قال_لى ” أنت عارف سر سورة غافر ؟
ترددت كثيراً قبل أن أكتب لكم عن هذا الموقف العجيب الذى كان نقطة فارقة فى حياتى وقد كتبته بعد استخارة لأدلل به على الإشارات الربانية على طريق كلٍ منا ،،،
فكل إنسان منا له حال بين قلبه وبين ربه ، لايطلع على ذلك إلا من يعلم السر وأخفى ! وكما قال مولانا جلال الدين الرومى ” دع روحك تجذبك بصمت إلى ما تحب ! فإنها لن تُضللك أبدا ”
وكما قال بعض أهل الله : ” الله يسوق لك إشارات على الطريق ، من الناس من يقرأ الإشارات ويفهمها ويطبق مقتضاها ، ومنهم من لا يعرف القراءة ، ومنهم من يقرأ ولا يفهم ، ومنهم من لا يريد القراءة الخ.
#كلفتنى وزارة الأوقاف بإمامة مسجد النور بالعباسية فى شهر يوليو عام 2001 وكنت وقتها فى منتصف العشرينات من عمرى تقريباً ،،،،
وفى شتاء نفس العام ذهبت إلى الدانمرك لأول مرة خلال شهر رمضان وعدت بعدها معبأ بحماسة الشباب والرغبة فى انشاء المزيد من مبادرات العمل الدعوى الذى كرست كل وقتى وجهدى له ،،،
وفى اجتماع مجلس الإدارة طلب منى بعض المسئولين فى الوزارة وقتها طلباً ( شكلاً ومضموناً هو محض فساد ) فأبيت وتحديته بكل صرامة ومنعته من تنفيذ مراده !
فتعرضت لإضطهاد قاسٍ من رجل عجوز وخبرة ( رحمه الله ) وما كنت قد تعودت على هذا المناخ من الضغط الإدارى الفاسد !!
وفى ليلة صليت العشاء فى المسجد إماماً بالمصلين وجلست فى مكتبى بعد الصلاة وداهمتنى عَبرة بكاء ، وأنا أقول لنفسى : معقول. يتعمل فيا كدا علشان يدافع عن الصح وأبيت التورط فى الخطأ ؟
خرجت من مكتبى وأنا أحمل فى نفسى غضباً كغضب سيدنا موسى عندما ألقى الألواح !! ، وقد عزمت عزماً مؤكداً على كتابة طلب نقل من مسجد النور إلى مكان آخر ،،،
خرجت من المسجد إلى ناحية كوبرى العباسية حيث كنت استقل الميكروباص للوصول إلى بيتى ،،، وعلى رصيف ساحة الإنتظار العامة المواجهة للكوبرى قبل عبور الطريق إذ برجل عجوز قصير يلبس جلابية فلاحى ويعمم رأسه بكوفية بسيطة ، ويظهر من ملامحه أنه بسيط وفقير وحدث التالى :
هو : بدون مقدمات انت عارف سر سورة غافر ؟
أنا : بقولك إيه أنا مخنوق ومش ناقص !! قولى عاوز ايه بسرعة !!
وظننت انه متسول. او طالب صدقة. فأدخلت يدى فى جيبى لأخرج اللى فيه النصيب واعطيهوله بكل جهل وحمق للاسف ؟!
هو : يا إبنى أنت فهمتنى غلط !!
أقولك : طب روح اتوكل على الله ،،،
وتركت الرجل ولا زلت تحت تأثير الغضب وركبت الميكروباص ،،، وبعد ذلك انتابنى ندم الدنيا والآخرة ونسيت مشكلتى وجلست أفكر فى الرجل وسره وماذا كان يريد يقول ؟! وهل هو إشارة ربانية ضيعتها بجهلى وعنفوان غضبى ؟!
وصلت بيتى ودخلت على غرفة مكتبى فوراً وأمسكت المصحف. لقراءة سورة غافر ،،، وقلت : يارب ابعتلى الإشارة
قرأت سورة غافر مرتين وفى المرة الثالثة دخلت علىّ
ابنتى الكبرى المهندسة عائشة تزحف وكان عمرها عام تقريباً ،، فتركت القراءة وقبلتها وأجلستها على حجرى ثم رجعت إلى القراءة. وإذ بالآية الكريمة :
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) سورة غافر.
فسجدت لله شكراً. وعدلت عن قرارى بالمثابرة كبديل للهروب ،،، ومن هنا تعلمت درساً عملياً عظيما فى المثابرة والصبر
وبقى من همى كيف أصل لهذا الرجل العظيم البركة !!
أقسم لكم بالله بأننى ظللت أبحث عنه تسع سنوات وانزل ميدان العباسية ونظرى يحوم على الزحام لعلى المحه !! ولم أراه مرة أخرى إلى يوم الناس هذا،،،
وبدأت قصة نجاح للدعوة فى مسجد النور بالعباسية بعد هذا التاريخ ،،
#الشاهد
هناك إشارات ربانية فى حياتك تعرف عليها ولا تتجاهلها ،، ورب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه ،، وتواضع مع عباد الله فإن فيهم من هو قد حصل علم الحقيقة ،،،
ولا تنسو سر سورة غافر فإنه علاج سحرى لكل متأزم أو مبتلى ،،
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (55) سورة غافر.
أسال الله أن يجعلنا جميعاً من عباده المخلصين .