همسات

قصيـدة : أنا لا أحبها

قصيـدة : أنا لا أحبها
أريدها للعتب تمشي وتجلس بلا سبب
تفتح الازهار وتدمي العيون من القلب
تحارب بجنجر وتقتل الاحلام بالزهر
تري هل الزمن بيد الفلك أم بيد الله؟
هي قد أنصرفت ومنعها من رئسها ومن سواه
فأما من رئسها فقد كان يجهلني
وما ربي الذي سواه فقد أعلمني
كيف تكون الحكاية شوهة أم بداية
فالشهوة لاترسي الحنين
والبداية لماذا المكر وأنا أحببت مصر الواعية
لم أحبها هي جسدا أحببت الفهم والبرهان
أحببت حين تسكب النار علي الصدأ
يغيب الجرح من السرحان
أحببت مصر وهي بظل الجروح ثابتة الاوان
علمت من أمنها جيشا
وعلمت من رسلها سلاحا لا يدوي
كانت مصر ولم تكن إمرأة
كانت دفقات قلب حين تري عيون مصر
بنت الشهيد والذي ضحي
حين أورثها الرسالة
مصر يابنتي هي الامنه
هل تري للعشق مدي
كانت مصر العشق ولم أطلب الابتسامة
قابلتذاك بالهجاء وأسقط الكسف والسماء
وخرجت كل الجنون لتحمي نفسها بالعلياء
وجلست أنظر بالصبر هل بالبحب ثم غذاء
عرفت أنها تحرس مصر وهي لم تعرف
وعرفت إنها ذات سلطة سادت بكل شقاء
وكان السؤال ماذا تريد منها؟
ولم يكن السؤال عن مصر بسقاء
ظنوا من ضعيف مثلي كل السوء
وأردفوا في التعذيب والسخرية والخيانة
وذهبت أداوي جرحي في أمي ولم يكن لحبها علامة
كنت أقف عند تمويل الحب عاشق من عشاقها
مأزوم من حبها يرجي بشمسها الابتسامة
ماتت حين أستخدمت الصياط
ماتت حين زرعت للوهم بهاء
وماتت حين كشفت من أمرها هجاء
وبقيت هنا أروي الحب من قطرات السماء
لما يابنت المناضل هذا التصحر والجفاء؟
لما لم ترحمي ضعفي سواء بسواء
أسألها لماذا تلعب بالحب وجوفا فضاء؟
وأسالها لماذا عذبت بي الصفاء؟
وأسالها لماذا هشت كلماتي كحروف جرباء؟
ولا أريد لها سوي الستر ولا أطلب العناء؟
هل تعرف إن مصر أخرجت مغتصبين؟
لو حدث لم ينسب بالحب مستترين
أنا لا أريد زواجها بل أريد عتابها
لما الانسان رخيص بالارض غالي الثمن بشعرها
أنا لم أكن أحبها أردت للسعف نخيلها
بأرض مصر يجود ثمارها، ويعلو ظلالها

زرعتُ بها حنينًا، وارتوَتْ من دمع عيني
فأينعتْ أحلامًا، وعبقتْ أمانيها

نخيلٌ يرفع الرأسَ، كأن النجومَ تُناجيه
ويمسحُ بالنسيمِ جبينَ السماءِ

أحببتُها لأنها جزءٌ من روحي وقلبي
وأرضٌ تعبقُ بالذكرياتِ، وتُحيي رجائيها

فلا تُذبلْ يا ريحُ سعفَها، ولا تُحرقْ شمسُها
ففيها حياتي، وفيها أغنيتي وبُكائيها.

لا أريد زواجها ولا أريد أرغامها
وربما هي الصغيرة الكبيرة بشأنها

قلبي يُحدثني بأنها سرُّ وجودي
وأنها النورُ الذي يهدي ظلامها

أتراها تعلمُ ما أُخفي من وجدي؟
أم أن الحبَّ في صمتها يُكتمُ كتمانها؟

لا تُلوموني إذا ما انسكبتْ دمعتي
فالحبُّ بحرٌ، وأمواجُ الهوى تُغرقُ قوامها

أنا عبدٌ لعيونٍ سحرتْ فؤادي
ولقلبٍ لا يُقاسُ الهوى إلا بإحسانها.

قول لها: لا أرغامَ بالحبِّ، قول لها
الإنسانُ بالجبرِ مثلَ الصبحِ يُغنينا

الصبحُ يأتي بلا استئذانٍ، فيُشرقُ
والحبُّ يأتي بلا وَعدٍ، فيُحيينا

لا تُكرهيني على حبٍّ، فقلبيَ حرٌّ
والحبُّ إن لم يكنْ طوعًا، فما يُغنينا

أنا كالنسيمِ، إذا ما جاءَ يلمسُ ورقًا
لا يُجبرُ الورقَ أن يهتزَّ، بل يرضينا

قول لها: الحبُّ بحرٌ، لا يُقاسُ بعُمْقٍ
والقلبُ إن لم يَغصْ فيهِ، فلن يروينا.

أنا ابنُ مصرَ، بارٌّ بمصرَها
وأنا حرٌ على أرضِها، أرفعُ رايتها

أرضُ الكرامةِ، أرضُ العزِّ والفخرِ
فيها نشأتُ، وفيها عشتُ، أحمي ذراها

نيلُها يروي ضفافَ الزمنِ الجميلِ
وشمسُها تشرقُ فوقَ الدنيا، تُنيرُ مساها

مهما طالَ السفرُ، تبقى في فؤادي
أمًّا تُعانقُ روحي، وتُحيي أواصريها

فليفخرِ العالمُ بأرضي، فمصرُ
هي الحضارةُ، هي التاريخُ، هي الحياةُ فيها.

إن كانتْ هي مرامي، فملاذُ اللهِ بمصرْ
أرضُ الأمانِ، وأرضُ الحبِّ، والذكرياتِ تُعمرْ

فيها النخيلُ يُغازلُ نيلَها العذبَ
وفيها النجومُ تُناجي القمرْ

مصرُ، يا أمَّ الحضاراتِ، ويا درةَ الزمانِ
في قلبِها أجدُ روحي، وفيها أجدُ مقامي

لا تُسألْ عن عشقِها، فالعشقُ سرٌّ
والقلبُ يُحدثُ عن مصرَ، ولا يُفشي كلامي

فليبقَ النيلُ شاهدًا على حُبِّي لها
ولتبقَ مصرُ، كما كانتْ، ملاذَ الأنامْ.

أنا لا أحبُّها، أنا أعاتبُها
وأخفي في الصمتِ ما يُدمي فؤادي منها

هي كالنسيمِ، إذا ما مرَّ، يُقلقُني
ويتركُ في القلبِ أسئلةً لا أجدُ جوابًا لها

لماذا تُغري القلوبَ، ثم تفرُّ بعيدًا؟
لماذا تُشعلُ نارَ الشوقِ، ثم تتركُها؟

أعاتبُها لأنها سرُّ حزني وفرحي
ولأنها تعلمُ أني عبدٌ لسحرِ عيونها

فإن رجعتْ، فقلبي بين يديها
وإن تولتْ، فدعوا الصبرَ يُهدي سلامًا لها.
مع تحياتي
إيهاب محمد زايد
القاهرة- دارالسلام
20-2-2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى