مصر والصين عقد من الشراكة المتنامية للعلاقات الاستراتيجية

بقلم
وليد فتحي
تُعد العلاقات بين مصر والصين نموذجًا يحتذى به في التعاون الثنائي القائم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. ومع حلول الذكرى العاشرة لإعلان الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين في عام 2014، يبرز هذا العقد كشاهد حي على التطور الملحوظ في مختلف مجالات التعاون بين القاهرة وبكين، سواء سياسيًا، اقتصاديًا، أو ثقافيًا.
تعود العلاقات الرسمية بين مصر والصين إلى عام 1956، حين كانت مصر أول دولة عربية وإفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية. ومنذ ذلك الحين، ظلت العلاقات قائمة على مبدأ الاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهو ما شكل أرضية صلبة لتطوير التعاون في العقود التالية.
في عام 2014، خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى بكين، أعلن البلدان إقامة شراكة استراتيجية شاملة، الأمر الذي فتح آفاقًا جديدة للتعاون في مختلف المجالات، خصوصًا في ظل مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقتها الصين والتي تُعد مصر شريكًا محوريًا فيها.
شهدت السنوات العشر الماضية زيادة كبيرة في حجم التبادل التجاري، حيث أصبحت الصين الشريك التجاري الأول لمصر. كما استثمرت الشركات الصينية في مشروعات كبرى في مصر، أبرزها:
• المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والتي تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون الصناعي.
• العاصمة الإدارية الجديدة حيث تشارك شركات صينية في إنشاء ناطحات سحاب ومشروعات بنية تحتية ضخمة.
• مشروعات الطاقة خاصة في مجالات الطاقة المتجددة والكهرباء.
يتقاطع الموقفان المصري والصيني في العديد من القضايا الدولية، حيث يدعمان مبدأ التعددية واحترام سيادة الدول. وقد دعمت الصين دائمًا الدور الإقليمي لمصر، بينما وقفت القاهرة بجانب بكين في العديد من المحافل الدولية.
العامل الأهم في التطور الإيجابي للعلاقات بين مصر والصين، والمتمثل في تزايد النظرة الإيجابية المصرية تجاه الصين؛ بالنظر لما تمثله الصين في أذهان قطاع واسع من المصريين، باعتبارها دولة «ذات حضارة عريقة»، ولديها الكثير من الملامح المشتركة مع الحضارة المصرية. علاوة على أن الصين دولة ليس لها تاريخ استعماري مع دول المنطقة، ولا تُملي شروطًا سياسية على دول المنطقة في مقابل ما تقدمه من مساعدات للدول النامية، فضلًا عن كونها إحدى القوى الاقتصادية العظمى التي تتبنى نظامًا اشتراكيًا فريدًا وفقًا لنهجها الخاص.
شهد التبادل الثقافي نموًا ملحوظًا، من خلال برامج تعليمية ومنح دراسية، وافتتاح فروع لمعاهد “كونفوشيوس” في مصر، بالإضافة إلى تعزيز السياحة الصينية إلى مصر، خاصة بعد تسهيلات التأشيرة وترويج المقاصد السياحية المصرية في السوق الصيني ،ورغم التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي يواجهها العالم، تبدو العلاقة بين مصر والصين أكثر تماسكًا، ويُتوقع أن تشهد المزيد من التعاون في مجالات مثل التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، النقل، والتحول الأخضر.
ختامًا، تمثل الذكرى العاشرة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والصين مناسبة لتأكيد التزام البلدين بمواصلة بناء علاقة متينة قائمة على المنفعة المتبادلة، ودفع عجلة التعاون نحو آفاق أرحب في العقد القادم.