مقالات

دردشة دعوية بقلم الشيخ احمد تركى

هاتفنى وقال : أنا فلان وإمام مسجد من محافظة ،،،، وتدربت على يدك وقتما كنت مدير عام التدريب

ولكن عاوز من حضرتك نصيحة كيف أكون مؤثراً فى جمهورى ؟ هل هناك مراجع معينة ؟ او خطاب معين ؟

وكانت إجابتي : انت مفكر يا فضيلة الشيخ ان كلمات الوعظ الرصينة والمتقعرة فقط هى التى تدعم القيم والأخلاق وتؤثر فى قلوب الناس وأرواحهم ؟ لو كان الأمر كذلك لتغيرت أحوال الناس للأفضل !!

اسمحلى باعتبارى أستاذك أن أشرح لك من خلال مواقف شخصية ، وأنا الآن فى وضع وفى سن تجاوز مسألة الفخر والخيلاء ،،،

1- وقتما كنت إماماً لمسجد النور بالعباسية كان يحضر لى خطبة الجمعة بضعة آلاف يأتون من كل حدب وصوب ،، ومثلهم فى صلاة التراويح خلال شهر رمضان

لكن كنت حريصاً على التواجد فى مكتبى بالمسجد طيلة النهار إلى ما بعد صلاة العشاء ويتردد على ّ العشرات ليس فقط من أجل الفتوى ولكن للفضفضة !!

كنت أنصت جيداً بكل تعاطفى لكل من يحكى وجعه
وكان زملائى ينكرون علىّ ذلك ! ويقولون يا شيخ احمد اقلبهم !! يعنى تجاهلهم. انت فاضى للرغى دا ؟
وكنت أرد عليهم قائلاً : هم يحتاجون إلى من ينصت اليهم ، وهذا بيت الله ونحن خدامه لابد أن ننصت للناس وهم يفضفضون أوجاعهم ،،،

لاحظت يا صديقى أن الناس الذين أنصت إليهم قد تأثروا عملياً أكثر من الذين سمعوني فقط !!

ولا أنسى أبداً يوم أن جاءنى شاب لسة خارج من السجن وقال لى يا شيخ : أنا دخلت السجن ظلم بسبب تلفيق صاحب العمل لى تهمة وانا سأقتله وادخل السجن مرة اخرى لأننى يئست !!

وسمعته لمدة ساعتين ونصف نجحت خلالها بنزع فتيل الغضب والحقد واليأس الذى بداخله وكان من الممكن وهو تحت تأثيره يزهق الأرواح ويرتكب جرائم كبيرة.
2- لا أنسى أيضاً عندما هاتفنى شاب وقال لى : زوجتى حامل وانا عندى عيال ومش عاوز الطفل وعندى مشاكل كثيرة وهجهض الجنين انا مش عاوزه !!
وأنصت إليه لمدة ساعة ثم أقنعته يترك الجنين فلربما يكون سعيدا به بعد ذلك

وبالفعل هاتفنى بعدها بعدة سنوات هو وزوجته يشكروننى وهم يبكون. ربنا رزقهم بحمزة. وهو أصبح وجه السعد عليهم على حد. تعبيرهم.
الله يرضى عنك كنا هنتحرم من حمزة

3- وأنا فى الحج هذا العام قابلنى فى الفندق إمام فى وزارة الأوقاف شاب معمم ومحترم لا اعرفه وكان من ضمن البعثة
قال لى : هناك موقف أحب أن اذكره لك انت لا تتذكره ؟
قلت وما هو : قال : قبل تعيينى بوزارة الأوقاف ذهبت للوزارة أسال عن شيء وأقضى مصلحتى ، وكلما دخلت مكتباً. تجهموا فى وجهى وعاملونى بدونية وبعضهم طردني !

وعندما دخلت مكتبك كنت تتحدث فى الهاتف ورغم ذلك استقبلتني وأجلستني وانصت الىّ. فخرجت مجبور الخاطر وهذا الموقف لا انساه لك أبدا ،، يقول وانا الان امام مسجد ،،، ( من اكبر مساجد القاهرة )
لا تتصور يا صديقى فرحتى بهذا الكلام ،،، لأننى أعتبر تلك المواقف هى الإنجاز الحقيقى الذى سنقابل به المولى عز وجل ،،، ليس المؤلفات ولا المؤتمرات ولا الكلام !!
لقد علمنا الإسلام أن نكون رجال مهام وليس رجال كلام

#الشاهد : لا تعتقد أن مائة وخمسين ألف خطبة جمعة أسبوعياً فى مصر هى فقط ستغير القيم والأخلاق إلى الأفضل ؟!
فضلاً عن الدروس والوعظ ،،. الخ.

– أنصت للناس جيداً وكن لهم قدوة فعمل رجل فى ألف – رجل أعظم من وعظ ألف رجل لرجل ،،،
– الإنصات للناس هو أكبر جائزة معنوية تقدمها للناس وتأخذ فى المقابل ثقتهم ،،،
– الإنصات للناس هو الوقود الذى يحركهم لتغيير أنفسهم للأفضل ،،،
-الإنصات للناس بصدق وتواضع هو الحل السحرى لدعم القيم والأخلاق ،،،.
#إن_مهمة إمام المسجد لهى أخطر مهمة وأعظمها فى المجتمع ،،،
هذه نصيحتى لك يا زميلى وأشكرك على ثقتك وإنصاتك وأتمنى تطبيقها وتعليمها لمن وراءك
والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى