحاجتها من الفقر تيقن متولي سبب دموع أمه فكان يقسم راتبه بينه وبينها حتي انتهت دراستة وتفوق وسجلت له الشركة عقدا وكان يناوب السؤال عنه هذا الزبون. إلي أن طلب متولي للخدمة بالجيش فكان بينهما لقاء
متولي: أشكرك علي رعايتك لي
الزبون فلتشكر الله هو من يبسط الرزق
متولي: هل هذه طبيعتك لكل الناس
الزبون: كلنا نبسط يدينا لله فيد بسطها لك والأخري بسطها لله ومنها يأتي الرزق من التعاون
متولي: ولما أنا؟
الزبون لتطور حالك فلا ترض ميراث صندوق غلب عليه أباك مادمت تحمل فكرا أخر هي مساعدة للتغير. وكما بسطت إليك يدي. متولي مقاطعا بل أنا من بسطت يدي ، الزبون مبتسما لاتدري من يبسط يداه للأخر فتلك المقادير عليك أن تفعل ذلك مع شخص أخر وعندما تفعل ذلك وصيه أن يفعله مع شخص أخر هنا نتغير ويحل علينا الرخاء. فبدلا من ميراث الصندوق من الأجانب نرث المصانع والقلاع ليحل النعيم علي الأرض وتزدهر الأوتار بلحن السعادة في عيون خضراء مثلك وعيون سوداء مثلي وعيون تبكي في مكان لا نعلمها ولا ندري كيف ننقذها. استودعا بعضهما وارتدي متولي لبس الجندية بينما الزبون ذهب ليبسط يده لشخص أخر وبعد سنوات كانت الأرض كما يريد الزبون الجميع يساعد بعضه البعض. حتي إن الزبون مارس ذلك مع أبو متولي وجعل منه شخصا أخر أمن بالفكرة التغير ومساعدة الناس هي سنة إلهية فالنبات أرض لا تخلو من العطاء والانسانية نهر لا يعرف العذوبة الا بالشاربين وهذه الأنعام لا تمارس حبها الا من ضرعها لبنا يطعمك ويطعمني. هكذا إعمار الأرض والأوطان نتعلم المنح له كما نمنح أنفسنا. إن أعطيت وطنك ومنحته كانت هذه الأشجار التي تقيك حر الصيف وضيق النفس وأدمغك بالصلاح. بينما متولي علم أخر العطاء بالبسط والمساعدة وجد فتاة طلبها للزواج بعدما جهز بيتا وأثث له أثاث جميلا أنجب أولادا لا تحمل إلا العطاء والتغير بالعطاء بينما أخوته يرضعون من ثدي أمه يمنحهم الحب والمال والأمل ويلقنهم درسا بالحياة أن هذه الأرض نحن من نكرمها أو نهينها فتخرج الفرح وتكر الطلح فنعيش بجدوي لا سدي فتكتبنا الأجيال كانوا هنا ولم يمروا سهوا. كذلك أنتم لن تمروا سهوا الا باعطاء والتغيير.