مقالات

النوايا وحدها لا تكفي

بقلم 

د صلاح هاشم 

لا شيئ ينجي من المهالك سوى النوايا الطيبة ..هذه الجملة تحديدا،أو كما كانت تقولها أمي ( مفيش حاجة بتنجي زي النوايا الطيبة.. وطول ما في قلبك صدق وحب للخير عمرك ما هتغرق يا ولدى) رغم أن الثقافة الغربية لا تؤمن بهذا المثل وتعتبر النجاة من التهلكة إن لم يسبقها فعلّ منطقي فهي درب من دروب الصدفة..فعلمُ الاجتماع نفسه قام على نظرية ” أوجست كونت “في “الفيزياء الاجتماعية ” التي تقوم على أن لكل فعل ردة فعل مساوية له في القوة ومضادة له في الاتجاه،لا حظ أن كونت لم يتطرق تماماً لموضوع النوايا وعلاقتها بنتائج الأفعال .. ! 

الغريب الآن فى مجتمعاتنا العربية كلها تقريباً أنها تقوم على اقحام النوايا فى معظم الأفعال ..حسنا فقد يصبح الاستعانة بالنوايا فى البدايات مهماً لضمانة استكمال الأعمال بالجودة المطلوبة، ولكن النوايا لا تصلح أبداً فى تقييم النهايات..فالنوايا وحدها لا تكفي ..وتلك هى رؤية أبي التى كان يقدح بها دائماً رؤيةَ أمي رحمة الله عليهما ..وأنا تربيت كغيري من أبناء الريف بين مطرقة الباباوية واسفنجة الماماوية وحين دخلت الجامعة ودرست علم الاجتماع صرت بين مطرقتين واسفنجة واحدة ..ورغم كثرة المطارق التي تدق الرؤوس كنت دائماً أميل إلي صدق النوايا.. وحين شبت أوصيت أولادي بها.. لقد كانت اسفنجةُ أمي تمتصُ كل صدمات حماقاتي.. وكنت حين أخطأ عن غير عمدٍ أو بقصد واتوقع سوء النهايات؛ أتعلق بأستار السماء، ممسكاً نوايايا الطيبة في يدي، متقرباً بها إلى الله حتى أنجو .. لذا فقد علمتني تجارب الحياة القاسية أن النوايا الطيبات منجيات حتى وإن كانت وحدها لا تكفي ..!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى