محافظات

بمناسبة ذكرى عيد الشرطة المصرية تعرّف على موقف شيخ الأزهر الشيخ إبراهيم حمروش والعلماء الوطنيين فى الأزهر لدعم الوطن فى مواجهة الإستعمار والإرهاب

كتب : الشيخ أحمد تركى

فى يوم 25 يناير عام 1952 رفضت قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية تسليم أسلحتها وإخلاء مبنى المحافظة للقوات البريطانية المحتلة وفق انذار قائد قوات الاحتلال فى القنال “اكساهام” لقوات الشرطة المصرية بترك خدماتهم والانسحاب الى القاهرة
ووصلت قمة التوتر بين مصر وبريطانيا فى تلك الفترة إلى ذروتها عندما ازدادت الأعمال الفدائية ضد الإنجليز ومعسكراتهم في منطقة القنال ، و تكبدت بريطانيا جراء ذلك خسائر فادحة.
وكذلك أدى انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد ، حيث أعلنت الحكومة المصرية دعوتها للشعب المصرى بعدم العمل مع الانجليز ، وأعلنت عن فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال مصر الذين يعملون فى المعسكرات الراغبين في ترك عملهم مساهمة في الكفاح الوطني
وسجل (91572)عاملاً أسماءهم في الفترة من 16 أكتوبر 1951 وحتى 30 من نوفمبر 1951 – كما توقف المتعهدون عن توريد الخضراوات واللحوم والمستلزمات الأخرى الضرورية لإعاشة ثمانين ألف جندي وضابط بريطاني ، تلبية لتلك الدعوة.

أسفر الاشتباك بين الشرطة المصرية والقوات البريطانية عن مقتل 56 شرطيًا مصريًا و73 جريحًا، وقامت القوات البريطانية بالاستيلاء على مبنى محافظة الإسماعيلية ، وكان من بين هؤلاء الضباط النقيب حينئذٍ صلاح ذو الفقار.

اجتمعت الأمة المصرية جميعها على قلب رجل واحد لدعم الشرطة المصرية أمام الاحتلال ، وكان للأزهر الشريف موقفاً تاريخياً على لسان شيخه حينئذ ، فضيلة الشيخ ابراهيم حمروش ( 1880 – 1960).
حيث كان يشحذ همم المصريين حكومة وشعباً نحو التوحد لدعم المقاومة والشرطة المصرية ضد الاحتلال.
فقال فى ذلك : ( أيها المصريون، أتوجه اليكم في هذه الظروف التي غشيتكم فتنتها، وحزبتكم شدتها أن تكونوا إخوانًا في الوطن متآخين متحابين، رائدكم الإخلاص لبلادكم وأنفسكم. ‹وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ.(الأنفال)› »
وإن شر ما تبتلي به الأمم في محنتها أن تتفرق كلمتها، وأن تنحل وحدتها، وتنقطع أواصر المودة بين جماعاتها، فيشق العدو الطريق اليها وينفذ بسهامه إلى صدور أبنائها.
كما سجل التاريخ الوطنى المصرى مواقف بطولية لشيوخ الأزهر ، فى مقاومة المحتل حيث تمحور دور الأزهر التاريخي في مكافحة الاستعمار الأجنبى لمصر والعالم العربى وحراسة علوم الدين واللغة العربية

* ففى يوم الأحد 11 الموافق 31 أكتوبر لعام 1798 م وبعد ثلاثة أشهر من الاحتلال الفرنسى بقيادة نابليون لمصر شبت ثورة القاهرة الأولى ، و أخذ علماء الأزهر يبثون الدعوة إلى مقاومة المحتل فى المساجد ، عبر خطب الجمعة والدروس الدينية ، ويذكرون الناس بنبذ المحتل الفرنسى خمس مرات فى اليوم بعد كل أذان ، ويذكر الجبرتي أن الفرنسيين قاموا بالقبض علي زعماء الثورة «المعممين الأزاهرة » ومنهم الشيخ سلمان الجوسقي شيخ الطائفة العميان والشيخ أحمد الشرقاوي والشيخ يوسف المصيلحي، واقتيدوا إلي بيت البكري حتي منزل «القومندان» بدرب الجماميز ثم جردوا من ثيابهم واقتيدوا إلي القلعة وسجنوا هناك ويؤكد الجبرتي أنهم أعدموا في اليوم التالي رميا بالرصاص وألقيت جثثهم أعلي سور القلعة!!

* وفى عام 1805 احتشد جموع الشعب من علماء الأزهر وطلابه والتجار والفلاحين والعمال بجوار الأزهر يتزعمهم الشيخ الشرقاوى شيخ الجامع الأزهر ، والسيد عمر مكرم نقيب الأشراف ، وهتفت الجماهير المصرية بالانفكاك المصرى عن الرباط العثمانى ، والتحرر الوطنى الكامل عن الدولة العثمانية ، ورددوا هذه العبارة البسيطة “يا رب يا متجلى، أهلك طائفة العثمانلى”.

* وفى ثورة 1919
كان طلبة الأزهر فى مقدمة الطلاب المصريين فى اليوم الأول والثانى للثورة، مع طلبة المدارس العليا وبعض المدارس الثانوية.
وفى يوم 12 مارس كان أول الشهداء من طلبة الأزهر برصاص الانجليز وفى يوم 13 مارس ظهر الأزهريون فى قيادة مظاهرة المسجد الحسينى بعد صلاة الجمعة التى أطلقت المدرعات البريطانية عليها النار وقتلت 12 شخصا.

* وفى الحرب العالمية الثانية
وقف الشيخ مصطفى المراغى ضد دخول مصر الحرب العالمية الثانية فى خريف عام 1939
وكان الناس يرددون قولته المأثورة “كيف ندخل حرباً لا ناقة لنا فيها ولا جمل؟.

* وقام آلاف من الأزاهرة بمقاومة الفكر المتطرف فترة انتشار الإرهاب وبعد 2011 !، ولا يتسع المقام لذكر بطولات حقيقية لزملاء من أئمة المساجد ، أذكر فقط على سبيل المثال لا الحصر ، موقف الشيخ رضا عبدالبارى إمام مسجد حسن رشدى بالعريش ، حيث كان يحث الناس عبر خطبه ودروسه على مقاومة الإرهاب والتعاون مع الجيش والشرطة فى شمال سيناء لمكافحة الإرهابيين ، وفى 2017 وبعد رفض تهديد الإرهابيين له المتكرر ، خطفته مجموعة إرهابية وقاموا بتعذيبه ثم قتله ! واستشهد الشيخ رضا دفاعاً عن أرضه وعرضه وهو يجاهد فى سبيل الله بالحق. ومع هذه البطولات والتضحية لعدد كبير من الأزاهرة يوجد على النقيض نمط آخر !! وأعتقد يقيناً أن تأخر القضاء على الفكر المتطرف داخل المجتمع بسبب شيوع نموذج العالِم الذى يسجل مواقف مداهنة فى كل المساحات – يسجل مواقف هامشية وطنية لزوم المصلحة ، ويداهن الجماعات لزوم قبوله عند عناصرهم ! ، ويتمثل قول الله تعالى فى المنافقين ” مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143) النساء. – وهذا على خلاف النهج الأزهرى الوطنى عبر التاريخ.

كثيرٌ من هؤلاء المعممين المنافقين لهم صور فى رابعة مع الجماعة إبان ثورة 30 يونيو !! ولهم صور فى ميدان التحرير مع الشعب المصرى !!
وبعد ذلك يحصدون كل الحوافز من كل المساحات !!!

وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) البقرة
وفى أغسطس عام 2013 فوجئت بمعمم عجوز – وهذا هو التعبير المناسب له بعد سقوطه من نظرى حتى وان كان اعلم أهل الأرض لأن من يطعن وطنه الجريح بعلمه ليس بعالم !! – وقف أمام شاشات التلفزيون العالمية يحرض العالم على مصر ، وكان قبل ذلك يدعى التصوف والوطنية !! ، فهاتفت أستاذى المرحوم الدكتور حمدى زقزوق وزير الأوقاف الأسبق رحمه الله ، وذكرت له الموقف ولم يصدق من الدهشة والعجب إلا بعد أن أرسلت له الفيديو ! وطلبت منه إبلاغ مولانا شيخ الأزهر وتم بالفعل !
المهم أن نفس المعمم العجوز بعد 2013 كان حريصاً على حضور الحفلات الدينية الرسمية !
وعندما قابلته ذات مرّة وجدتنى. أقول له بحزن وحماسة باللغة العامية : ادع يا مولانا لمصر وجيشها لانهم سياج الحماية الوحيد للأمة ، ولولاهم كان زمان الجماعة واخدين بناتنا سبايا !! فهمهم بكلمات خافتة مذعنة فيها تأكيد على ما ذكرت له ،،
وإذا كان تاريخ الأزهر يمتليء بشيوخ أفاضل انضموا إلى الحركة الوطنية المصرية مع الأمة والشعب والوطن فى أحلك الظروف وقاوموا الاستعمار. واستشهد بعضهم فى سبيل الله ،ومنهم الإمام العز بن عبدالسلام كان خلف سيف الدين قطز فى محاربة التتار ، والشيخ عبدالله الشرقاوى وموقفه من الاحتلال الفرنسى – والشيخ محمد كريم وموقفه الوطنى – والامام محمد عبده وموقفه من الاحتلال – وموقف الشيخ حمروش شيخ الازهر فى دعم الشرطة المصرية فى مواجهة الاحتلال فى الاسماعيلية فى 25 يناير 1952 كما سبق ذكره ، وجهود شيوخ الأزهر فى محاربة الإرهاب ،
فلماذا لا يفتح مجال لصناعة مشروع “خطاب علمى ودعوى “. فى إطار وطنى” ؟
لأن العلم الدينى كالماء لابد أن يكون إناءه شفافاً ، ولابد من استخدام الماء لسقاية الزرع وليس لسقاية الشوك ؟!
هذا المشروع لن يصنعه إلا الوطنيون ( رجال المهام ) يعيداً عن نموذج رجال الكلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى