نظرة للقطاع العام

يكتبها
م: محمد عبد الظاهر
شركات القطاع العام وشركات قطاع الاعمال العام المملوكة للدولة تاريخ طول من العمل الوطني المشرف فكانت هي الداعم الاساسي لاقتصاد الدولة علي مر التاريخ وهي المسئولة عن تقديم خدمات ومنتجات مقبولة باسعار مناسبة للطبقة المتوسطة ورغم انها تحقق ارباحا أقل من القطاع الخاص إلا انها تحافظ علي البعد الاجتماعي للدولة وعدم الاحتكار وقد التزم بها الرئيس جمال عبدالناصر بل قام بتاميم القطاع الخاص من اجل تحقيق ايرادات للدولة وتوفير حياة كريمة للمواطن البسيط باسعار مناسبة ،
ثم جاء الرئيس السادات بعد نصر اكتوبر وفتح الباب للقطاع الخاص لكي يستثمر مرة اخري جنبا الي جنب مع القطاع العام كبعد اقتصادي جديد بعد الزيادة السكانية وتدهور الاقتصاد الوطني نتيجة الحرب وقدم للمستثمرين تسهيلات كثيرة من اجل ان يوفر القطاع الخاص منتج جديد باسعار اعلي للأغنياء وتحصل الدولة علي الضرائب وثمن الاراضي وتوفر فرص عمل جديدة للشباب وفي نفس الوقت قام بالحفاظ علي شركات القطاع العام ومنتجاتها للمواطن البسيط وايراداتها للدولة
وقد استمر الرئيس مبارك علي نفس النهج لكن مع الوقت سيطر القطاع الخاص اكثر علي السوق وتغول علي القطاع العام وساعده في ذلك بعض اصحاب النفوس الضعيفة من خلال ما سمي وقتها بالخصخصة وتم بيع الكثير من شركات القطاع العام في بداية التسعينات من القرن الماضي باسعار بخسة في صفقات ليست فوق مستوي الشبهات لاصحاب الحظوة من اجل سداد بعض الديون قبل ان يسقط نادي باريس جزءا كبيرا من ديون مصر وقد أثر بيع هذه الشركات علي الايرادات السنوية للدولة بعد ذلك وبالتالي علي الاقتصاد المصري ، وتربح المستثمرون من هذه الصفقات كثيرا واغلقوا المصانع وباعوا المعدات والاراضي واستعينوا عن العمالة وزادت سيطرتهم خاصة مع الفساد وضعف الاقتصاد الوطني واصبح بيع الشركات هو سياسة الدولة عند الحاجة لسد العجز في ميزانية الدولة او سداد الديون ومع البيع قل الناتج المحلي الاجمالي وزادت الديون حتي وصلنا لنفس السيناريو ايرادات لاتكفي المطالب واقتراض لسد العجز وبيع لسداد الديون
ومن هنا فقد رأي كثيرا من المتخصصين ان الدوله لا يجب عليها ان تبيع هذه الشركات او تقوم بخصخصتها لكن عليها ان تقوم بتشجيع الاستثمار الجديد لعمل قيمة مضافه تساعد في زيادة الناتج المحلي الاجمالي لكن الدولة لم تكتفي بالبيع فقط بل تركت باقي الشركات الاخري للاهمال بفعل فاعل لحساب القطاع الخاص حتي تحولت من شركات منتجة ورابحة الي شركات خاسرة بسبب سوء الادارة واختيار قيادات دون المستوي واهمال صيانة المعدات وعدم رفع كفاءة العاملين وهروب الكفاءات الي القطاع الخاص تحت سمع وبصر الجميع وللاسف لم نحاسب من تسبب في خسارتها بل اخذنا من خسارتها المدبرة ذريعة لبيعها ، او تصفيتها لحساب القطاع الخاص وخسرنا ايرادات وارباح سنوية للدولة ووظائف للشباب ولم نعد نجد منتجا مصريا باسعار مناسبة في متناول الجميع ولا منتج متميز للتصدير وزاد الاحتكار ، ولم نتعلم الدرس
ولم يساعد القانون الجديد لقطاع الاعمال في تحسين الوضع بل زادت اعباء الشركات برئيس مجلس ادارة غير تنفيذي يحصل علي مرتبات عالية وارباح دون تواجد مؤثر وقد يكون ذلك مفيد في القطاع الخاص عندما يكون صاحب المال هو رئيس مجلس الادارة الغير متفرغ لكن في القطاع الحكومي ستكون الاختيارات ليست فوق مستوي الصداقه او المجاملات علي حساب المال العام ، كما ساعد القانون في سهولة طرح الشركات المهمة او جزء منها للمستثمرين في البورصة كبديل للخصخصة ورأينا ان الاسهم عادة تباع جميعها لاصحاب الحظوه في الطرح الخاص دون الوصول للطرح العام في اجراء ظاهره الرحمة وباطنه العزاب
لقد اصبح من الضروري الان أن نصحح المسار ونطور المصانع ونختار قيادات افضل ونحاسب المقصرين ونحقق ايرادات اعلي لزيادة الناتج المحلي وتحسين الاقتصاد وان نفتح الباب لمن يريد الاستمار من المصريين والعرب ان يحصل علي الاراض ويقيم مصانع جديده بتسهيلات كبيرة في الاجراءت وحوافز ضربية مع الحفاظ علي املاك الدوله وشركاتها للاجيال القادمة
والجميع يعلم ان تصفية الشركات الخاسرة هو اجراء اسوأ من الخصخصة ولو كنا مضطرين الي ان نقوم بعمل تصفية لشركة مثل الحديد والصلب او القومية للاسمنت فكان من الضروري قبل التصفية ان يتم بيع رخصة المصنع والعلامة التجارية لهذة المصانع الي القطاع الخاص لاقامة مصنع بديل جديد في نفس المكان او في مكان اخر توفره الدولة اذا خلصت النوايا مثلما يحدث في كل دول العالم لكن للاسف لا أحد يهتم او يستفيد من تجارب الآخرين
كما ان دمج الشركات ايضا هو نوع اخر من انواع التصفية المقنعة بدلا من الحفاظ علي هذه الشركات وتنميتها وزيادة استثمارتها وحجم نشاطها مع الحفاظ علي العاملين فيها خاصة ان الدمج يكون بين شركة في الشرق مع اخري في الغرب للهروب من المسئولية وتأجيل الحساب وبيع بعض الاصول بحجة خلق كيانات كبيرة وكان من الافضل ان نخلق كيانات كبيرة من الكيانات الصغيرة دون دمج لزيادة الناتج المحلي ، وأن نشجع القطاع الخاص علي عمل استثمارات جديدة بالاضافه الي الشركات القائمة بما يساعد علي زيادة في الناتج المحلي الاجمالي بدلا من قيام المستثمر بشراء شركات قائمة وجاهزة ولها علامة تجارية ولا يضيف الي الناتج المحلي الاجمالي وبدلا من الاحتكار والتحكم في الاقتصاد ورفع الاسعار والتصدير لحسابهم والاحتفاظ بالدولار في بنوك خارج مصر ولا نستفيد من العملة الصعبة ونصل الي ما نحن فيه الان
إن وجود القطاع الخاص وتشجيعه ضرورة اقتصادية جنبا الي جنب مع القطاع العام لانه مسئول عن تقديم خدمات ومنتجات متميزة باسعار أعلي للطبقة الغنية ويرفع الحمل عن كاهل الدولة لكن دون تغول علي القطاع العام واحتكار للمنتجات ورفع الاسعار علي المواطن البسيط وتسريح العمالة وكلها اسباب تجعل من الصعب ان نستغني عن القطاع الحكومي ولا يجب ان نحوله بالكامل الي قطاع خاص تحت اي مسمي او يتم خصخصته او تصفيته او حتي دمجه او طرحة في البورصة او بيعه بل يجب ان نقوم بتطويره لتحقيق التوازن الاقتصادي وخدمة الاجيال القادمة لان الازمة الاقتصادية الدائمة منذ بداية الخصخصة ستكون دائما سببا في ان يكون البيع الان باسعار أقل من قيمتها ويكون التصرف في ثمن البيع لسد العجز في الموازنة وسداد الديون المستحقة علي الدولة فقط ولا نضيف اي جديد للناتج المحلي الاجمالي السنوي للدولة ونترك الاجيال القادمة بدون املاك وأصول وشركات مملوكة للدولة وايرادات سنوية كانت هي السند الاول لمصر في أسوأ الظروف مثلما حدث بعد نكسة 67 عندما كانت ايرادات وارباح هذه الشركات هي الداعم الاول لاقتصاد الدولة وشراء الاسلحة وتصنيع المعدات اللازمة لتحرير الارض والاستعداد للحرب بعد ان تم إغلاق قناة السويس وانعدمت ايرادات الدولة إلا من شركات القطاع العام التي كان توفر ايضا الملبس والمأكل لافراد القوات المسلحة وللمواطن البسيط فكان المواطن يشتري الملابس من شركه المحلة وباتا وغيرهم ونوفر له الغذاء من شركات مثل قها وادفينا وغيرهم وباسعار مناسبة
وقد أثرت عملية الخصخصة التي سبق ان تمت في تسعينات القرن الماضي علي الاقتصاد المصري حتي الان خاصة ان البيع تم دون قيد او شرط جزائي يلزم المشتري بالحفاظ علي المصنع بما يضمن تشغيله دون توقف وهو ما جعل المشتري يقوم بإغلاق المصنع وتشريد العاملين وبيع المعدات والراكد وتقسيم الاراضي والتربح منها وتسبب ذلك في تقليل الطاقة الانتاجية بفعل فاعل كما حدث في محالج القطن وغيرها ، كما حرمت عملية البيع الاجيال المتعاقبة من التنمية المستدامة ومن الاستفاده من ارباح الشركات والتي تمثل ايرادات سنوية للدولة ولم تستطع الدولة توفير منتج بديل باسعار مناسب للمواطن البسيط ولا فرص عمل للشباب وزاد احتكار القطاع الخاص وارتفعت الأسعار في ظل المنافسة غير الشريفة والبحث عن المكسب باي شكل دون البعد الاجتماعي ، كما انخفضت ايرادات الدولة وزادت الديون واصبحت الازمة مركبة واصبحنا غير قادرين علي الوفاء بالتزاماتنا ، فقيمة الدول وقوة اقتصادها يقاس دائما بما لديها من املاك واصول وايرادات سنوية .
والمتامل جيدا في عمليات البيع المطروحة الان يجد ان الدوله قامت بالإعلان عن طرح عدد كبير من الشركات والفنادق التاريخية التي لا تعوض للبيع مرة واحدة .. وهو سبب كاف لعدم الوصول الي السعر المناسب لان زيادة المعروض لا يحقق مبدأ الندرة الذي يخلق المنافسة ويرفع الاسعار لصالح الدولة خاصة اننا لانعلم ايضا ان كان هناك قيود او شروط تضمن حقوق العاملين بها او تصفيتها في المستقبل وبيعها كاراضي كما حدث في السابق ويحدث ايضا من الدولة نفسها حاليا عندما قامت بتصفية الشركات المنتجة ذي الحديد الصلب بحلوان والقومية للاسمنت بالتبين وبدلا من اصلاحها وتنميتها تم عمل تقسيم اسكان لاراضيهم ، كما ان بيع كل هذه الشركات والفنادق سوف يؤثر علي الايرادات السنوية للدولة في المستقبل خاصة ان البيع لسد العجز في الموازنة وسداد الديون ، وهي مبادئ اقتصادية يعلمها الجميع .. إلا متصدري المشهد الاعلامي من سماسرة البورصة وأصحاب المصالح وعملاء البنك الدولي فنجدهم يدلون بتصاريح واراء تصب في مصلحتهم دون النظر لمصلحة مصر ويؤكدوا فيها ان البيع هو الحل وان الاقتراض لا يضر وان رهن ايرادات قناة السويس او طرح سندات وصكوك دولارية باسعار فائدة مرتفعة ضرورة ، وتسببوا بنصائحهم في زيادة الازمة الاقتصادية لمصر بدلا من التفكير بشكل افضل يحقق التنمية المستدامة واصلاح الشركات وتسهيل الاستثمار الجديد لزيادة الناتج المحلي الاجمالي من اجل الاجيال القادمة ولم يقدم احد بديل افضل يكون فيه البيع بحق الامتياز لمده محدده تعود بعدها الشركات والفنادق الي ملكية الاجيال القادمة
فلابد الان من العودة سريعا للجامعات المصرية بعلمائها المتميزين لتكون هي بيت الخبرة الذي نثق فيه لتقديم حلول علمية وعملية تساعد في تحقيق النمو واصلاح الاقتصاد مع الحفاظ علي البعد الاجتماعي من اجل حياة اكثر رخاء للمواطن البسيط حتي يطمئن الجميع بعيدا عن المغرضين وسماسرة البورصة واصحاب المصالح وان كان الاخوة العرب جادين في مساعدة مصر في ازمتها الاقتصاديه فعليهم اثبات ذلك باقامة فنادق ومصانع جديده تضيف للناتج المحلي الاجمالي وتوفر فرص عمل للشباب وتحافظ علي المصانع القائمه وعلي املاك للدوله وايراداتها الحاليه .. فلازم ننتبه لتظل مصر فوق الجميع