الثقافة المحلية المغلوطة في سحب الثقة من المحافظين واليات انتخابات المجالس المحلية

بقلم : محمد عبدالظاهر
لقد اصبحنا نعاني كثيرا من الثقافة المحلية المغلوطة والمنتشرة الان بسبب كلام ونصائح بعض متصدري المشهد الاعلامي بدون دراسة اكاديمية او خبرة محلية عملية تؤهلهم لذلك وعدم فهمهم الواضح لفلسفة الانظمة المحلية ودورها الهام في بناء الدول فزاد الخلل المحلي خاصة ان معظم قيادات الادارة المحلية جاءت من خارج منظومة الادارة المحلية دون خبرة محلية مؤهلة في ظل وعدم وجود المجلس المحلي منذ حله عام 2011 وهو احد جناحي الاداره المحليه المهمة والمكمللة للنظام المحلي والمسئول عن التواصل مع المواطنيين ونقل مطالبهم واولوياتهم للمسئولين المحلين وشرح المفاهيم المحليه السليمة للمواطنين والانجازات التي تتم ومتابعة تنفيذ طلبات المواطنين مع المسؤلين المحلين والمتابعة والمسائلة واجلاء الحقيقه للجميع
وقد تسب غياب المجالس المحليه في خلل وفساد محلي ونسيان البعض للدور المحلي والثقافة المحلية السليمة والياتها للنهوض بالوطن وتحسين الناتج المحلي الاجمالي .. فالنظام المحلي في كل دول العالم هو الداعم للدولة واستقرارها واقتصادها بما يقدمه من خدمات متميزة للمواطنين ومن تسهيل للاستثمار ومن التواصل مع المواطنين في كل مكان وحل مشاكلهم واصلاح التعليم والصحه والتموين وشكل العمران وتحقيق الامن واعادة ترتيب الاولويات وتخفيف الضغط علي الحكومة المركزية وغيرها ولا يخضع النظام المحلي لوجهات نظر أشخاص غير مؤهله او اصحاب مصالح
لكن ما ازعجني الان اكثر هو تداول بعض الاراء المسئولة التي تشير الي ان الدستور قد الزم المشرع بقيام المجلس المحلي بسحب الثقة من المحافظ وهو كلام غير دقيق ويحتاج الي تصحيح قبل ان يصبح ثقافه عامة او توصيات ملزمة يتضمنها القانون الجديد ويتسبب في مشاكل محلية كثيرة ، فانا لا اعرف سبب لاصرار البعض علي ذلك رغم ان سحبة الثقه من المحافظ الذي تم تعينه بمعرفة السيد رئيس الدولة سيكون بالتأكيد ضد مصلحة الدولة واستقرارها والأسباب كثيرة خاصة ان الدستور نفسه لم يطلب ذلك تحديدا فوجب توضيح ما يلي
اولا .. الدستور في الماده 175 قد قسم مصر الي وحدات اداريه “وليست محلية” منها المحافظة والمدينة والقرية … ثم جاء الدستور في الفقرة الثانيه من المادة 180 واعطي للمجلس الشعبي المحلي حق سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية “وليست الادارية” وفقا لما ينظمة القانون وهذا ما يستند اليه البعض بالخطء بعد ان اعتبروا ان المحافظ رئيس وحده محلية … لكن في الحقيقة ان منصب المحافظ هو منصب سياسي يعينة رئيس الدولة ويدين المحافظ للرئيس بالولاء من اجل وحدة الدولة ولا يمكن لأحد اقالتة غير رئيس الدولة
ثانيا .. والاهم ان المجلس المحلي والمحافظة جهة تنفيذية واحدة ووجهان لعمله واحده جاءوا في باب السلطة التنفيذية ليتكاملوا مع بعضهم البعض ويشكلان اليات الدولة لحسن التعامل مع المواطنين والتواصل معهم وتقديم خدمات افضل لهم في كل ربوع مصر ولا يجب ان يعلو أحدهم علي الاخر ولكل منهم اختصاصه وواجباته التنفيذية وفقا للدستور الذي وضعهم في باب واحد هو باب السلطة التنفيذية كجهاز تنفيذي واحد فلا يجب ان يكون بينهم صراع بقاء او تنافس ولا يتم تفضيل احدهم علي الاخر باي اجراء فوقي او استثنائي ولا يجب ان يصدر قانون منفصل للمجلس الشعبي المحلي وقانون اخر للادارة المحليات كما يشيع البعض
كما انهم ليسوا جهتين مختلفتين مثل مجلس النواب الذي يمثل السلطة التشريعية والرقابية. والحكومة التي تمثل السلطة التنفيذية وفقا لمبدء الفصل بين السلطات فمجلس النواب هو الذي يوافق علي تعين الحكومة وله الحق في سحب الثقة منها اذا اخلت بعملها ولم تنفذ برنامج الحكومة الذي وافق عليه مجلس النواب ..
انما المجلس المحلي والمحافظه سلطة تنفيذية واحدة لكل منهم دور مكمل للاخر في خدمة المواطنين في كل ربوع مصر حتي مستوي القرية والكفر والنجع .. وإن ما يقوم به اعضاء المجلس المحلي من اسئلة او طلبات احاطة للاجهزة التنفيذة هو من اجل التكامل في اظهار الحقائق للمحافظين وللمواطنين علي حد سوء لاتخاذ القرار المناسب لخدمة المواطنين … كما ان تواصل اعضاء المجلس الشعبي المحلي مع المواطنين وهو الجزء الاهم من عملهم التنفيذي من اجل معرفة مشاكل المواطنين في كل مكان بالمحافظة ونقلها للمسئولين وحلها معهم تحت اشراف المحافظ في تكامل وتناغم للصالح العام من اجل ان يشعر المواطن باهتمام الدولة بكل مشاكله وقياس مدي رضاءه عن الخدمات المقدمة له من خلال اليات تنفيذيه منتخبة منهم وقريبة لهم ويعرفوهم جيدا ومتواصلين معهم والمواطن هو من قام باختيارهم وانتخبهم .. وهذا التواصل يجعل … النظام الانتخابي الفردي .. هو الانسب والافضل والضروري والدستوري ايضا للمجالس الشعبية المحلية فهي تختلف عن مجلس النواب وفقا للمادة 180 من الدستور .. التي نصت علي ان “تنتخب كل وحدة محلية مجلساً بالاقتراع العام السرى المباشر ، لمدة أربع سنوات” ولم يشير الي الانتخاب بالقائمة كما جاء في المادة 102 من الدستور والتي تنظيم عملية انتخابات مجلس النواب والتي نص فيها علي إمكانية عمل انتخابات مجلس النواب بالفردي والقائمه تلافيا لخطء سابق تسبب في حل مجلس الشعب بحكم محكمة ولم يسمح بذلك في المادة 180 من الدستور لان الانتخاب بالنظام الفردي للمجلس المحلي يساعده علي القيام بدورة التنفيذي ويسهل عملية التواصل المباشرة بين اعضاء المجلس المحلي والمواطن الذي انتخبهم بالاسم ويعرفهم عن قرب لسرعة حل مشاكلهم ونقل مطالبهم واحتياجاتهم للمسئولين دون وساطة من احد تنفيذا للدور التنفيذي للمجلس المحلي فالجميع في النظام المحلى سوء كان تنفيذي او محلي يعمل من اجل التواصل مع المواطن وخدمته وهو ما لا يتناسب مع النظام الانتخابي بالقائمة مثل انتخابات مجلس الشعب التي تسعي فيها الاحزاب جميعا للسيطرة وتحقيق الاغلبية وتشكيل الحكومة ومحاسبتها ،
ومن الضروري ايضا ان يتم مراعاة تناسب عدد السكان في الوحدة المحلية مع عدد اعضاء المجلس المحلي بها من اجل تحقيق المساواة التي نص عليها الدستور وهوا ما تسبب ايضا في حل مجلس الشعب بحكم محكمة ، وهذا الالتزام ضمانا لعدم الطعن علي الانتخابات المحلية بعد تنفيذها وصدور احكام بحل المجلس المحلي بعد ضياع الوقت والجهد والمال
ثالثا .. المحافظ هو رجل الدولة القوي ومنصبه سياسي وليس محلي ويمثل الرئيس في الاقليم ويدير كل مدرياتها ومرافقها وخدماتها ومسئول عن استقرار المحافظة واستمرارها تحت سيطرة الحكومة المركزية بعيدا عن العصبيات والقبلية والحزبية وبعيدا سيطرت راس المال والتدخلات الاجنبيه ودون تبعيه لاي تيار سياسي تأكيدا لوحدة الدولة ، كما ان المحافظ هو المسئول عن تنفذ سياسة الحكومة في الاقليم ووارد جدا ان يختلف مع مصالح أشخاص او اعضاء في المجلس او حتي احزاب وقد يحدث عنده تقصير في الميزانيات ، فلابد ان نكون جادين في الحفاظ علي هيبة المحافظ في محافظته واستقرار النظام المحلي دون خلافات مع احد او مصالح واحقاد وصراعات او تدخلات حزبية من اي حزب من الاحزاب وألا ينساق وراء سيطرة راس المال واصحاب المصالح
رابعا – المادة 181 تنص علي ان قرارات المجلس المحلى الصادرة فى حدود اختصاصه نهائية، ولا يجوز تدخّل السلطة التنفيذية فيها، إلا لمنع تجاوز المجلس لهذه الحدود، أو الإضرار بالمصلحة العامة، أو بمصالح المجالس المحلية الأخرى.. والمحافظ هنا هو المعني برفض قرارات المجلس المحلي لمنع تجاوز او اضرار بالمصلحة العامه او بمصالح المجالس المحلية الاخري .. فهل يستطيع محافظ اعطينا للمجلس المحلي حق سحب الثقه منه ان يعترض عاجلا علي قرارات المجلس من اجل الصالح العام حتي وان اعطينا لمجلس الدوله الحق في حسم اي خلاف قد يحدث
خامسا – لا يمكن ان نساوي بين المحافظ وهو المسئول الاعلي في المحافظة وهو منصب سياسي ومعين من رئيس الدولة وبين مرؤسيه في سحب الثقة وهو الحكم الفصل في المشاكل التي قد تحدث بين رؤساء الوحدات المحلية التابعة له وبين اعضاء المجلس سواء في القرية او المدينة لكن وجود المحافظ القوي والمؤثر واحترامة هو الضمانة المهمة للجميع في تنفيذ القانون ومحاسبة المقصرين ومنع التجاوز حتي من المجلس نفسه واقالة اي مسئول يقصر في عمله او نقلة دون الحاجه الي انتظار اجرأت سحب الثقه ، ثم كيف يتم سحب الثقه من المحافظ ولا يتم سحبها من السكرتير العام ومديري المدريات .. ويظلوا بعيدا عن الحساب مع انهم قد يكونو هم سب المشكلة ،
فان كان من الضروري سحب الثقة من بعض رؤساء الوحدات المحلية تنفيذا للدستور .. فمن الممكن ان يشير القانون الي ان الدولة مقسمه الي 27 محافظه وتتكون المحافظة من وحدات محلية معينة وينص القانون علي أسماء هذه الوحدات لسحب الثقة من رؤسائها وليس من بينهم المحافظ طبعا وممكن ان يضاف اليها مديري المدريات او حتي السكرتير العام .. وقد نجد ان بعض الدول تقوم بانتخاب مسئول البلدية ويكون هو المسئول الاول عن النظافه واذا لم يحقق المستوي المطلوب من النظافة يتم سحب الثقه منه بمعرفة المجلس المحلي .. رغم ان المحافظ لو شعر بصدق ما يطلبة اي جهاز من الاجهزة الرقابية بما فيهم المجلس المحلي بان هناك تقصير من اي مسؤل تابع له فانه يقوم فورا باستبعاده لدرجة اننا نحتاج احيانا الي ان نضع ضوابط لهذا الحق.
ولكل ما تقدم فقد اصبح جليا الان ان الدستور لم يلزمنا بسحب الثقه ولو اعطينا للمجلس المحلي حق سحب الثقة من المحافظ فسوف يفقد المنصب قيمته وتشتد الصراعات بين المحافظ المعين والمجلس المنتخب فلو اعلن احد الاعضاء لاي سبب او اي خلاف شخصي او خلاف سياسي مع المحافظ انه سوف يقوم بعمل اجراءت سحب الثقة من المحافظ فماذا سيكون موقف الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وما هو مقدار التجريح والاهانات التي سوف تتداول علي هذه الوسائل وتسئ الي المحافظ واسرته وتفقده هيبته في الاقليم وقدرته علي السيطرة بعد ذلك خاصة لو وصلنا الي جلسه سحب الثقة حتي لو لم تستكمل اجراءت سحب الثقة وفقا للضوابط الصعبه التي سوف توضع لمنع ذلك .. فان المتضرر دائما من هذا الصراع هو المواطن واستقرار الدولة والمحافظ في محافظته يختلف عن الوزير قانونيا ودستوريا وصلاحياته وقيمته وسط محافظته تختلف عن الوزاره التي نظم الدستور والقانون اليات محدده وواضحه لسحب الثقه من الوزارة كلها او من وزير بعينة
لذلك ومن اجل الاستقرار المحلي وعدم حدوث فراغ ومشاكل وصراعات محلية فعلينا ان نلتزم بان يقوم السيد الرئيس بتعين المحافظ ويكون هو صاحب الحق الوحيد في اقالة المحافظ بناء علي رؤيته او علي ما يعرضه رئيس الوزراء بناء علي تقارير الأجهزة الرقاية الكثيره التي تراقب عمل المحافظ والتي من الممكن ان يكون من بينها رأي المجلس المحلي نفسه .. ومن الممكن ان نقوم ايضا بوضع ضوابط لاختيار المحافظ ومدة بقاءه ولتكن 3 سنوات وتجدد لمدة اخري تنتهي بانتهاء فتره ولاية الرئيس وتحدد صلاحياته واليات واضحه لاقالته قبل انتهاء مدته في حاله التقصير ليس من بينها سحب الثقة بمعرفة المجلس المحلي .. من اجل محافظات مستقرة بدون صراعات حفاظا علي وحده المحافظة
فلنعمل جميعا من اجل ادارة محلية محترمة تليق بمصر وتحقق مستقبل افضل للجميع وفقا للانظمة المحلية العالمية الناجحة والمستقرة في العالم بدون وجهات نظر وموائمات سياسية وحزبية وبعيدا عن سيطرة رؤس الاموال واصحاب المصالح كي تنجح المنظومة ونتفرغ للتنمية والبناء والاستثمار وتحسين الاقتصاد وزيادة الناتج المحلي الاجمالي وتقديم خدمات افضل للمواطنين كهدف استراتيجي بدلا من اشعال الصراعات حتي تظل مصر فوق الجميع وتكون في المكانة التي تستحقها بين دول العالم … فلازم ننتبه