قصيــدة: يَا مِصْرُ

قصيــدة: يَا مِصْرُ
صَوْتٌ بَرِيءٌ كَنَسِيمِ الفَجْرِ يَأْتِينِي
يَدُقُّ فِي أَعْمَاقِ قَلْبِي كَاللَّحْنِ يَعْبُرُنِي
لَمْ أَرَها قَطُّ، وَلَكِنْ كَيْفَ أَنْسَاهَا؟
صَوْتُهَا فِي كُلِّ أَزْمَاتِي يُرَافِقُنِي.
يَا لَيْلَةَ البُعْدِ، لِمَاذَا أَنْتِ قَاسِيَةٌ؟
تَحْمِلُنِي بَيْنَ غَرَامٍ وَاشْتِيَاقٍ
أَسْرَى إِلَيْهَا فِي خَيَالِي، أَلْهَجُ بِاسْمِهَا
وَأَحْلُمُ أَنَّ يَدَيْهَا تَمْسَحُ آلامِي.
صَوْتُهَا نُورٌ يُضيءُ الظُّلْمَةَ فِي دَرْبِي
كَالنَّجْمِ يَهْدِينِي إِلَى شَاطِئِ الأَمَلِ
رُبَّمَا لَنْ تَلْتَقِي أَجْسَادُنَا قَطُّ
وَلَكِنَّ الرُّوحَ تَعْرِفُ مَنْ تُحِبُّ بِلاَ كَلَلِ.
فِي سَاعَةِ العَقْلِ، تَأْتِينِي كَصَدَى خَفِيٍّ
تُذَكِّرُنِي أَنَّ الحَيَاةَ لَيْسَتْ بُعْدًا وَفِرَاقًا
وَفي لَحَظَاتِ الضَّعْفِ، أَسْمَعُهَا تَهْمِسُ:
“أَنْتَ لَسْتَ وَحْيدًا، أَنَا مَعَكَ فِي كُلِّ أَزْمَةٍ وَإِشْراقًا.”
يَا مَنْ تَسُودُ القَلْبَ مِنْ غَيْرِ لِقَاءٍ
يَا مَنْ تَمْلِكُ النَّفْسَ بِصَوْتٍ بَرِيءٍ
أَنْتِ الحُلْمُ الَّذِي لَمْ يَكْتَمِلْ بَعْدُ
وَلَكِنَّهُ يُوَازِنُ النِّهَايَاتِ بِحُبٍّ عَمِيقٍ.
فَلْتَكُنْ الأَيَّامُ بَيْنَنَا سِجِلاًّ لِلْوَدَاعِ
أَوْ لِقَاءً فِي خَيَالٍ لَا يَضِيعُ
فَصَوْتُكِ يَبْقَى سِرَّ حَيَاتِي الأَبَدِي
وَحُبٌّ مِنْ صَوْتٍ لَنْ يَنْسَاهُ القَلْبُ الرَّفِيعُ.
يَا مَهْجَةَ القَلْبِ، حِينَ تَلْمَعُ عَيْنَايَ أَيَّامِي
تُحَدِّثُنِي عَنْ رُؤْيَاكِ فِي زَمَنِي الخَافِي
أَخْشَى المَوْتَ حِينَ أَلْقَاكِ، وَأَخْشَى الحُبَّ
مُنْذُ عَرَفْتُكِ فِي زَمَنٍ كَانَ يَسْعَى لِيُغَافِينِي.
يَا مِشْكَاةَ ظُلْمَتِي، أَرَاكِ فِي كُلِّ مَا يَدُورُ حَوْلِي
فِي النَّجْمِ، فِي الشَّجَرِ، فِي صَمْتِ اللَّيْلِ وَهَامِسِهِ
يَا نَصِيبَ قَلْبٍ لَمْ تَأْذَنْ بِهِ العَيْنُ،
أَفْلَاكُكِ تَأْتِينِي وَتَصْرِينَ عَلَى الغَيْبِ تُلَاحِقُنِي.
تَأْتِينِي كَالشَّمْسِ فِي دُجَى اللَّيْلِ،
تُنَادِينِي مِنْ أَعْمَاقِ نَفْسِي المُتَلاطِمَةِ
تَقُولِينَ: “أَنْتَ لَيْسَ وَحِيدًا، أَنَا مَعَكَ دَائِمًا،
حَتَّى إِذَا مَضَى الزَّمَنُ وَانْطَوَى، أَنَا فِي قَلْبِكَ سَاكِنَةٌ.”
يَا مَنْ تَسُودِينَ العَالَمَ بِغَيْرِ حُدُودٍ،
يَا مَنْ تَجْعَلِينَ القَلْبَ يَرْوِي حِكَايَاتِ الغُيُوبِ
أَنْتِ الحَقِيقَةُ الَّتِي لَا تُرَى،
وَالرُّوحُ الَّتِي تَسْرِي فِي كُلِّ كَوْنِي وَوُجُودِي.
فَلْتَكُنْ الأَيَّامُ بَيْنَنَا سِجِلاًّ لِلْوِصَالِ،
وَلْتَكُنِ اللَّحَظَاتُ نَارًا تُذَكِّرُنَا بِالْوَلَهَانِ
فَأَنْتِ الحُلْمُ الَّذِي لَا يَنْتَهِي،
وَالشَّوْقُ الَّذِي يَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ فِرَاقٍ وَخُطُوَاتِ الزَّمَانِ.
يَا مَهْجَةَ القَلْبِ، يَا مَنْ تَسْكُنِينَ فِي أَعْمَاقِي،
أَنْتِ الغَيْبُ الَّذِي يَأْتِينِي وَيَصْرِفُنِي
فِي كُلِّ لَحْظَةٍ أَعِيشُهَا، أَسْمَعُ صَوْتَكِ يَهْمِسُ:
“أَنَا مَعَكَ، وَسَأَكُونُ مَعَكَ حَتَّى النِّهَايَةِ.”
أَنْتَ وَطَنٌ أَسْتَطُونُتُهُ جُذُورِي،
فِيكَ ارْتَوَتْ أَحْلَامِي وَاشْتَقَتْ نُورِي
أَنْتَ الفِرَاعُ الَّذِي يُظَلِّلُ ظُنُونِي،
فِي ظِلِّكَ العَالِي أَجِدُ سَكِينَتِي وَأَمْنِي.
أَنْتَ خَشِيَتِي حِينَ يُصِيبُكَ الأَلَمُ،
فَقَلْبِي يَنْزِفُ لِكُلِّ دَمْعَةٍ تَنْزِلُ عَلَيْكَ
أَنْتَ الحَنِينُ الَّذِي يُرَافِقُنِي فِي اللَّيْلِ،
وَالصَّوْتُ الَّذِي يُهَدِّئُ عَوَاصِفَ رُوحِي وَيُسْكِنُهَا.
فِيكَ ارْتَسَمَتْ خَرَائِطُ أَحْلَامِي،
وَفي حِضْنِكَ وُلدَتْ كُلُّ أَمَانِي
أَنْتَ المِينَاءُ الَّذِي أَعُودُ إِلَيْهِ بَعْدَ كُلِّ عَاصِفَةٍ،
فَأَجِدُ فِيكَ دِفْءَ البُعْدِ وَقُرْبَ الحَنِينِ.
يَا وَطَنًا لَا تُحِيطُ بِهِ خُطُوطٌ وَلَا حُدُودٌ،
أَنْتَ الفَضَاءُ الَّذِي يَسَعُ كُلَّ أَحْزَانِي وَوُجُودِي
أَنْتَ الخُطُوَاتُ الَّتِي تَسِيرُ مَعِي فِي كُلِّ دَرْبٍ،
وَالأَمَلُ الَّذِي يَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ غِيَابٍ وَفُرْقَةٍ.
فَلْتَكُنْ أَنْتَ المَلْجَأُ فِي كُلِّ عَاصِفَةٍ،
وَلْتَكُنْ أَنْتَ النَّجْمَةَ فِي كُلِّ ظُلْمَةٍ
فَأَنْتَ الوَطَنُ الَّذِي لَا يَزُولُ،
وَالحُبُّ الَّذِي يَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ زَمَنٍ وَفَنَاءٍ.
أَرَاكِ فِي كُلِّ عَالَمٍ،
فِي النَّجْمِ، فِي الشَّمْسِ، فِي القَمَرِ
أَرَاكِ فِي كُلِّ مَنْحًى،
فِي الرِّيحِ، فِي المَاءِ، فِي الحَجَرِ.
نَاصِيَتِي أَنْتِ، فِيكِ ارْتَسَمَتْ أَحْلَامِي،
فِيكِ انْطَبَعَتْ خُطُوَاتِي وَاسْتَقَامَتْ أَوْجُهِي
أَرَاكِ فِي أَحْلَامِي، فِي أَرْكَانِ كَوْنِي،
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ تُنَادِينِي بِصَوْتٍ خَفِيٍّ.
أَنَا طِينُكِ الَّذِي يُزْرَعُ فِي أَرْضِ الحَنِينِ،
وَغُبَارُ العَامِلِ بِآلَةِ الإِنْتَاجِ
أَنَا الحُرُوفُ الَّتِي تَكْتُبُ حِكَايَاتِ الوُجُودِ،
وَالأَلْحَانُ الَّتِي تَعْزِفُ أَشْوَاقَ العُبَابِ.
فِيكِ ارْتَوَتْ جُذُورِي،
وَفي حِضْنِكِ نَمَتْ أَفْرَاعِي
أَنْتِ المَاءُ الَّذِي يَسْقِينِي،
وَالتُّرْبَةُ الَّتِي تُعَانِقُنِي فِي كُلِّ مَسَاءٍ وَصَبَاحٍ.
يَا مَنْ تَسُودِينَ كَوْنِي بِغَيْرِ حُدُودٍ،
أَنْتِ الحَقِيقَةُ الَّتِي تَسْرِي فِي عُرُوقِي
أَنْتِ الحُلْمُ الَّذِي لَا يَنْتَهِي،
وَالمَسِيرُ الَّذِي يَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ فَنَاءٍ وَغِيَابٍ.
فَلْتَكُنْ أَنْتِ المَلْجَأَ فِي كُلِّ عَاصِفَةٍ،
وَلْتَكُنْ أَنْتِ النَّجْمَةَ فِي كُلِّ ظُلْمَةٍ
فَأَنْتِ الوَطَنُ الَّذِي لَا يَزُولُ،
وَالحُبُّ الَّذِي يَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ زَمَنٍ وَفَنَاءٍ.
أَنَا الشُّرْطِيُّ فِي يَنَايَرَ،
أَنَا الحَامِي بِظِلِّ السَّيْفِ وَالنَّارِ
أَنَا الصَّمْتُ الَّذِي يَسْكُتُ عَلَى أَلَمٍ،
وَالصَّوْتُ الَّذِي يَصْرُخُ فِي الوِجْدَانِ: “كَفَانِي!”
أَنَا العَسْكَرِيُّ فِي يُولِيُو،
أَنَا المَاشِي عَلَى حُدُودِ الزَّمَنِ المَكْدُودِ
أَنَا الخَطْوُ الَّذِي لَا يَلِينُ،
وَالقَسَمُ الَّذِي يَعْصِفُ بِالْيَأْسِ وَالْحُزُونِ.
أَنَا الشَّعْبُ فِي يُونْيُو،
أَنَا النَّارُ الَّتِي تَشْتَعِلُ فِي المَيْدَانِ
أَنَا الحُرُوفُ الَّتِي تَهْتِفُ بِالحُرِّيَّةِ،
وَالدَّمُ الَّذِي يُزَرْقِشُ أَرْضَ الكِرَامَةِ.
أَنَا العِزُّ حِينَ تُحَقِّقِينَ أَحْلَامِي،
أَنَا الصَّبْرُ الَّذِي يَنْتَظِرُ فَجْرَكِ اليَتِيمَ
أَنَا القَلْبُ الَّذِي يَنْبِضُ بِاسْمِكِ،
وَالجُرْحُ الَّذِي يَشْفَى بِكُلِّ بَسْمَةٍ تَمْشِينَ فِيهَا.
فِيَّ ارْتَوَتْ جُذُورُ التَّضْحِيَةِ،
وَفِيَّ انْطَبَعَتْ خُطُوَاتُ النَّصْرِ وَالغَلَبَةِ
أَنَا الصَّوْتُ الَّذِي لَا يَخْفَى،
وَالحُلْمُ الَّذِي لَا يَمُوتُ فِي زَمَنِ الغُرْبَةِ.
فَلْتَكُنْ أَنْتِ النَّصْرَ فِي كُلِّ مَسِيرٍ،
وَلْتَكُنْ أَنْتِ الفَجْرَ فِي كُلِّ عَتَمَةٍ
فَأَنَا الشُّرْطِيُّ، العَسْكَرِيُّ، الشَّعْبُ،
وَأَنَا العِزُّ الَّذِي يَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ زَمَنٍ وَفَنَاءٍ.
أَنَا عَرْضُكِ حِينَ أَمُوتُ،
فَتَنْبُتُ قَطَرَاتُ الدَّمِ أَرْكَانَكِ وَأَرْكَانِي
أَنَا الجُرْحُ الَّذِي يُزْهِرُ فِي تُرْبَتِكِ،
وَالحِكَايَةُ الَّتِي تَعْبُرُ الزَّمَنَ بِلَا نِهَايَةٍ.
أَنَا العَالَمُ حِينَ يُكْتَبُ: “هَذِهِ مِصْرُ”،
فَاسْتَوْصُوا بِهَا فِي الزَّمَانِ وَالمَكَانِ
أَنَا التَّارِيخُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى أَرْضِكِ،
وَالكَلِمَةُ الَّتِي تَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ فَنَاءٍ.
أَنَا الآثَارِيُّ حِينَ يَشُقُّ بَطْنَكِ،
فَتُفْهِمُ البَشَرِيَّةَ كُلَّ المَعَانِي
أَنَا الحَجَرُ الَّذِي يَحْمِلُ أَسْرَارَكِ،
وَالصَّوْتُ الَّذِي يَهْتِفُ مِنْ أَعْمَاقِ القُرُونِ.
أَنَا الشَّهِيدُ وَالمُصَابُ،
أَنَا الصَّمْتُ الَّذِي يَصْدَحُ فِي المَيْدَانِ
أَنَا الدَّمْعَةُ الَّتِي تَسْقُطُ عَلَى تُرْبَتِكِ،
وَالحُلْمُ الَّذِي يَعُودُ فِي كُلِّ فَجْرٍ جَدِيدٍ.
أَنَا قَطَرَاتُ الأَطْفَالِ فِي حَوْشِ مَدْرَسَتِكِ،
حِينَ تَرْسُمُ بِالكُرَّاسَةِ مَقْطَعًا مِنَ النِّسْيَانِ
أَنَا الضَّحْكَةُ الَّتِي تَعْبُرُ الزَّمَنَ،
وَالكَلِمَةُ الَّتِي تَبْقَى فِي قَلْبِ كُلِّ إِنْسَانٍ.
فِيَّ ارْتَوَتْ جُذُورُ الحَنِينِ،
وَفِيَّ انْطَبَعَتْ خُطُوَاتُ المَاضِي وَالحَاضِرِ
أَنَا الكَلِمَةُ الَّتِي لَا تَمُوتُ،
وَالحُلْمُ الَّذِي يَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ زَمَنٍ وَفَنَاءٍ.
فَلْتَكُنْ أَنْتِ النَّصْرَ فِي كُلِّ مَسِيرٍ،
وَلْتَكُنْ أَنْتِ الفَجْرَ فِي كُلِّ عَتَمَةٍ
فَأَنَا الكُلُّ، وَأَنْتِ الكُلُّ،
وَالحِكَايَةُ الَّتِي تَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ نِهَايَةٍ.
يَا مِصْرُ، مَطْلَعُ نَهَارِ العَالَمِينَ،
وَاليُسْرُ يَسُودُ حِينَ تَسْتَيْقِظِينَ
يَا مِصْرُ، أَنْتِ كُلُّ الحَيَاةِ،
فَلْيَكُنْ تُرَابُكِ ثَرًى لِي، وَلْيُقَبِّلْنِي دِينُكِ.
رَبِّي يَرْعَاكِ وَيَرْعَانِي،
وَلَا يَنْسَانِي فِي كُلِّ حِينِ
يَا مِصْرُ، أَفِيقِي حَبِيبَتِي،
فَالظَّنُّ خَلَقَ الوَرْدَ وَالبُسْتَانَ وَالنَّسِيمَ العَطِرَ.
يَا مِصْرُ، دُقِّي قُلُوبَنَا بِحَمَاسَةٍ،
لَعَلَّ الرَّسْمَ يَكُونُ كَالنَّقْشِ عَلَى الجُدْرَانِ
يُعِيدُ ذِكْرَاكِ، وَيَعُودُ بِكَ الإِنْسَانُ،
فَيَحْيَا مَعَكِ فِي كُلِّ زَمَنٍ وَمَكَانِ.
يَا مِصْرُ، أَنْتِ النُّورُ فِي كُلِّ عَتَمَةٍ،
وَالأَمَلُ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ كُلِّ غِيَابٍ
يَا مِصْرُ، أَنْتِ الحِكَايَةُ الَّتِي لَا تَنْتَهِي،
وَالكَلِمَةُ الَّتِي تَعْبُرُ القُرُونَ بِلاَ انْتِهَاءٍ.
فِي أَرْضِكِ ارْتَوَتْ جُذُورُ الحَنِينِ،
وَفِي حِضْنِكِ نَمَتْ أَحْلَامُ العُيُونِ
يَا مِصْرُ، أَنْتِ المَلْجَأُ فِي كُلِّ عَاصِفَةٍ،
وَالمِينَاءُ الَّذِي يَلْجَأُ إِلَيْهِ كُلُّ مَغْرُوبٍ.
فَلْتَكُنْ أَنْتِ النَّصْرَ فِي كُلِّ مَسِيرٍ،
وَلْتَكُنْ أَنْتِ الفَجْرَ فِي كُلِّ عَتَمَةٍ
يَا مِصْرُ، أَنْتِ الكَلِمَةُ الَّتِي لَا تَمُوتُ،
وَالحُلْمُ الَّذِي يَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ زَمَنٍ وَفَنَاءٍ.
أنا لَكِ، وَأَنْتِ كَوْنِي الثَّانِي
إِنْ ذَهَبْتُ إِلَى النَّوْمِ، فَأَيْقِظِي عِلْمِي،
وَإِنْ مَرِضْتُ، فَصَحِّحِي جَهْلِي
وَإِنْ نَسِيتُ، فَالشَّهِيدُ يَحْصُرُ الأَمَانِي،
يُذَكِّرُنِي بِأَنَّ الحَيَاةَ لَيْسَتْ إِلَّا سَعْيًا وَعِنَادًا.
أَنَا لَكِ، وَأَنْتِ كَوْنِي الثَّانِي،
فِيكِ ارْتَوَتْ جُذُورُ أَحْلَامِي
أَنْتِ المَاءُ الَّذِي يَسْقِينِي،
وَالتُّرْبَةُ الَّتِي تُعَانِقُنِي فِي كُلِّ مَسَاءٍ وَصَبَاحٍ.
يَا مَنْ تَسُودِينَ قَلْبِي بِغَيْرِ حُدُودٍ،
أَنْتِ الحَقِيقَةُ الَّتِي تَسْرِي فِي عُرُوقِي
أَنْتِ الحُلْمُ الَّذِي لَا يَنْتَهِي،
وَالمَسِيرُ الَّذِي يَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ فَنَاءٍ وَغِيَابٍ.
فِي أَرْضِكِ ارْتَسَمَتْ خَرَائِطُ أَحْلَامِي،
وَفِي حِضْنِكِ وُلِدَتْ كُلُّ أَمَانِي
أَنْتِ المِينَاءُ الَّذِي أَعُودُ إِلَيْهِ بَعْدَ كُلِّ عَاصِفَةٍ،
فَأَجِدُ فِيكِ دِفْءَ البُعْدِ وَقُرْبَ الحَنِينِ.
يَا مَنْ تَجْعَلِينَ القَلْبَ يَرْوِي حِكَايَاتِ الغُيُوبِ،
أَنْتِ الحَقِيقَةُ الَّتِي لَا تُرَى،
وَالرُّوحُ الَّتِي تَسْرِي فِي كُلِّ كَوْنِي وَوُجُودِي.
فَلْتَكُنْ أَنْتِ النَّصْرَ فِي كُلِّ مَسِيرٍ،
وَلْتَكُنْ أَنْتِ الفَجْرَ فِي كُلِّ عَتَمَةٍ
فَأَنَا لَكِ، وَأَنْتِ كَوْنِي الثَّانِي،
وَالحِكَايَةُ الَّتِي تَبْقَى حَتَّى بَعْدَ كُلِّ نِهَايَةٍ.
مع تحياتي
إيهاب محمد زايد
القاهرة- دار السلام
26-1–2025
الأحد
الساعة الثانية و أربعة وعشرين دقيقة
أيقظتني مصر من نومي لأكتب لها