همسات

سجن الوظيفة

بقلم : نيفين فخر الدين
قد تكون هى اول من دخل غرفة مكتبه صباحا او قد تكون الثانية او الثالثة لكن كل ما يعرفه انها اول من لفت نظره منذ فترة طويلة .
احمد شخص متواضع طيب القلب رومانسى يتمنى لو يستطيع ان يرتبط بانسانة تفهمه و تقدر ظروفه و تنتظر معه حتى يجد حلا لسوء حظه و سلسلة اخفاقاته و اولها فشله فى تحقيق احلامه و طموحاته ، هو يريد الكثير و لكن للاسف لديه القليل من الامكانيات و الخبرة و لذلك لم يجد فرص عمل مناسبة غير هذه الوظيفة البسيطة التى باتت تخنقه كما يخنقه مديره المباشر دائم الطلبات و الاوامر . احمد يعانى من وسواس قهرى وسواس النظافة نتيحة للضغوط النفسية الكثيرة التى يتعرض لها و كأنه يوهم نفسه ان الفرص الضائعة و فشله فى تحقيق احلامه ماهى الا مجموعة جراثيم يجب ان يتخلص منها بغسيل اليدين المتكرر بشكل مبالغ فيه .
وقفت هى امامه بابتسامة خجولة فقد كانت تمتلك عينين بنيتين صعب ان تتخطاهما لتنظر لباقى تفاصيلها الجميلة كشعرها الاسود القصير الذى يطوق جبينها بفوضوية رائعة فقد كانت مشرقة كصباح يوم صيفى جميل و رقيقة كنسمة باردة فى نهاره .
حدثته بصوتها الناعم و قالت : عايزة استلم شهادة تخرجى انا دفعة 2020
فكر احمد قليلا بينما هو غارق فى عينيها و تفاصيل وجهها فقد كان طلبها بسيطا و اجراءاته لن تتعدى الدقائق القليلة و هو يريد ان يتعرف عليها اكثر
ود لو استطاع ان يدعوها الى كوب عصير و تجلس امامه ليتجاذبا اطراف الحديث و يتعرف عليها اكثر فقد شعر بانه وجد فتاة احلامه اخيرا ….
ثم استفاق على صوت مديره : احمد هى الانسة وقفة بقالها مدة ليه ؟! حاضر سيادتك حالا ، ثم استأذن منها لحظات ليحضر لها اوراقها .
جلس احمد الى مكتبه وبدأ فى اجراءاته بينما هو منهمك فى عمله رن هاتف الفتاة بصوت ضعيف فأجابت بسرعة : ايوه يا وليد خلاص انا نازلة حالا الشهادة قدامى اهيه حاضر يا حبيبى ثم اغلقت الهاتف فإلتفت احمد فجأة الى يدها فوجد دبلة ذهبية تحيط اصبع البنصر الشمال ففهم على الفور مد يده بالشهادة و قال فى برود مبروك التخرج
فمدت يدها بلطف و سلمت عليه و اخذت شهادتها و خرجت من الغرفة .
فى سخرية من نفسه راقبها و هى ترحل من مكتبه ليدفن حلمه الوليد بين تلال الاوراق التى تحيطه من كل جانب .
ثم فجأة هب واقفا و كأنه تذكر شيئا مهما فقد سلمت عليه بيدها فتوجه مسرعا الى الحمام ليغسل يديه بالصابون جيدا و اكثر من مرة فالاحتياط واجب و الاخفاق مستمر ………

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى