يا خوفي يا بدران

بقلم: عبدالفتاح موسى
‘يا خوفي يا بدران’ تلك العبارة التي نستخدمها دائماً حين نتوجس خيفة من غدر الأصدقاء. هل تعلم أن هذة العبارة يا عزيزي يرجع أصلها إلي موال الراحل الفنان الكبير محمد رشدي في الستينات وحينها كانت تلك العبارة على لسان أدهم الشرقاوي حينما قال «يا خوفى يا بدران ليكون دا آخر عشا» و الذي كان فيه إتهام صريح للصديق بدران بالخيانة وأنه هو الذي كان السبب في القبض على أدهم الشرقاوي وأنه هو من بلغ الشرطة بمكان صديقه .
هل تعلم أنه حين صدور هذا الموال كان بدران مازال على قيد الحياة بل وكان يعيش بين أهل أدهم الشرقاوي في أمان تام و جاء هذا الإتهام الموحش ليعكر صفو حياته ويمحي ذكرى الصداقة الطيبة لدرجة أن ذات مرة استوقفته امرأة من أهله وكانت تستحقره و هو شيخ عجوز و قالت له بكل سخط (منك لله يا بدران إنت اللى قتلت أدهم).
و من شدة الاكتئاب والحزن الذي أصاب بدران من جراء هذا الاتهام الأليم قرر بدران أن يثبت براءته قبل أن يفارق الدنيا و كان يقول “اتهموني بالخيانة و أنا لسه عايش أمال لما أموت هيقولوا عليا ايه” وظل يحارب من أجل إثبات براءته حتى أنه قام برفع دعوى قضائية ضد الفنان والإذاعة المصرية، وباع أملاكه لإثبات براءته من الإتهام الموجه إليه، وتم الحكم له بتعويض مدنى بمبلغ إثنان وثلاثون ألف جنيهاً من الإذاعة المصرية ومثله من الفنان محمد رشدى.
ولكن ظلت أصابع الإتهام موجه من قبل الناس وهم لا يعلمون حقيقة عبارة ‘يا خوفي يا بدران ‘.
و هنا نقف قليلاً يا عزيزي لتلقي الدرس وأخد العبرة . ما أسهل أن نتهم ونظلم ونلوث سمعة بعضنا البعض وليس أمراً صعباً إنتهاك خصوصيات الآخرين دون أي وجه حق و ما أسهل أن نجعل من الناس عبرة من قصة ليس لهم فيها أي دور ولو ثانوي ولا شيئ أصعب من أن يستعيد المرء سمعته بين الخلق وأن يزيل آثار أي تهمة لحقت به وشوهت سمعته وهزت ثقة الناس فيه.
دعنا يا عزيزي نترك الخلق للخالق فلله في خلقه شئون، دعنا نهتم بأنفسنا دون الإساءة لأحد أو ظلم احد، ولنترك الناس وشأنهم ونحسن الظن ونلتمس الأعذار ونعلم أن النفوس تخفي وتتحمل الكثير. وكما قال الامام الشافعي (لسانك لا تذكر به عورة امرئ * فكلك عورات وللناس ألسن)
عليك يا عزيزي أن تعيش في سلام كي ترحل في أمان وتترك سيرة طيبة اعاننا الله جميعاً علي يوم الموقف العظيم بيوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.فلا داعي أن يختصم بعضنا البعض في يوم نكون فيه في أمس الحاجة إلى الشفاعة و الرحمة.