منوعات

بين مسلتين الشيخ زايد

قصة قصيرة

مصر: إيهاب محمد زايد
ولدت بعام مذبحة الأقصر فعندما كان المذياع يذيع أنباء المذبحة كانت أمها ينزل منها مخاض الولادة. تربت بين أعمدة المعابد وتأصلت في شكلها ونمطها قبل أن يعود ذلك علي أخلاقها. لكن موعد ولادتها في 17 نوفمبر كان ذكري سيئة لمصر كلها فلأول مرة يدخل الارهابيون معابد فرعونية ولاول مرة يسطو مسلحين بدلا من اللصوص علي أثار مصر القديمة بينما هي تركب الحنطور من الدرسة إلي البيت تجد الزائرين من كل دول العالم. توسع الجميع في ضم الجراح كتاب، فلاسفة، خبراء أمن وغيرهم من الساسة يشرحون معني الارهاب. كان هذا يشد الفتاة بل ربما يجذب كل انتباهات هذا العقل الصغير وهي من حبوها إلي مشيها حتي بلغت الثانوية العامة بين هذه المعابد تلبس لباس الأهل من الداخل الطيبة ومن الخارج لا تلبس إلا عصرها رغم روح الصعيد إلا إنها عكست أشكال السياح في بلادها فلبست السروال وبعض من نظارة الشمس وهذا القميص الذي يسمي بلوزة. خرجت من الثانوية العامة تحمل مجموعا يؤهلها إلي كلية بالقاهرة تمر كل يوم علي قصر أتخاذ القرار بمصر تتأمل القصر بينما هي تذهب الي هذا الحرم الجامعي وبه المدينة الجامعية. كان الهدوء الكامل من الانفعلات المغلفة بالطيبة جعل منها طالبة علم مميزة فانتقلت في أربع سنوات علي تقدير التفوق الامتياز ثم الطالبة المثالية التي تعبر عن هذه الأرض الطيبة التي أتت منها فلا تنفعل المشاكل ولا تحدث الاضطربات ولا تسقي الغلة بابتسامة مصطنعة ولا يذهب إليها إلا كل محترم للحديث الود بينها وبينه. كانت لا تنس هذه المسلات في الأقصر والمعابد المختلفة بالبر الشرقي والغربي. إلا إن ذكري ميلادها لم تكن سوي ذكري سيئة بحياتها كلما أشعلت شموع عيد ميلادها كانت تسمع أحاديث أبيها عن مذبح الأقصر حين ضرب الارهاب مصدر رزق أبيها قمصان عليها بعض الصور من مصر القديمة وهذه الطاقية الملونة بألون زاهية تجمع ما بين ذوق أهل النوبة وما بين عراقة الأقصر ألوان من الأزرق يلون السماء رؤس الناس بالايمان والتقوي واللون الاخضر أمنية الجنة في نفوس هؤلاء الناس بينما اللون الأحمر والبني هذه الخيوط طباع الصحراء والرمل وبعض من طبيعة الجبل. كان والدها يعد لها سبوعا بينما هي لم تتمكن بالاحتفال داغل الغربال وإن حفظت أذنها زغاريد الأهل والأحباب فالجميع أجمع علي سحرها من بشرة خمرية، وطول فارع وكأنها أحد أعمدة معبد حتشبسوت. أحتفظت بلون واحدا في ملبسها هو البنيات لتذكرها بالصحراء. لم تتم دراستها بعد وكان هناك عريس يحمل معه الهدايا لهذا الذوق الرفيع من عيون سمراء أوقعت مشاعره في إناءها بينما قلبه كان مكتوب عليه سحرها وهي بين لبس العبايات بالمنزل والاستغراب بالخارج مزج خليطا من الألفة والمودة والامنية. كان هذا العريس يحمل بعض من ماليات فخمة فهذه المدينة الراقية التي يقطنها الأجانب كان له شقة ثم فيلا في محيط له جيتو إجتماعيا يسمي كومبوند وهو أحد مظاهر العمران في أواخر القرن العشرين قاطعا الطريق ليمتد إلي بدايات القرن الحالي. لم تري سحر في سنوات عمرها إلا قطار الصعيد ووداع الأهل في عربة مكيفة للقاهرة بينما هي بين أقرانها تزورهم وتودهم وتخرج في شوارع القاهرة تحملق بالمارة فلم تشتري سيارة بعد. تم الزفاف وهم علي أهبة الاستعداد للسكن بفيلا الشيخ زايد. كانت هدية زواجهما هي سيارة تذهب بها إلي الجامعة تري فيها راحة كبيرة من عناء المواصلات من الشيخ زايد إلي مصر الجديدة. إستمر الحال في هذا الزواج السعيد فكان الطفل الأول ثم البنت الثانية واكتفت من أجل رحلة الدراسات العليا هذه الدرجة من الماجستير حصلت عليها بعد ولادة طفلين ثم أستعدت لنيل درجة الدكتوراة كان مجهودا شاقا إلا إن الخادمة وبعض من الأمن المدني كانوا خير عون لها وهي لم تبلخ بالعطايا فمازال الكرم الأقصري يخيم علي طباعها. كانت تعاملهم كالأهل في الأوطان والأصول وبها علامة مميزة هذه الصوفية بالصحراء والارتباط بحبل الله فهي كما تحب هاني شاكر، محمد منير حينما يشدو نعناع الجنينة كانت أيضا تحب التواشيح الشيخ سيد النقشبندي طه الفشني ونصر الدين طوبار حين يهدي الصبح إشراق ثناه تشدها من أعماقها يجعلها تذوب روحيا بينما هي كالطل يسكب رحيقا من ذكر الله وهذه المسبحة التي تنادي الله بنور الله. أستمرت علي هذا الحال وقد أودعت أولادها في حضانة داخل الكومبوند ثم تركب السيارة تتجه نحو الجامعة تلقي محاضرتها وتقوم بتدريس العملي ثم تعود إلي بيتها لم تخرج من السيارة ولم تتخيل إن المول والسيارة يحبسوها عن العالم وعن حال أهل المدينة التي تعبرها فحياتها في البيت بين الزهور وفي الشارع لحن السفر وفي الحضانة أبتسامة جميلة للمربية ثم تعود إلي منزلها وهي تنتظر زوجها الذي يعمل مهندسا في شركة كبري ثم يكون العشاء ليجمع الجميع. كانت أبحاث الترقي صعبة للغاية فكما هي تدور علي أماكن مختلفة لعمل بحوث مشتركة الا إنها لم تفلح في لقاء من يعاونها. لأنها تحتاج إلي تأهيل عصري في إتجاه البحوث، فقد أصبحت البحوث متعددة التخصص وعددها يصل إلي العديد من التخصصات حول نقطة واحدة. التقطت زميلا نشطا في عمل البحوث قابلته قدرا علي درج سلم
سحر سعيدة ومبتسمة: أهلا وسهلا بحضرتك
الباحث فرحا بها: أهلا بك دكتورة تشرفت للغاية بسعتك أنت تشبهين مصر القديمة النساء بمصر القديمة
سحر: نعم أنا من الأقصر ربما هذا المكان الجاف أحتفظ بجيناتنا أيضا حتي الان هل لديك عمل بحثي
الباحث: نتمني أن نعمل سويا في بحوث عديدة. ما رأيك أنا سأذهب للمطرية الاسبوع القادم ما رأيك في صحبة لهذه الزيارة.
سحر متمنية بكل شجاعة: ياريت أتمني هل عندهم تصنيف وتقسيم نباتات؟
الباحث مؤكدا لها: نعم
سحر: إذا نحن علي موعد بهذا اللقاء متي سيكون
الباحث الحادية عشر يوم الأحد هل ستأتي
سحر ممتنة: بكل تأكيد
تفرقا علي موعد للقاء يوم الأحد وكانت بينهم أحاديث علي الواتساب حتي يؤكدا الموعد. كانت سحر سوف تخترق روتين حياتها اليومي وكانت حريصة علي الذهاب من أجل بحوثها. ذهبت إلي البيت واستعدت وأكدت له الحضور وفي يوم الاحد كانت المفاجأة فالذهب إلي الحضانة ثم السير في طريق مختلف أجبرها أن تركب المترو لتري كثيرا من الباعة الجائلين، كثيرا من الشحاتين، وأطفال المناديل المشهد الذي لم ينتهي من مصر منذ سبعون عاما وأكثر منذ تسجيله في مشاهد الأفلام وقد تم توسعة. غيرت من الخط الثاني بالجيزة ثم ركبت الخط الأول كان الذهول فهذا العدد الهائل الذي لم ينقطع من الباعة الجائلين. أحدهم نظارة ياهانم، وهي ترفض، الأخر سماعة محمول وهي تأبي في تأفف، الأخير مفرش للمطبخ وهي تستنكر، ثم أتت سيدة منقبة ليس معي مالا للعلاج. ثم قالت لها والتأمين الصحي، الشحاتة يحتاجون دواءا من الخارج، سحر تقول والتكافل لا يوجد من يوسعة بل هو محدود. إندهشت سحر من المنظر حتي فاتها محطة النزول فاضطرت أن ترجع إلي المحطة الأخري خرجت فذهب إلي ميدان المسلة بالمطرية وقد كان العجب العجيب. زحمة مرور تكدس في السيارات وهذا العنوان الذي لا يجد له مكانا الهدوء فلم تجد مفرا بأن تركب تاكس لتصل الي المحطة الفائتة. فوجدت سائق التاكسي شيئا مخلا في الالفاظ والادب. نزلت من سيارتة كانت تمشي بسرعة. أستوقفها مقدار البنات التي من جنسها تبيع المناديل وتطلب الاعانة. كان التليفون يرن من الباحث للقاء. كانت ترد في حسرة هل وصلت إلي المحطة فردت سريعا أنا في الطريق عندما تصل ستجدني. وصلت وهي غريبة عن الناس عن الأهل وعما يدور في الشوارع. وصلت إلي زميلها الباحث في شغف مهددة من نفسها بقلق مزري لا يعرف لقلبها سبيلا
سحر مقتضبة: أين نحن بالله عليك
الباحث: في أحد الأحياء الشعبية
سحر مذهوله: كيف يكون هذا شعبيا؟
الباحث: ما رأيته يحملك أعباءا لهذا الوطن؟
سحر: أين المسئولين؟
الباحث: موجودون لكنه يخرج من أحياءكم دعاة للحقوق ومطالبة بحقوق الفقراء ينادون بها ليتبرؤا منها ولا يفعلوا شيئا
سحر: أنا لا أعرف هذا صدمة وغير متوقع منذ خمسة عشر عاما وأنا في سيارتي لم أقابل هذا الكم من البائعين والشحاذين
الباحث: هذا له أثر من البطالة
سحر: نعم هو ذاك
الباحث ولكني ما أقصده بالتحديد هو بطالة العقل وليس بطالة اليد هو عدم التفكير السليم والتخطيط المتوازن فالجميع مشارك بهذا المشهد فما بين مسلتك بالأقصر ومسلة المطرية ألاف السنين في عمر الانسانية، وما بين الشيخ زايد وهنا ملايين الجنيهات التي لا توزع بالعدل
سحر مندهشة: هي العدالة وليس البطالة
الباحث: لا يوجد ميزان كامل للطبقات لكن مثل هؤلاء يعانون من نهب من ينهبهم هل أنتم بالاحياء الراقية الهاربون من الضرائب والمستحوذن علي الدعم
سحر: لم نفعل هذا
الباحث: وأنا لا أتهمك لكن الامر هي عدالة التوزيع للدخل القومي أفضل كثيرا من شعارات لا مؤنس لوحدتها. هيا بنا ننطلق للقاء دخل المركز البحثي كانت صدمة للباحث بينما راق اللقاء لسحر وخرجت تواسي زميلها من سوء الادارة وسوء الاستقبال وروتين يقطع أواصل التعاون وتكوين شبكات عمل. ضحك الباحث وسحر علي محطة المترو فإن المواساة متبادلة بين عدالة التوزيع وسوء الادارة متلازمة بين الذهاب والعودة بينما نجحت سحر في اللقاء البحثي كان علي الباحث أن يبحث علي وسيلة أخري ومكان أخر. بينما سحر غيرت نظرتها للشارع كانت علي موعد من تجهيز وجبات وتوزيعها فكانت نصيحة الباحث بتعليمهم علما وحرفة أفضل من أطعامهم انضمت سحر لجمعية أهلية بالمنطقة لتطورها وأصبحت تزو هذا المكان كل شهر مع بحثها بينما زميلها الباحث أنحرف غلي هدف أخر. إن ما نعانية من سوء مشهد هو بالاساس سوء فكرة افضي غلي سوء تصرف ث سوء تخطيط لنصبح عشوائينا في تناولنا لأمورنا العامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى