قصيدة: صرخة في زمن الضلال
قصيدة: صرخة في زمن الضلال
أيُّها الليلُ البهيم، أنظر حولك،
كيف تطغى عواصفُ الهلعِ والضياع؟
تسري نسماتُ الجهلِ في أرجائنا،
كأنّها سرابٌ يُخفي الحقيقةَ في البعاد.
في زوايا المدائن، ووسط الشوارع،
يُنثرُ الرعبُ في قلوب الحالمين،
وغيمةُ الشكّ تُظللُ عقولنا،
وتصير الأحلامُ كالفراشاتِ المكسورةِ في السنين.
يا شعوبَنا العربية، ما الذي جرى؟
لمَ صمتت الأصواتُ عن الحق، مُستسلمة؟
وفي الأزقةِ تُكتبُ كلمتا:
“خيانةٌ، ضياعٌ” ولكن من اختارَ العتمة؟
كان زويلُ في ميادين المعرفة،
يخترعُ في الفيمتوثانيةِ، يزرعُ الأضواء،
وزوجته بقلوبها السورية،
تأبى أن تُسلمَ راية الفخرِ للهواء.
لكن، أين نحنُ من ضوءِ العقول؟
حين تموتُ عربتنا يومًا، ساعةً بعد ساعة،
نحن الغافلون عن طريق النور،
نسيرُ في مساراتٍ مملوءةٍ بالضياع.
فلا الوقتُ يكفي للسكوت،
ولا الدقائقُ تغفرُ الزمنَ الأعمى،
كأننا نرقصُ على صخرة الجهلِ،
رغم أنف الصرحِ المعرفيّ المُعَمرِ بعظمة السما.
يا ليتَ قومي يعلمون،
أن العلمَ شمسٌ تُحرقُ خرافاتِ العصور،
لكنهم اختاروا الضلالَ دربًا،
فأصبحوا نصف كائناتٍ ضائعة.
سأصرخُ، سأكتبُ في زوايا الألم،
أن الأملَ ما زال يتعلقُ برمشٍ،
ففيمَ المسيرُ وسط الظلام والجهل؟
بل في الفجرِ، هناكَ نورٌ يُشعلُ المدمعَ المُنسى.
يا عربُ، يا من طوّعتُم الأوجاع،
كفانا هذرًا، وكفى نحيبًا،
فلننقلب من الهاوية لنحيا،
ونصنع من الغدِ عزمَ البقاءِ والمقاومة.
فالعلمُ وعدٌ، والقوةُ إصرار،
وبصيرتنا سلاحٌ في خضم الحرمان،
فلنستعدِ بهمةٍ لنعيدَ صياغةَ الوجود،
ونرسم طريقَ الفخرِ بالعقولِ النيرةِ والأذهان.
سَلّموا دمشقا، لا عربي يشتري
إلا الصهيونية، فقد باعت عرقنا العربي
حلّت عَلى بلادنا أشباحٌ غريبة،
تقلّبُ في حضارتنا كأمواجٍ بفوضى عميقة.
وفي السوقِ، تُباعُ هلالُنا الخصيب،
وعرشُ نهرِ النيل وتاريخُنا الذي لا يُحجب،
وحضاراتٌ قديمة، من بابل وأشور،
تت shred كالأوراق في رياحٍ من الغدر.
هدْهدُ سليمانَ يرفرفُ بعيدًا،
وصحفُ إبراهيمَ تُحرقُ في زمنٍ أعمى،
تسقطُ القيم، وتضيعُ الأخلاق،
ونحن نغفو على أعمدةِ الكذبِ في زمنٍ عَمياء.
أيها العربُ، كيف نسمح لهذا يمر؟
كيف نُقَبلُ الذلَّ والأمرَ يتعثر؟
فالمستقبلُ يُكتبُ بدماء الشهداء،
وتاريخُنا حكاية تفوحُ برائحة الغير.
بيعٌ وشراءٌ حتى الآثارُ باتت سلعة،
في مزادٍ يجري كل يومٍ، بلا قسطٍ ولا رحمة،
لكن في قلوبنا حرقةٌ لا تموت،
وفي دمائنا جيناتُ الأبطالِ التي لا تُسقط.
يا سلاحَ الوعيِ، ارجع لنا قوتنا،
وهب لنا الفجرَ الذي ينقشُ في السماء،
سيعود الأملُ في قلوبنا كطائرٍ مهاجر،
ولن نبقى تحت وطأةِ الضياعِ، عنفوانًا.
فلنتحدَ، لننقضَ على قيودِ الجهل،
فالصمودُ سلاحٌ، والعلمُ علمٌ يُعانقُ العجب،
لنسترجعَ هويتنا من رمادِ الأحقاد،
ولنرفعَ راية المجدِ، فالتاريخُ يُلقنُ الندم.
سَلّموا دمشقا، سنعيدُ بناءَ الغد،
فكما ولدت النور، سنولدُ في الحرية،
فلنسمعَ صدى الأجدادِ، في كل زقاقٍ،
ولنجعلَ من ظلامِنا نورًا، يغزو جوارِ السمواتِ.
إن الأسدُ في قفصهِ الآن، محصورًا،
بين الفرس والروس والأتراك، كلٌّ يبحثُ عن مصيرٍ مُظلم،
بيدَ الموتِ أو الحبسِ، تُقسمُ الأقدار،
وترثي بُعدًا عن الحرية، ضاع في أحقابٍ ماضياتٍ.
لا يوجد مصلي في الجامع الأموي،
أين الصلواتُ وقد شغلتنا الأنباء؟
هذه صياغةٌ عصريةٌ لماضٍ تاريخهُ م حبس،محبي
أيةُ حدودٍ وضعت في صدرِ القوم،
وأي أحقادٍ تزرعُ في نفوسنا الألغام؟
كأننا في بستانٍ، لكن كل ثمراتهُ مُرة،
وفي عقولنا الأغلالُ، تحبسُ صوتَ العروبةِ في سكونِ الأوان.
راقبوا، فالعالمُ يعيدُ ترتيبَ الأوراق،
في زمنٍ تُداسُ فيه الكرامةُ فتهربُ،
فالأسدُ، رمزٌ للشجاعةِ، لكنّه مُقيد،
يرى ويلٌ في عينيهِ حكايا الفراق.
يا أجدادُ، أين عزيمتكم القديمة،
في زمنٍ بات الليلُ فيه أغلى من النور،
في كل زاويةٍ تتساوى الذكريات،
لكننا بحاجةٍ لصحوةٍ تُعيدُ لنا العطاء.
حلمنا في جامعةٍ للعرب،
وفي بيوتنا ينمو حبُ العطاء،
فلنصبحَ أمةً ترتفعُ فوقَ الأحقاد،
نجددُ عهود العطاء في زمن المسراتِ.
لنقف صفًا واحدًا، تحت راية العدل،
ونمسحُ عن جبينِ التاريخِ غبارَ الحزن،
لنسترجعَ هويتنا كالأقمارِ المتلألئة،
فقد حان الوقتُ، لنزهرَ في عهودٍ جديدة.
إن الأسدَ، في قفصهِ، سيتحرر،
عند أول خيوط الفجر مع عودة الأحبة،
فنحن أبناءُ التاريخ، ولن نرضخَ للمصير،
نجددُ العزيمة، ونرفعُ صوتَ الحلم.
إن الأسد ليس حاكم سوريا، بل هو كل حاكمٍ عربي،
تآمروا عليه وأقنعوا الشعوب بل وأدخلوا الفتنة،
فأظهروا لهُ كأنه سبب التخلف الذي يعصف بنا،
وزعموا أن نهضة الغرب لا تعني شيئًا إلا الرهينة.
نشرت القصص المزيفة لتسقط حاكم الصومال،
إلى حاكم اليمن، وحاكم ليبيا، وتونس المولّعة،
مصرُ، العراقُ، لبنانُ المزعزع،
تتهاوى الأسود واحدةً تلو الأخرى، وكأننا في القتال.
لكن هذه الأسود قد ماتت، وظنوا أننا بلا أسود،
لا يعرفون أننا كالغابة، نعيشُ في ديمومةٍ مزدهرة،
نتوالد في خصوبتنا، نبني مجدَ الأيام،
ونسقي بالشعر نهر روايتنا حتى نصل للقدسِ الحرة.
لأن الوعود التي تسلمناها ليست هباءً،
بل كمفتاحٍ لقضيتنا، نكتبُ فيها الأمل،
فكل حاكمٍ سيسقطُ أمام إرادة الشعب،
وسنرفعُ الرؤوسَ عالياً، في خيمة الكبرياء.
فلتعلموا أن التاريخ سيتجدد، والأفكار ستنمو،
فالشعوبُ كالشعلة، لا تُطفئها النيرانُ،
سنتحدى الزمانَ، ونبني حضارةً جديدة،
تستقوي بالشرف والثقافة والفن والشعرِ.
دربُنا طويلاً، لكن في القلبِ عزيمة،
لن نترك الغابةَ، بل نزرعُ أشجارها،
ونحمي الأسودَ فيها، نُزيّنُهم بالألوان،
فكلماتُ الشعر سلاحنا، وتمضي بنا نحو الجنان.
فلندعُ الأملَ، في كل مرحلةٍ تنبتُ،
وكلماتٌ كالعصافير، تنشدُ في الأفقِ الواسع،
نجتمعُ، نُحرّر ضمائرنا، والدربُ واضحٌ،
وعدنا بأن نكونَ أحرارًا، في زمنٍ يُكتبُ فيه المجد.
ماتت العروبة وسقط من خليجها،
ويحاربون القلب بالفقر والمخدر،
هذه حرب الأفيون ضد مصر،
هذه الأراهب ضد قلب عروبتنا،
لن يثنينا عن الموت، وعن عشقنا العربي،
هذا المصير المحتوم لبعد ثقافتنا،
هذا التراث الذي لا يزول.
هي الراية التي تسلّمناها من الأيوبيين،
ومن الإخشيد، والمماليك، والعثمانيون،
حين نشروا الظلام في زمن الطغاة،
لكن كتاب قريتنا لم يمت،
كان كمصباح جدتي، نشعله بالزيت،
رغم أنهم اشتروا الغاز والبترول،
وكل الطاقة من العلم، لنظل جهلاء.
لكن أرواحنا لا تُقهر،
تربتنا لن تسكون، فهي للموت،
حين تشهدها السعداء، نحن في جهاد،
نجعل من الألم شموخًا، ومن الضيق فجرًا،
لن نتوقف، فالفكر سلاحنا،
والقلم رفيقنا، يعيد لنا ما ضاع.
يا أبناء العروبة، لنركب أمواجَ النور،
ونضمّ صرخاتنا تحت رايةٍ واحدة،
لنجعل من التاريخ درسًا للجميع،
فالأوطان تبنى بالأخلاق والمبادئ،
لن نُغفِل القضية، بل سنفتح لها الأبواب،
نستعاد هويتنا، ونبني موطناً يُعلي من شأننا.
فلنغنّي للعروبة، وللحرية، وللفكر،
فهي بصيصُ الأمل في عتمةِ الظلم،
فلنكون زهرًا في بستانٍ من أحلامٍ،
نجعل من كل دردشةٍ قصيدة، وكل حرفٍ دفقًا من الشوق.
ماتت العروبة لكن نورها في قلوبنا،
فكلما ارتجّت الأرض تحت أقدامنا،
أعلنا ولاءً لأرضٍ أحببناها،
فالعروبة لن تموت، ولن نغفل المكافح،
لنستمر في بناء غدٍ برّاقٍ لأجيالنا.
هي مصر جائزتنا الكبرى،
القيم بشكل وطن، والعدل في شكل أرض،
والحرية في شكل هوائها،
هي القوة حين يشد جندها دانة مدفع،
وأجزاء رشاش ليميط الأذى،
للعلم جزءٌ بنهار الصباح يتنفس.
فلن نموت طالما مصر حية،
أبية تعيش بنا، سباق الهوية،
هي مصر تمر بنا بكل صدق،
حين تباع القضية، فكل قلبٍ ينادي،
القدس قضية، وطرابلس قضية،
وصنعاء قضية، وبغداد قضية.
ودمشق قضية، والخرطوم حين تنام،
أفريقيا تُصبح استقرارها كل قضية،
فذهبها تصاغ به القاهرة،
على فارسها المصون،
ليحمل عنا كل أعباء القضية،
محكومٌ بالهم، ألا تسقط أي أوراق.
لعروبتنا لها قضية، فنحنُ المدى،
وأصواتنا تتردد في فضاء الكرامة،
لندافع، ونعيد بناء كل حلم،
ولن نترك رياح الفتنة تهب علينا،
فمصر فيها الحلم، وفيها النور،
هي بداية كل طريق ينتهي إلى الحرية.
فلينطلق الصوت، ويعلو النشيد،
في كل حارة، وفي كل ساحة،
نتوحد معًا، لأننا معًا قوة،
فالشمس التي تشرق من القاهرة،
تنير الطريق لكل من يطلب العدل.
لن نبيع القضية، ولن نحيد،
فكل قدمٍ تخطو نحو المجد،
تكون يوماً بإذن الله، بدايةً لنهضة،
فهي مصر، وقلوبنا، وحولها شرفنا،
لكل ما ينادينا، يجب أن نكون،
أحرارًا، نكتب التاريخ، ونبني غدًا لنا.
لمصر ألا تقبل العزاء،
وألا تضعف من فقر،
وألا تلين مع الصهيوينة،
ترفض الماسونية،
تبيح للعقل العربي،
و الإسلامي، و الأفريقي،
بصيص علم عن أوراق قضية.
هي مصر، اسمعوا، هي مصر،
فارفعوا الأعلام، فقد نالت بكم الحرية،
تتسابق الخطى نحو العلى،
وتنحت من الصخر مجدًا،
تفتح ذراعيها لكل طامح،
وتستقبل القلوب، تحمل الأمانة.
فمصر، لا تسقط في زوايا الهموم،
بل تقف شامخةً، وعزيمتها كالجبل،
تستلهم من ماضيها، وتقود المستقبل،
تكتب بصبر، أسطورة النضال،
فكل شموخ اليوم، هو بذرٌ لرؤيةٍ جديدة.
يا أبناء الكنانة، يا رفاق الدرب،
اجعلوا من آلامكم أنشودةَ نصر،
فالقضية تعانق الحلم،
والشعب يحمل عبء المحبة،
يدافع، وينشرح قلبه في المحن،
ليس بالذل نعيش، بل بالكرامة.
فارفعوا الأصوات، فهذه مصر،
التي تشرق من قلبها كل شمس،
وينبض فيها كل الأمل،
لتكون شعلةً في ليل الظلم،
ستظل حرةً، وسيبقى عرشها،
قوةً في الأرض، رمزًا للبقاء.
هي مصر، وكل جرحٍ بارز،
يحكي قصةَ صمودها، وعزيمتها،
فهي ليست فقط أرضًا،
بل وطنٌ في أعماقنا يضج بالحياة،
مصر، يا قلب العروبة،
ستجدين فينا دومًا رفقاء الدرب.
يا ربّ في دعائي نرفع الصوت،
نستجدي رحمتك، ونطلب النصر،
لبلدٍ يحيا في قلب كل غريب،
نتمنى السلام، ونجدد العهد،
بأن تبقى مصرٌ، شامخةً للأبد.
اللهم أكرم مصر بالنبي الحبيب،
وعيسى الطبيب، وموسى الكليم،
فيها السلام، وعطر الإيمان،
فلتعمّ البركة في كل مکان،
وتزهر الدروب بأحلى الألوان.
بين قبور الصحابة، وأل بيت محمد،
نستظل بدعائهم، فهُم نورٌ في العتمة،
فبارك ربنا رئيسها،
في أعوام الصبر، وأحلام الشفاء،
وأمنحهم القوة في مواجهة الأمواج.
يا من تجيب الدعوات، في اللّيل والنهار،
أغمر مصر بحبّك، في كل الأركان،
واغسل همومها، وكن في عونها،
لتواصل الطريق نحو المجد،
بقلوب الأبية، ونوايا المخلصين.
اجعل من أرضها ملاذًا للأمل،
وحضنًا للسعادة، وفجرًا يتجدد،
يا رب ارحم الشهداء، أبطالنا،
ودعنا لهذه الأرض نبني ونعيد،
فكل دعاء ينادي: “لمصر السلام”.
مع تحياتي
إيهاب محمد زايد
القاهرة- دار السلام
الثانية وخمسة وعشرون دقيقة بعد الظهر
8-12-2024
لعلهم يعلمون أننا نقاوم مخططهم