مصر: إيهاب محمد زايد
في مقتبل العمر حين تتهيأ الطباع لتشكل عالم الرجولة مازال يحلم بعمر قادم فقط علي لوحة الحاسوب وشاشتة يكره التواصل مع الناس ولا يخرج من البيت بل لا يخرج من الغرفة إلا دخول الحمام بينما شعره يشبه عش الطيور يفقس فيه بيض الهم وتفرخ فيه الأحزان يتأوه من هذا الصراع بين أمنياته أن يصبح مبرمجا وبين هذه السنوات التعليمية التي يقضيها يتسرب من التعليم فيرسب ثم تكرر المرات للعدد ثلاث يبكي أبه علي حاله بينما هو يعد هذه الأقراص التي يكتبها له الطبيب يشاهده الأقراص كمن يشاهد فيلما أباحيا لا حياء فيه ولا علامة للأدب هذه المادة المضاادة للأكتئاب تخرج منا مشاعر الخوف، خوف علي الماضي ، خوف علي المستقبل والقضية هي الخوف من الأخر الذي يهدد الأحلام بينما هو يعيش في الوهم من الخروج من المنزل لا يجرأ أن يخرج إلي الشارع بل يري الشارع عدوا ثم كل ستة أشهر يذهب إلي الحلاق حتي يأتي له الحلاق ليقنع شابا بأن عليه أن يهذب الشعر واللحية. سمة هذا العصر هو الصراع علي هذه اللحية بين متسلف وبين مستقدم لا يعرف إلا أوهاما وبين نموذج جديد من عالم الموضة ثم تجارة رهب الناس وتخويفهم من دين الله الحنيف. تذكر هذا الشاب أن عليه أن يذهب إلي اليوتيوب يشاهد أسس البرمجة بينما لا يعرف أن عروبتة كانت أساس فيها فيحلم بألمانيا بينما يشرب قرصا من الدواء فتهدأ الاحلام لهذا العقل الذي يخترج حيا شعبيا في أطراف المدينة تتملئ الشوارع بالقمامة بينما يعيشون علي الصدقات ومن يخرجون الزكاة وأخيرا بعض من العطايا التي تأتي من هنا وهناك لايري هذا كله هو يري حلمه الذي يريد أن يصبح فيه مبرمجا. تري هل هو مبرمجا أم يريد طبيبا يعيد إليه ذهنه الصافي من عوار الصراع بين البيئة التي يعيش فيها وبين هذه الأحلام التي تسكن خلايا عقله هذا الضوء الذي يجذب فراشات أحلامه هو نداهة العصر الانترنت يقلب الصفحات بوتيرة تقليب الأيام في ثلاث سنوات يرفض الخروج من المواقع إلا هذا السلطان الذي يحكم البشر النوم يصاب النعاس بعد الثالثة فجرا تخمل ثنايا رأسة تحت وطأة النوم وكأنه إغتيال مسلح ومدجج بالسلاح يمنعه من التقليب بين الصفحات مرة التواصل الاجتماعي، ومرة أخري بعض من كتب البرمجة والبعض الأخر والباقي رموش لا تغيب عن التواصل المتعمد مع مواقع لا محل لها من إعراب التفانين التي لا صحبة فيها كل الوقت متاح إلا لهذه الكلمة المذاكرة التي يجب أن تدفعه الي التفوق والخروج من هذه الكومة من عالم السراب كنخلة علي مداد الرؤيا في الصحرا، كبئر ماء للعطش لكل عابر سبيل وكواحة هدوء عميق يتسرب فيها بعض الضجيج أحيانا. تري الأم إن ابنها يفعل مايريد بينما يراه أباه مرة ملموسا ومرة يسكنه الجن ومرة أخري يحتاج إلي علاج نفسي. الجميع علي وشك الإنفجار من الهم والحزن. شيخ يسلم شيخ يسلم طبيبا يسلم شيخا يسلم شيخا ثم يسلم شيخا ولم تنتهي المشايخ من بلح اسرائيلي إلي ديك سوداني بينما هذه الطبيبة التي تجري جلسات نفسية جلسة إسبوعية لقد أصبح تقريب المسافت قوة في تقدم البشرية في عالم لا ينتهي من الظنون التي تعبث في ذهن هذا الشاب الذي يحلم ثم يحلم ثم لا يفعل شيئا الا الوهم وكأنها أحلام هياكل عظمية. في كل عام يقدم له أباه في الامتحان بينما يرفض أن يخرج من المنزل جعل كلام المشايخ مصدقا بأن هناك عملا سفليا يتصارح المشايخ مع الطب النفسي وتظهر في الأفق طاقة روحية هذا الصبر الذي يحيط بالجميع الأب والأم والاخوة ورغم البساطة إلا بينهما رابط لاينفك هو الأمل الذي يأتي كشعاع شمس علي نافذة بها ستائر سمراء، وكفجر يهرب من ليل دامس، وكضحي تتعجل للظهيرة ويبقي هو لا يتزحزح من مكانه هذا الحاسوب والانترنت والبرمجة والطبيبة النفسيه تدور كما تدور الأرض حول الشمس بينما يدخل أباه عليه
الأب: يا أحمد ماذا تفعل؟
أحمد: أراقب حبات الاكتئاب بعضها يلمع والبعض الأخر غامق اللون هل هي منتهية
الأب: مذهول مصدوم هي وصلت إنك تراقب شريط الدواء
أحمد: حياتي أرقبها بينما تصارعني الاحلام وتهزمني
الأب دامعا: ربنا يهديك يا أحمد
أحمد: هتشحن الباقة قبل ما تخلص
الأب: لا حول ولا قوة إلا بالله
بينما الأب يصارع لقمة العيش وتصارعه الهموم فهو باكيا مرة، متسلط مرة ومرة أخري فاقد الاتجاهات أمينا في هذا اليوم وغدا هو خائن لنفسه وللظروف ومرة ثالثة لا يعرف إلا الطيبة حياة. هذا الجنون في شخصه جعله كمواسم العام وليس موسما واحدا يحمل طبعا وحيد بينما تسلم الام نفسها للابتسامة والهدوء والاطمئنان تترك طفلها يفعل مايريد تستجيب له ولا تراه مريضا. تراه حالما متمرد علي الفقر تعامله أنه يحتاج الدفع يحتاج إلي قوة من روحها فلا تبكيه وهي تري إنه ايمانا بالله أن تعيش علي هذا الامل ابنها يخرج من قمقم أحزانة وأوهامة تعذره الأم لنظرته إلي عالم بلا ديون وبلا عوز وبلا صراع بين المبدأ والتطبيق. كانت هذه الأم تدرس في معهد أزهري بعض من نواقص مدرسات المعهد وتدس أحلامها بالعمل واللقاء بين القلوب الطيبة جعل هذه الأم أكثر ثباتا وإيمانا من هذه الظروف فالحنان كإشراق الشمس يوزع علي الأرض بالتساوي ولا يعني هذا الليل أن الشمس لا تشرق بل هي في إشراقات أخري. فكل طفل من رحمها أرضا للمستقبل وكل لحظة تبث فيها حنانا هي غريسة يوم القيامة إمتدادا لعالم جديد. مادام القرءان يملئ الصدر والتسبيح لا ينقطع، تدخل علي ابنها تري فيه بدرا وقمرا ترسل له حنانها
الام: ماذا تفعل يا أحمد
أحمد: أدرس لغة من لغات البرمجة
الأم: هل تجد هذا مجدي
أحمد: نعم سيقضي هذا علي كل ظروفنا
الأم: وماذا ستنتهي
أحمد: أسافر إلي خارج مصر حيث الانطلاق والظروف الحسنة واليورو والدولار وأرسل لكم كل ما تحتاجون وتصبحون أثرياء
الأم: ما أحتاجه الأن هو أمنك وأمانك هو عقلك وعلمك هو حلمك وغضبك وهي تنزل منها الدموع ما أحتاجه هو أنت لا شيئا أخري ثم تقبله تضمه ضمة كبيرة وتقبل راسة وتمتص غضبة. إسمها أية البرمجة هذه
أحمد هي لغة بايثون من البرمجة
الأم مبتسمة بسط يا أحمد ماذا تعني هذه اللغة
أحمد :هي لغة دوال الجبر ومنطق الفلسفة ومعادلات وخورزميات تم إنشاؤها في هولندا وهي المعنية بالاستسناء
الأم فرحة به: يعني بايثون من هولندا؟
أحمد لا هي من بريطانيا الاسم بريطاني واللغه هولندية المنشأ
الأم: كيف ذلك؟
أحمد: فان روسوم كان مثلي لا يصدقه أحد بهذه اللغه فكان يشاهد مسرحية بريطانيه مونتي بايثون والتي كانت تخرجه من الأحباط وتعالج اليأس وتزرع الأمل وتجعل الغيث يهبط علي أرض الجفاف وتجعل الغمر يذيب الماء في أرض معرضة للملوحة وتجعل التوصيف لحاجة الماء والسماد محدد وواضح لكل كيلو جرام من القمح وأنتهي الأن فان روسوم الهولندي إلي برمجة متعددة البراديم وجعلوا منه قديسا لانه صدق حلمه وجازف من أجل الحصول عليه
الام: ستكون مثله ان شاء الله
أحمد منزعجا: كله له وقت يحدث فية.
بينما هم جلوس يدخل الاب بشيخا أخر يشفيه يقرأ عليه القرءان ويضع عليه المسك والرعشة تمسك أحمد ويهزي ثم يذهب الاب لنقع البلح الاسرائيلي في اللبن لثلاث أيام متوالية ليشفي ابنة بعد شرب الكوب في اليوم الرابع لكن دون جدوي بينما تحدث خرافات أخري فلا يخرج الجن من جسد ابنة ولا يخرج الوهم من عقل أبيه تغيب الشمس المشرقة علي عيون لم تأنس أبدا لهذه الظروف الاستسنائية من الفقر والهزال والمرض. هذه الظروف التي تبعث علي الظلم بينما يتواري الخير. إذا كان الاختبار هو إعلان للنجاح فهو لا يعني أننا تعلمنا أو أتتمنا تعليمنا بينما الأحداث هكذا يرفض الأبن للمرة الرابعة دخول امتحان الثانوية العامة بالمنازل بعد إتمام الورق وتدابير وساطة لختمه بختم النسر فما زال أحمد يجلس علي الجهاز لايخرج إلا لبعض حاجاتة لا يهتم بالثانوية بينما يري حلمه هناك في أرض لا فقر فيها، لا عوز فيها ولا تعقيد يأخذ لب العقول ولا ينتهي أبدا هذا الصراع فما زال أحمد يضع لغة البرمجة البسيطة أساس لهجرة الأرض والوطن، هجرة العائق والمعوق يميتة العجز بينما يفتح له الإنترنت نوافذ العالم ليطل منها علي شرفات التقدم والحضارة وهو لا يملك تذكرة سفر مترو الأنفاق ليذهب إلي مطار القاهرة. سمي العجز من عظمتين مثلثتين الشكل في قمة ونهاية العمود الفقري وهو باع طويل بعلم النفس فهو الاضطربات النفسية التي تظهر في السلوك والحالة النفسية تنتج من أحداث تخلو من الحب من العاطفة من الاستيعاب فيكون الفرد الذي يعاني من العجز النفسي عاجزا عن التكيف مع الضغوط النسبة الناتجة عن الظروف الشخصية و الاجتماعية مما يؤدي إنى تعرض الفرد إلى مشاكل في إنجازه. مثل هذه الحالات هي عائق كبير في النهوض الاسري والوطني بل إن مثل هذه الاعاقة تتوزع علي كثيرا من الناس بنسب مختلفة فكل منا يحمل نسبة من العجز في تحقيق أحلامه فلابد أن تأخذ الدنيا غلابا لذا فإن المحترفون هم محاربون بالأساس لقوة الاقدام والتضحية بالنفس فهي منزلة الشهيد لأحياء فكرة مجتمع فأحيوا وطنكم بالأفكار ولاتعجزوا عن تحقيقها وحاربوا لها فهي متلازمة وطن. أحمد لم يشفي بعد لأنه تخلي عن الحرب من أجل حلمه، من أجل غدا يخرجه من حجرتة ومازالت أمه بها أمل بينما أبيه تبكيه الظروف فهو لا يتحدي كل الصعاب. يلتف الجميع حول طبقه ليأكله في ساعة فطار فالأحلام كالأطباق إما أن تأكلها وتبتلعها أو تصنعها فتكون بشرا أو تكون هيكل من عظام عليك أن تختار الأن الحلم وأرضك هي التربة التي تغرس فيها الحلم فأغرس حلمك بأرضك تعيش فيه الخلود