صباح الخير قراءنا الكرام،
في ظل أزمة الأمن الغذائي التي تعاني منها بلدان العالم بدرجات متفاوتة، علينا أن نفكر سويًّا في الغذاء المتاح لدينا، ولكننا نهدره.
نطل عليكم اليوم بأفكار ومبادرات للحد من هدر الطعام. نتمنى أن ينال العدد إعجابكم وأن يثري معارفكم.
القسم الأول: إشكالية هدر الطعام
القسم الثاني: هدر الطعام في أرقام
القسم الثالث: استراتيجيات المواجهة
القسم الرابع: مصر وهدر الطعام
القسم الخامس: أفكار كارتونية
القسم السادس: تجارب دولية
القسم السابع: تحويل الطعام المهدر إلى طاقة
القسم الثامن: استثمار الشركات للطعام المُهدر
القسم التاسع: أبطال مكافحة هدر الطعام
القسم العاشر: كيف يمكننا الحد من هدر الطعام؟
القسم الحادي عشر: مفاهيم تنموية
هل حان الوقت للحد من هدر الطعام؟
———————————————-
يحدث فقد الأغذية وهدرها في كل مرحلة من مراحل السلسلة الغذائية في الدول المتقدمة؛ حيث يحدث هدر للطعام قبل وقت طويل من وصول الأطعمة إلى المنزل، أو حتى إلى محلات البقالة. ففي كندا، على سبيل المثال، تُزرع ملايين الأطنان من الطماطم كل عام. ولا يُتوقع أن يصل مئات الآلاف منها إلى السوق.
وعلى صعيد التهديد البيئي لهدر الطعام، نجد أن 58% من جميع الأغذية المنتجة في كندا يتم إهدارها وهي تمثل 35.5 مليون طن متري. بالإضافة إلى ذلك يُفقد 14% من الأغذية المُنتجة عالميًّا بين الحصاد والتجزئة. كما يُهدر 17% من الأغذية المُنتجة عالميًّا. وتُعدُّ الفواكه والخضراوات الأكثر هدرًا. كما ينتج عن الطعام المُهدر غاز الميثان الذي يضر بالبيئة بمقدار 25 مرة أكثر من ثاني أكسيد الكربون.
وفي هذا الصدد، يشير تقرير الأمم المتحدة الأخير حول التغير المناخي إلى أنه ينبغي اتخاذ إجراءات مهمة لتجنب الاحترار العالمي فوق 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030. ومن ثَمَّ يكون فقد الأغذية وهدرها من بين أكثر التحديات إلحاحًا التي لا بد من حلها.
ختامًا، على الصعيد العالمي، ينتج البشر ما يكفي من الغذاء لإطعام سكان العالم المتزايدين. ومع ذلك، يعاني 811 مليون شخص من الجوع. ومع اندلاع الأزمات العالمية، وخاصة جائحة “كوفيد-19” وأزمة المناخ، تفاقم عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية؛ حيث ازداد عددهم بمقدار 161 مليون شخص في الفترة من 2019 إلى 2020. وعليه، فإن إصلاح الأنظمة الغذائية المُعطلة والحد من هدر الطعام يقع على عاتق الجميع في الوقت الحالي.
ضرورة وقف هدر الطعام، من أجل مصلحة عموم الأفراد
يُعدُّ الحد من فقد الأغذية وهدرها أمرًا ضروريًّا في عالم يشهد ارتفاعًا في عدد الأشخاص المتضررين من الجوع منذ عام 2014؛ حيث تُفقد وتُهدر أطنان من الأغذية الصالحة للأكل يوميًّا. فعلى الصعيد العالمي، يُفقد نحو 14% من الأغذية المنتجة بين الحصاد والبيع بالتجزئة.
هذا، ويُعد اليوم العالمي للتوعية بفقد الأغذية وهدرها في 29 سبتمبر من كل عام فرصة للدعوة إلى اتخاذ إجراءات من جانب السلطات الوطنية أو المحلية والقطاع الخاص (الشركات والأفراد)؛ وذلك لتحديد الأولويات والمُضي قدمًا في الابتكار لتقليل فقد الأغذية وهدرها، وبناء أنظمة غذائية أفضل وأكثر قدرة على الصمود.
وتجدر الإشارة، إلى أنَّ فقد الأغذية وهدرها يقوض استدامة الأنظمة الغذائية. فعندما يُفقد الطعام أو يُهدر، فإن جميع الموارد التي تم استخدامها لإنتاج هذا الغذاء -بما في ذلك الماء والأرض والطاقة والعمالة ورأس المال- تذهب هباءً.
فضلًا عما سبق، يؤدي التخلص من بقايا الطعام في القمامة إلى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مما يُسهم في تفاقم أزمة التغير المناخي. كما يمكن أن يؤثر فقد الأغذية وهدرها سلبًا أيضًا على الأمن الغذائي وتوافر الغذاء، ويُسهم في زيادة تكلفة الغذاء.
ختامًا، لا يمكن أن تكون الأنظمة الغذائية مرنة إذا لم تكن مستدامة، ومن هنا تأتي الحاجة إلى التركيز على اعتماد نهج متكامل ومُصمم لتقليل فقد الأغذية وهدرها. وبالتالي فهناك العديد من الإجراءات المطلوبة عالميًّا ومحليًّا لتعظيم استخدام المواد الغذائية التي يتم إنتاجها.
تزايد استخدام وحدات التخلص من نفايات الطعام خلال عام 2022
من المتوقع أن تنمو سوق وحدات التخلص من نفايات الطعام العالمية من 1.90 مليار دولار أمريكي في عام 2021 إلى 2.12 مليار دولار أمريكي في عام 2022 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 11.3%. ويُعزى النمو بشكل أساسي إلى استئناف الشركات لعملياتها والتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد أثناء التعافي من تأثير جائحة “كوفيد-19”. ومن المتوقع أن تصل السوق إلى 2.80 مليار دولار أمريكي في عام 2026 بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 7.3%.
وتشمل الأنواع الرئيسة لسوق وحدات التخلص من نفايات الطعام؛ أجهزة التخلص من النفايات المُحطمة، وأجهزة التخلص من النفايات الجافة، وأجهزة التخلص من النفايات من خلال الطحن –وهي عبارة عن أجهزة للتخلص من النفايات تشتمل على غرفة لاستقبال القمامة بها قرص قابل للدوران عند قاعها أو بجوارها مزود بأجزاء دافعة شبيهة بالشفرة.
وتجدر الإشارة، إلى أنَّ النمو السكاني، والتوسع الحضري السريع، وزيادة الاستهلاك بسبب ارتفاع الدخل سيؤدي إلى زيادة الطلب على وحدات التخلص من النفايات الغذائية. ووفقًا للبنك الدولي من المقدر أنَّ يصل حجم النفايات المتولدة للفرد يوميًّا إلى 1.42 كجم بحلول 2025.
ختامًا، تركز شركات تصنيع وحدات التخلص من نفايات الطعام على ابتكار حلول متقدمة صديقة للبيئة مثل، حلول تحويل النفايات إلى طاقة؛ حيث يقومون بالتخلص من النفايات بتحويلها إلى جزيئات دقيقة؛ مما يؤدي إلى تكوين الغاز الحيوي. والذي يمكن استخدامه على شكل وقود حيوي لتوليد الكهرباء.
كيف يمكن للأمريكيين التغلب على مشكلة هدر الطعام المتفاقمة؟
بينما يهدر العالم نحو 1.4 مليار طن من الغذاء كل عام، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تُهدر الطعام أكثر من أي بلد آخر في العالم، والذي يقرب من 40-80 مليار رطل كل عام، ليمثل 30-40% من إجمالي الإمدادات الغذائية في البلاد، والتي تعادل 219 رطلًا من النفايات لكل شخص. وهذا يعني أن كل مواطن في الولايات المتحدة الأمريكية يُلقي أكثر من 650 تفاحة في القمامة مباشرة، وفي الواقع، يُشكل الطعام 22% من النفايات الصلبة في البلاد.
هذا، ويتخلص أكثر من 80% من الأمريكيين من الطعام الجيد لمجرد أنهم يسيئون فهم ملصقات انتهاء الصلاحية. فبعض التسميات مثل؛ “تُستخدم من قِبل” أو “تنتهي صلاحيتها في” أو “من الأفضل قبل” تكون مربكة للأفراد وتجعلهم يتخلصون من الطعام مباشرة.
وقد قُدر أنَّ 35 مليون شخص في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية -بما في ذلك 10 ملايين طفل- يعانون من انعدام الأمن الغذائي. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد ليصل إلى 50 مليون شخص في عام 2022؛ بسبب انخفاض معدلات التوظيف، والتداعيات المالية الناجمة عن تفشي جائحة “كوفيد-19”.
وعليه، فإن العديد من الولايات في جميع أنحاء البلاد تتخذ إجراءات للحد من هدر الطعام واستعادة الغذاء. وقد أقر المشرعون في ولايات “كاليفورنيا” و”كونيتيكت” و”ماساتشوستس” و”نيويورك” و”رود آيلاند” و”فيرمونت” قوانين تُقيد كمية نفايات الطعام التي يتم التخلص منها.
في السياق ذاته، دخل “قانون إعادة التدوير الشامل” لولاية “فيرمونت” حيز التنفيذ في يوليو 2020، والذي حظر نفايات الطعام تمامًا. ونتيجة لهذا القانون، زادت التبرعات الغذائية على مستوى الولاية بنسبة 40%. كما يوجد تشريع مُعلق في ولايات “كاليفورنيا” و”كولورادو” و”ماساتشوستس” من شأنه أن يضع خططًا لتمويل برامج القطاع الخاص لجمع النفايات العضوية والتسميد.
وفي عام 2019، توسعت “إدارة الصرف الصحي” في مدينة “نيويورك” في وضع قواعد لفصل المواد العضوية الخاصة بها؛ حيث إن هناك حاجة إلى المزيد من الأعمال المتعلقة بالأغذية لفصل النفايات العضوية في محاولة للحفاظ على 100 ألف طن من الطعام المُهدر كل عام.
إلى جانب ذلك، تتدفق جهود المدن والولايات إلى أنظمة المدارس الأمريكية أيضًا، فقد أدخلت كل من ولاية “مين” و”رود آيلاند” تشريعات لتقليل كمية نفايات الطعام في المدارس. وعلى المستوى الوطني، حددت “وزارة الزراعة الأمريكية” و”وكالة حماية البيئة الأمريكية” هدفًا في عام 2015 لتقليل هدر الطعام بمقدار النصف بحلول عام 2030.
بعض الحقائق المُقلقة عن هدر الطعام
———————————————-
يُقدر الحجم العالمي لهدر الغذاء بـ 1.6 مليار طن من معدلات الإنتاج الأولي. ويبلغ إجمالي هدر الغذاء الصالح للأكل 1.3 مليار طن. بينما تُقدر البصمة الكربونية لهدر الطعام بنحو 3.3 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي سنويًّا. وتمثل انبعاثات الميثان من مدافن النفايات أحد أكبر مصادر انبعاثات الغازات الدفيئة من قطاع النفايات.
هذا، ويبلغ الحجم الإجمالي للمياه المُستخدمة كل عام لإنتاج الغذاء المُهدر 250 كيلومتر مكعب، وهو ما يعادل التدفق السنوي لنهر “الفولجا” في روسيا -أطول أنهار أوروبا وأغزرها- أو ثلاثة أضعاف حجم بحيرة “جنيف” -إحدى كبرى البُحيرات الأوروبية- وبالمثل، فإن 1.4 مليار هكتار من الأراضي -28% من المساحة الزراعية في العالم- تُستخدم سنويًّا لإنتاج الأغذية التي تُهدر.
في السياق ذاته، فإن العملية الزراعية ينتج عنها غالبية التهديدات التي تواجهها الأنواع النباتية والحيوانية المُعرضة للخطر، والتي يتتبعها “الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة”.
اتصالًا، يتم تحويل نسبة منخفضة من جميع الأطعمة المُهدرة إلى سماد، بينما ينتهي الأمر بمعظمه في مكبات النفايات، والتي تمثل جزءًا كبيرًا من النفايات الصلبة المحلية.
ختامًا، تعاني الدول النامية من خسائر غذائية أكبر أثناء الإنتاج الزراعي، بينما في الدول ذات الدخل المتوسط والمرتفع، تزداد نفايات الطعام على مستوى البيع بالتجزئة والاستهلاك. وتصل العواقب الاقتصادية المباشرة لهدر الطعام (باستثناء الأسماك والمأكولات البحرية) إلى 750 مليار دولار أمريكي سنويًّا.
“وكالة حماية البيئة الأمريكية” تقيس حجم الأغذية المُهدرة خلال الأعوام من 1960 إلى 2018
في عام 2020، قامت “وكالة حماية البيئة الأمريكية” (U.S. Environmental Protection Agency)، بمراجعة منهجية قياس الأغذية المُهدرة. وقامت بقياس تقديرات توليد الغذاء المُهدر من القطاعات السكنية والتجارية والمؤسسية لعام 2018، بالإضافة إلى تقديرات لكيفية إدارتها من خلال عدة مسارات. بما في ذلك: الأعلاف الحيوانية، المعالجة الكيميائية الحيوية، الهضم اللاهوائي.
وفي هذا الصدد، يتم تقدير توليد الأغذية المُهدرة في المساكن من خلال تقدير نصيب الفرد على مستوى البلاد والذي يعتمد على أخذ عينات من جميع أنحاء الولايات الأمريكية ثم تطبيقها على سكان الولايات المتحدة الأمريكية جميعهم. بينما تستند تقديرات توليد الأغذية التجارية والمؤسسية المُهدرة إلى عشرات الدراسات الخاصة بالصناعة من جميع أنحاء البلاد.
هذا، وتقدر “وكالة حماية البيئة الأمريكية” أنه تم إنتاج 63.1 مليون طن من نفايات الطعام في القطاعات التجارية والمؤسسية والسكنية في عام 2018، وهو ما يمثل 21.6% من إجمالي توليد النفايات الصلبة المحلية.
ختامًا، لتقدير كيفية إدارة كل قطاع للأغذية المُهدرة، اعتمدت “وكالة حماية البيئة” على دراسات مختلفة خاصة بالصناعة، بالإضافة إلى بيانات الهضم اللاهوائي -الهضم من دون أكسجين، وهو عملية تحلل حيوي بطريقة طبيعية للمواد العضوية. ويُستخدم إما للتخلص من النفايات العضوية أو لإنتاج الغاز الحيوي- المُبلغ عنها من قِبل المنشأة، وبيانات التسميد المُبلَّغ عنها من الدولة.
مواجهة أزمة هدر الطعام
——————————-
وفقًا لـ “برنامج الأمم المتحدة للبيئة” (United Nations Environment Program)، يبلغ إجمالي نفايات الطعام المنزلية – تلك العناصر المنتهية الصلاحية، أو الفاسدة في الخزانات، أو الثلاجات- ما يقرب من 570 مليون طن سنويُّا، أي 11% من إنتاج الغذاء العالمي.
في هذا السياق، يتم إهدار 8% من الأغذية عند الحصاد، و 14% في طريقها إلى سوق التجزئة (أثناء النقل أو التخزين أو المعالجة)، و7% على مستوى البيع بالتجزئة والخدمات الغذائية وما يقرب من 40% من جميع الأغذية المنتجة لا تصل أبدًا إلى الأفراد الأكثر حاجة.
ومن جانبها، أفادت “ليز جودوين” (Liz Goodwin)، مدير قسم فقد الأغذية وهدرها بـ “معهد الموارد العالمية” (World Resources Institute)، بأنه من المهزلة أننا نفقد أو نهدر نحو ثلث الطعام الذي يتم إنتاجه، وفي الوقت نفسه، يظل واحد من كل 10 أشخاص يعاني من الجوع كل يوم، مؤكدة أنه يجب علينا تحويل نظام الغذاء لجعله أكثر استدامة، حتى نتمكن من إطعام الأفراد الموجودين على كوكب الأرض بأنظمة غذائية مغذية، ويُعدُّ معالجة فقد الطعام وهدره جزءًا أساسيًّا من ذلك.
هذا، وقد توقع تقدير واسع النطاق لفقد الأغذية وهدرها من قِبل “منظمة الأغذية والزراعة“(Food and Agriculture Organization) عام 2011، أنَّ نحو ثلث الأغذية في العالم تُفقد أو تُهدر كل عام. وقد مكّنت البيانات التي تم جمعها منذ عام 2011 الخبراء من تحسين حساباتهم، وكشفت أنَّ المشكلة أسوأ مما كان متوقعًا في السابق.
وخلص أول تقدير لمؤشر “الفاو” لفقدان الغذاء، نُشر في تقرير حالة الأغذية والزراعة لعام 2019، إلى أن نحو 14% من الأغذية في العالم تُفقد بين المزرعة ومستوى البيع بالتجزئة. ويختلف المبلغ المفقود عبر الدول؛ حيث يتراوح من 5% في أستراليا ونيوزيلندا إلى أكثر من 20% في وسط وجنوب آسيا.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أنَّ فقدان الطعام أثناء الحصاد يمثل مشكلة لجميع دل العالم، وليس فقط الدول منخفضة الدخل، التي قد لا تمتلك التكنولوجيا والموارد لتقليل الخسائر.
هدر الطعام وتفاقم المشكلات البيئية
———————————————-
هدر الطعام والتغير المناخي
———————————–
يُطلِق كل جزء من سلسلة الإمداد الغذائي الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي؛ حيث تُستخدم الطاقة في زراعة الطعام وتخزينه ومعالجته ونقله وطهيه. بالإضافة إلى ذلك، يسهم الطعام المهمل الذي ينتهي به المطاف في مكبات النفايات في هذه الغازات، كما أنَّ إنتاج اللحوم (خاصة لحوم البقر) يطلق كميات هائلة من غاز الميثان؛ بسبب إطلاق الغازات من الأبقار.
هذا، ويمثل نظام الغذاء العالمي ما يصل إلى 30% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهدر الطعام جزء من هذا، وتقدر البصمة الكربونية لنفايات الطعام بنحو 3.3 مليارات طن من مكافئات ثاني أكسيد الكربون التي يتم إطلاقها في الغلاف الجوي سنويًّا.
ومن جانبها، أفادت “منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة” (Food and Agriculture Organization)، بأنه إذا كانت نفايات الطعام دولة لكانت ثالث أكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
هدر الطعام والضغط على الموارد المائية
يُعدُّ هدر الطعام مشكلة أيضًا بالنظر إلى الماء الذي تم استخدامه لإنتاج الطعام؛ حيث يتم استخدام معظم المياه على هذا الكوكب لإنتاج الغذاء، وبالتالي فإنَّ الطعام المهدر يعني أيضًا هدر المياه. والجدير بالذكر أنه يتم إهدار 250 كيلومترًا مربعًا من المياه العذبة سنويًّا لإنتاج الغذاء الضائع. يُستخدم ربع المياه العذبة في العالم لزراعة طعام لن يؤكل أبدًا. وفي الوقت نفسه، يتزايد عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص حاد في المياه بالثانية، ومن المتوقع أن يصل عددهم إلى ما يقرب من 4 مليارات شخص بحلول عام 2050.
إلى جانب التأثير البيئي لهدر الطعام ، هناك أيضًا عواقب اقتصادية؛ حيث تُقدر “الأمم المتحدة” العواقب الاقتصادية المباشرة لهدر الطعام بنحو 750 مليار دولار سنويًّا. وهذا باستثناء الأسماك والمأكولات البحرية، وبحساب الأسماك والمأكولات البحرية يقترب الرقم من تريليون دولار أمريكي.
تقرير مؤشر نفايات الطعام: العالم بحاجة إلى بيانات أفضل لقياس الفاقد
يسعى المستهدف الثالث للهدف الثاني عشر من أهداف التنمية المستدامة (SDG 12.3) إلى خفض نفايات الطعام إلى النصف على مستوى البيع بالتجزئة والمستهلكين وتقليل فقد الأغذية عبر سلاسل التوريد. وفي هذا الصدد، سعى “تقرير مؤشر نفايات الطعام” الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى إحراز تقدم في تحقيق هذا الهدف من أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد، قدم التقرير أكثر البيانات شمولًا لجمع وتحليل ونمذجة نفايات الطعام حتى الآن؛ مما ينتج عنه تقدير جديد لنفايات الطعام العالمية. وخلاله، تم حساب تقديرات نفايات الطعام على المستوى القطري، مما ساعد على تقديم نظرة ثاقبة جديدة حول حجم المشكلة وإمكانية الوقاية الكبيرة في البلدان المنخفضة والمتوسطة والعالية الدخل.
قدم التقرير أيضًا منهجية للبلدان لقياس نفايات الطعام، على مستوى الأسرة والخدمات الغذائية ومستوى البيع بالتجزئة، من أجل تتبع التقدم الوطني نحو عام 2030 وتحقيق هدف التنمية المستدامة المذكور سابقًا.
وبالاعتماد على هذا التقرير، ستنتج البلدان التي تستخدم هذه المنهجية أدلة قوية لتوجيه استراتيجية وطنية بشأن منع هدر الطعام، وتقديرات نفايات الطعام على مدى عامين أو أربعة أعوام؛ مما يتيح إجراء مقارنات ذات مغزى بين البلدان على مستوى العالم.
وتكملة لمؤشر الفاقد الغذائي، الذي طورته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يغطي مؤشر هدر الغذاء المراحل اللاحقة من رحلة الطعام – نفايات الطعام – التي تحدث على مستوى المنزل وخدمة الطعام ومستوى البيع بالتجزئة.
كذلك يسلط التقرير الضوء على حجم نفايات الطعام وانتشار نفايات الطعام المنزلية في جميع القارات، بغض النظر عن مستويات الدخل في الدولة، موضحًا أنه من خلال التخلص من 17% من المواد الغذائية المتوفرة في متاجر التجزئة والخدمات الغذائية والمستهلكين، تنجم آثار للنظم الغذائية تؤثر بدورها على المناخ والطبيعة والتلوث دون داعٍ.
أشار التقرير أيضًا إلى أن ما يقدر بنحو 8-10% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية يرتبط بالأغذية التي لا يتم استهلاكها، ومع ذلك لم تذكر أي من المساهمات المحددة وطنيًا في اتفاقية باريس نفايات الطعام.
أوضح التقرير أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) تقدر أن 690 مليون شخص كانوا يعانون من الجوع في عام 2019، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع بشكل حاد خلال وبعد جائحة “كوفيد-19″مع وجود نحو 3 مليارات شخص لا يستطيعون تحمل تكاليف نظام غذائي صحي. وفي هذا الصدد، قدم التقرير رسالة واضحة وهي: يحتاج المواطنون إلى المساعدة للحد من هدر الطعام في المنزل.
أشار التقرير أيضًا إلى أن هناك نقصًا في بيانات نفايات الطعام المنزلية خارج أوروبا وأمريكا الشمالية؛ حيث أدت الاختلافات في تعريفات فقد الأغذية وهدرها وطرق القياس الكمي المتنوعة المستخدمة إلى غموض البيانات.
في السياق ذاته، أوضح التقرير أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في التقديرات الوطنية لفقد الأغذية وهدرها، مشيرًا إلى أنه من بين التقديرات التي قاموا بتحليلها، لم يتضمن الكثير منها قياسًا جديدًا، لكنهم اعتمدوا على بيانات غير مباشرة من بلدان أخرى في كثير من الأحيان أو قديمة.
أكد التقرير أن نقص البيانات يُعدُّ مشكلة عالمية، فمعظم البلدان ليس لديها بيانات قوية عن نفايات الطعام، كم من الطعام يضيع أو يضيع؟ في أي قطاعات (أجزاء من سلسلة التوريد) يتم إنشاء معظم النفايات؟ ما هي أنواع الطعام التي لها التأثير الأكبر؟ وبدون هذه المعلومات، تكافح الحكومات والشركات والمنظمات الأخرى لاتخاذ إجراءات، وتفتقر إلى المعلومات لتحديد أولويات جهودها.
وهكذا، فلتتبع التقدم المحرز نحو تحقيق هدف التنمية المستدامة بشأن فقد الأغذية وهدرها (الهدف 12.3)، هناك حاجة إلى بيانات أفضل، وهو ما يمكن تحقيقه بالفعل.
بالأرقام: تداعيات هدر الطعام وكيف يمكننا الحد من الفاقد؟
وفقًا لتقرير الأمم المتحدة، يهدر العالم نحو 931 مليون طن من الغذاء كل عام، وينتج عن ذلك ما بين 8-10% من انبعاثات الكربون العالمية من المنتجات غير المستهلكة.
ووفقًا لتقرير “مؤشر نفايات الطعام” لعام 2021 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، فقد يضيع نحو 17% من إنتاج الغذاء العالمي، حيث يأتي 61% من هذه النفايات من المنازل، و26% من خدمات الطعام، و13% من البيع بالتجزئة.
كذلك يُثقل هدر الطعام أنظمة إدارة النفايات، ويزيد من انعدام الأمن الغذائي، كما أنه مساهم رئيس في المشكلات العالمية للتغير المناخي، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث. وبالتالي، فإن الحد من هدر الطعام على جميع المستويات – الاستهلاكية والمحلية – يمكن أن يكون له فوائد بيئية واجتماعية واقتصادية كبيرة.
في هذا الصدد أولت الأمم المتحدة أهمية كبرى للحد من هدر الطعام في أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف 12.3، والذي يُلزم البلدان بخفض نصيب الفرد من نفايات الغذاء العالمية إلى النصف على مستوى التجزئة والمستهلكين بحلول عام 2030.
هذا، وقد وجد تقرير الأمم المتحدة أن نصيب الفرد من نفايات الطعام المنزلية متشابه في البلدان ذات الدخل المرتفع، والبلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى، والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى. فيما لم تكن هناك بيانات كافية عن ذوي الدخل المنخفض.
في السياق ذاته، تكرس العديد من العلامات التجارية نفسها لتحويل النفايات المحتملة إلى مواد خام جديدة للمنتجات المعاد تدويرها، أي المنتجات المصنوعة من مكونات غير مخصصة للاستهلاك البشري، والتي يتم شراؤها ومعالجتها باستخدام سلاسل التوريد التي يمكن تتبعها والتي لها أيضًا تأثير إيجابي على البيئة.
كما تُقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أن 690 مليون شخص يعانون من الجوع في عام 2019، ومن المرجح أن ترتفع هذه الأرقام بعد جائحة “كوفيد-19”.
ومع انعدام الأمن الغذائي الذي يؤثر على الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم، يرى تقرير تحفيز النظم الغذائية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن إحداث تحول في قطاع الغذاء مطلوب لإنشاء أنظمة غذائية مستدامة ومغذية وصحية.
الاستراتيجية العالمية لتحسين الإحصاءات الزراعية والريفية
وضعت “منظمة الأغذية والزراعة” (Food and Agricultural Organization) الاستراتيجية العالمية لتحسين الإحصاءات الزراعية والريفية كمخطط لمبادرة منسقة وطويلة الأجل لمعالجة التدهور في أنظمة الإحصاء الزراعية في العديد من الدول النامية؛ بهدف توفير إطار عمل للأنظمة الإحصائية الوطنية والدولية لتمكين الدول النامية من إنتاج وتطبيق البيانات والمعلومات الأساسية اللازمة في القرن الحادي والعشرين. وتم تصميمها لمدة 15 عامًا ويتم تنفيذها على عدة مراحل.
خلال مرحلتها الأولى من التنفيذ (2012-2018)، ركزت الاستراتيجية على ثلاث ركائز تم إنتاجها من خلال ثلاثة مكونات فنية: البحث المنهجي، والمساعدة التقنية، والتدريب المُنفذّ في منطقتين: إفريقيا، وآسيا، والمحيط الهادئ.
هذا، وقد تم تحقيق نتائج مهمة في المرحلة الأولى، أبرزها: 1) تم تحديث الأساليب الإحصائية الزراعية بالكامل وإقرارها من قِبل “منظمة الأغذية والزراعة”. 2) تم إعداد الخطط الاستراتيجية للإحصاءات الزراعية والريفية في 40 دولة تقريبًا. 3) تم تنفيذ نموذج المسار السريع للمساعدة الفنية بنجاح. 4) تم إحراز تقدم ملموس في القدرات العامة للدول من خلال برامج التدريب الإقليمية.
ختامًا، تركز المرحلة الثانية من الاستراتيجية العالمية (2020- 2025)، التي بدأت في عام 2021، على تطبيق واستخدام المنهجيات التي تم تطويرها في إطار المرحلة الأولى. وستواصل تلك المرحلة تعزيز القدرات الإحصائية للدول من خلال توفير التدريب والمساعدة الفنية على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي. وسيرتبط عمل الاستراتيجية العالمية بأنشطة مبادرة (50×2030) لسد فجوة البيانات الزراعية، والتي تهدف إلى جمع البيانات في 50 دولة منخفضة الدخل وذات الدخل المتوسط الأدنى بحلول عام 2030.
جهود الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة هدر الطعام
تُقدر نسبة نفايات الطعام في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 30-40% من الإمدادات الغذائية، ولمواجهة هذا، اتخذت واشنطن العديد من السياسات والإجراءات والتي كان من بينها:
مبادرة الفوز في الحد من هدر الغذاء: أطلقت وزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، ووكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)، وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية(FDA) هذه المبادرة عام 2018؛ بهدف تحسين التنسيق والتواصل عبر الوكالات الفيدرالية التي تحاول توعية الأمريكيين بشكل أفضل بتأثيرات وأهمية الحد من فقد الأغذية، وتخفيض نسبة هدر الطعام إلى 50% بحلول عام 2030.
استراتيجية مشتركة بين الوكالات للحد من هدر الطعام: كجزء من مبادرة الفوز في الحد من هدر الطعام، أصدرت واشنطن استراتيجيتها الفيدرالية المشتركة بين الوكالات لعام 2019-2020؛ حيث حددت عددًا من الأولويات وهي: تعزيز التنسيق بين الوكالات، زيادة جهود توعية المستهلك، تحسين التنسيق والتوجيه بشأن قياس الفاقد والمهدر من الأغذية، توضيح ونقل المعلومات حول سلامة الأغذية، وملصقات تاريخ الغذاء، والتبرعات الغذائية، التعاون مع الصناعة الخاصة لتقليل فقد الأغذية عبر سلسلة التوريد، فضلًا عن تشجيع الحد من هدر الطعام من قبل الوكالات الفيدرالية.
إشراك المؤسسات: في 9 أبريل 2019، وقعت وزارة الزراعة الأمريكية و”وكالة حماية البيئة” و”إدارة الغذاء والدواء” اتفاقية رسمية مع شركة “ريفيد” (ReFED) المتخصصة في مكافحة هدر الطعام؛ للتعاون في الجهود المبذولة للحد من هدر الطعام في الولايات المتحدة. تضمن الاتفاق تطوير مناهج لقياس نجاح استراتيجيات مخلفات الطعام، وتعزيز جهود جمع البيانات والقياس.
وفي 30 أكتوبر 2019، أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية ووكالة حماية البيئة وإدارة الغذاء والدواء عن شراكة جديدة مع تحالف الحد من نفايات الطعام (FWRA) تقوم بموجبها الوكالات الأمريكية بإضفاء الطابع الرسمي على جهود التعليم والتواصل الصناعي مع “جمعية مصنعي البقالة”، و”معهد تسويق الأغذية”، ورابطة المطاعم الوطنية، والشركاء المؤسسين الثلاثة لـ (FWRA).
استراتيجيات فعّالة: كيف نجحت سنغافورة في مكافحة هدر الطعام؟
تمثل مخلفات الطعام نحو 12% من إجمالي النفايات المتولدة في سنغافورة، وقد بلغ إجمالي نفايات الطعام المتولدة في عام 2021 نحو 817 ألف طن، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 23% عن 665 ألف طن تم إنتاجها في عام 2020. وبينما زادت كمية نفايات الطعام المتولدة، زادت أيضًا كمية نفايات الطعام المعاد تدويرها، وبالتالي معدل إعادة التدوير، وظل نفايات الطعام عند 19%.
في هذا السياق، وضعت سنغافورة استراتيجيات عدة للحد من هدر الطعام، وكانت إعادة توزيع الطعام غير المباع أو الزائد، وإعادة تدوير/معالجة نفايات الطعام مكونات مهمة في استراتيجيتها الوطنية لإدارة النفايات للعمل من أجل أن تصبح سنغافورة دولة خالية من النفايات. وهكذا تتمثل استراتيجيات إدارة المخلفات الغذائية في:
أولًا: استراتيجية منع وتقليل الهدر الغذائي في المصدر، ومن خلالها أطلقت سنغافورة برنامج التوعية للحد من نفايات الطعام (FWR) في نوفمبر 2015 لتشجيع تبني عادات شراء وتخزين وإعداد الطعام الذكية التي تساعد المستهلكين على توفير المال مع تقليل هدر الطعام.
يتميز برنامج التوعية بمواد تعليمية يتم نشرها على منصات وسائل الإعلام المطبوعة والاجتماعية مثل، (الصحف والتليفزيون والمواقع الإلكترونية) والمبادرات التي يقودها المجتمع، والتي تضمنت مسرحية تثقيفية.
وللحصول على نصائح سهلة التنفيذ ومفيدة حول كيفية تقليل إهدار الطعام في المنزل وعند تناول الطعام بالخارج، يمكن لأفراد الجمهور تنزيل دليل مفيد عبر الإنترنت وهو “حب طعامك” (Love Your Food) والذي يقدم اقتراحات مفيدة حول تخطيط الوجبات، وتخزين الطعام، بالإضافة إلى الوصفات والأفكار المبتكرة حول كيفية استخدام بقايا الطعام لإعداد أطباق لذيذة.
بالإضافة إلى ذلك، عملت وكالة الطاقة النووية، ووكالة الغذاء السنغافورية (SFA) مع مختلف أصحاب المصلحة في الصناعة لنشر كتيبات إرشادية للحد من نفايات الطعام لمؤسسات بيع المواد الغذائية ومحلات السوبر ماركت ومؤسسات تصنيع الأغذية للحد من هدر الطعام عبر سلسلة التوريد.
تشمل المجالات الممكنة للتعاون ما يلي: الدعاية، حيث يمكن للمنظمات الاستفادة من منصات الدعاية الخاصة بها مثل، (منصات وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات الويب ولوحات الإعلانات) لزيادة الوعي.
برنامج توعية لموارد المياه العذبة: يمكن للمنظمات تنفيذ برنامج التوعية الخاص بها وتدريب موظفيها ليكونوا سفراء الحد من هدر الغذاء، برنامج (Love Your Food Canteen)، والذي طورته سنغافورة كتحدٍ لتشجيع العملاء على طلب ما يمكنهم فقط وإنهاء طعامهم لتقليل هدر الطعام الناتج.
طعامنا المُهدر… كيف ننقذه؟
دراسة من إعداد:
———————
محمد عبدالمولي
mohamedabdelmawla852@gmail.com
———————————————–
صباح الخير قراءنا الكرام،
في ظل أزمة الأمن الغذائي التي تعاني منها بلدان العالم بدرجات متفاوتة، علينا أن نفكر سويًّا في الغذاء المتاح لدينا، ولكننا نهدره.
نطل عليكم اليوم بأفكار ومبادرات للحد من هدر الطعام. نتمنى أن ينال العدد إعجابكم وأن يثري معارفكم.
القسم الأول: إشكالية هدر الطعام
القسم الثاني: هدر الطعام في أرقام
القسم الثالث: استراتيجيات المواجهة
القسم الرابع: مصر وهدر الطعام
القسم الخامس: أفكار كارتونية
القسم السادس: تجارب دولية
القسم السابع: تحويل الطعام المهدر إلى طاقة
القسم الثامن: استثمار الشركات للطعام المُهدر
القسم التاسع: أبطال مكافحة هدر الطعام
القسم العاشر: كيف يمكننا الحد من هدر الطعام؟
القسم الحادي عشر: مفاهيم تنموية
هل حان الوقت للحد من هدر الطعام؟
———————————————-
يحدث فقد الأغذية وهدرها في كل مرحلة من مراحل السلسلة الغذائية في الدول المتقدمة؛ حيث يحدث هدر للطعام قبل وقت طويل من وصول الأطعمة إلى المنزل، أو حتى إلى محلات البقالة. ففي كندا، على سبيل المثال، تُزرع ملايين الأطنان من الطماطم كل عام. ولا يُتوقع أن يصل مئات الآلاف منها إلى السوق.
وعلى صعيد التهديد البيئي لهدر الطعام، نجد أن 58% من جميع الأغذية المنتجة في كندا يتم إهدارها وهي تمثل 35.5 مليون طن متري. بالإضافة إلى ذلك يُفقد 14% من الأغذية المُنتجة عالميًّا بين الحصاد والتجزئة. كما يُهدر 17% من الأغذية المُنتجة عالميًّا. وتُعدُّ الفواكه والخضراوات الأكثر هدرًا. كما ينتج عن الطعام المُهدر غاز الميثان الذي يضر بالبيئة بمقدار 25 مرة أكثر من ثاني أكسيد الكربون.
وفي هذا الصدد، يشير تقرير الأمم المتحدة الأخير حول التغير المناخي إلى أنه ينبغي اتخاذ إجراءات مهمة لتجنب الاحترار العالمي فوق 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030. ومن ثَمَّ يكون فقد الأغذية وهدرها من بين أكثر التحديات إلحاحًا التي لا بد من حلها.
ختامًا، على الصعيد العالمي، ينتج البشر ما يكفي من الغذاء لإطعام سكان العالم المتزايدين. ومع ذلك، يعاني 811 مليون شخص من الجوع. ومع اندلاع الأزمات العالمية، وخاصة جائحة “كوفيد-19” وأزمة المناخ، تفاقم عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية؛ حيث ازداد عددهم بمقدار 161 مليون شخص في الفترة من 2019 إلى 2020. وعليه، فإن إصلاح الأنظمة الغذائية المُعطلة والحد من هدر الطعام يقع على عاتق الجميع في الوقت الحالي.
ضرورة وقف هدر الطعام، من أجل مصلحة عموم الأفراد
يُعدُّ الحد من فقد الأغذية وهدرها أمرًا ضروريًّا في عالم يشهد ارتفاعًا في عدد الأشخاص المتضررين من الجوع منذ عام 2014؛ حيث تُفقد وتُهدر أطنان من الأغذية الصالحة للأكل يوميًّا. فعلى الصعيد العالمي، يُفقد نحو 14% من الأغذية المنتجة بين الحصاد والبيع بالتجزئة.
هذا، ويُعد اليوم العالمي للتوعية بفقد الأغذية وهدرها في 29 سبتمبر من كل عام فرصة للدعوة إلى اتخاذ إجراءات من جانب السلطات الوطنية أو المحلية والقطاع الخاص (الشركات والأفراد)؛ وذلك لتحديد الأولويات والمُضي قدمًا في الابتكار لتقليل فقد الأغذية وهدرها، وبناء أنظمة غذائية أفضل وأكثر قدرة على الصمود.
وتجدر الإشارة، إلى أنَّ فقد الأغذية وهدرها يقوض استدامة الأنظمة الغذائية. فعندما يُفقد الطعام أو يُهدر، فإن جميع الموارد التي تم استخدامها لإنتاج هذا الغذاء -بما في ذلك الماء والأرض والطاقة والعمالة ورأس المال- تذهب هباءً.
فضلًا عما سبق، يؤدي التخلص من بقايا الطعام في القمامة إلى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مما يُسهم في تفاقم أزمة التغير المناخي. كما يمكن أن يؤثر فقد الأغذية وهدرها سلبًا أيضًا على الأمن الغذائي وتوافر الغذاء، ويُسهم في زيادة تكلفة الغذاء.
ختامًا، لا يمكن أن تكون الأنظمة الغذائية مرنة إذا لم تكن مستدامة، ومن هنا تأتي الحاجة إلى التركيز على اعتماد نهج متكامل ومُصمم لتقليل فقد الأغذية وهدرها. وبالتالي فهناك العديد من الإجراءات المطلوبة عالميًّا ومحليًّا لتعظيم استخدام المواد الغذائية التي يتم إنتاجها.
تزايد استخدام وحدات التخلص من نفايات الطعام خلال عام 2022
من المتوقع أن تنمو سوق وحدات التخلص من نفايات الطعام العالمية من 1.90 مليار دولار أمريكي في عام 2021 إلى 2.12 مليار دولار أمريكي في عام 2022 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 11.3%. ويُعزى النمو بشكل أساسي إلى استئناف الشركات لعملياتها والتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد أثناء التعافي من تأثير جائحة “كوفيد-19”. ومن المتوقع أن تصل السوق إلى 2.80 مليار دولار أمريكي في عام 2026 بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 7.3%.
وتشمل الأنواع الرئيسة لسوق وحدات التخلص من نفايات الطعام؛ أجهزة التخلص من النفايات المُحطمة، وأجهزة التخلص من النفايات الجافة، وأجهزة التخلص من النفايات من خلال الطحن –وهي عبارة عن أجهزة للتخلص من النفايات تشتمل على غرفة لاستقبال القمامة بها قرص قابل للدوران عند قاعها أو بجوارها مزود بأجزاء دافعة شبيهة بالشفرة.
وتجدر الإشارة، إلى أنَّ النمو السكاني، والتوسع الحضري السريع، وزيادة الاستهلاك بسبب ارتفاع الدخل سيؤدي إلى زيادة الطلب على وحدات التخلص من النفايات الغذائية. ووفقًا للبنك الدولي من المقدر أنَّ يصل حجم النفايات المتولدة للفرد يوميًّا إلى 1.42 كجم بحلول 2025.
ختامًا، تركز شركات تصنيع وحدات التخلص من نفايات الطعام على ابتكار حلول متقدمة صديقة للبيئة مثل، حلول تحويل النفايات إلى طاقة؛ حيث يقومون بالتخلص من النفايات بتحويلها إلى جزيئات دقيقة؛ مما يؤدي إلى تكوين الغاز الحيوي. والذي يمكن استخدامه على شكل وقود حيوي لتوليد الكهرباء.
كيف يمكن للأمريكيين التغلب على مشكلة هدر الطعام المتفاقمة؟
بينما يهدر العالم نحو 1.4 مليار طن من الغذاء كل عام، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تُهدر الطعام أكثر من أي بلد آخر في العالم، والذي يقرب من 40-80 مليار رطل كل عام، ليمثل 30-40% من إجمالي الإمدادات الغذائية في البلاد، والتي تعادل 219 رطلًا من النفايات لكل شخص. وهذا يعني أن كل مواطن في الولايات المتحدة الأمريكية يُلقي أكثر من 650 تفاحة في القمامة مباشرة، وفي الواقع، يُشكل الطعام 22% من النفايات الصلبة في البلاد.
هذا، ويتخلص أكثر من 80% من الأمريكيين من الطعام الجيد لمجرد أنهم يسيئون فهم ملصقات انتهاء الصلاحية. فبعض التسميات مثل؛ “تُستخدم من قِبل” أو “تنتهي صلاحيتها في” أو “من الأفضل قبل” تكون مربكة للأفراد وتجعلهم يتخلصون من الطعام مباشرة.
وقد قُدر أنَّ 35 مليون شخص في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية -بما في ذلك 10 ملايين طفل- يعانون من انعدام الأمن الغذائي. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد ليصل إلى 50 مليون شخص في عام 2022؛ بسبب انخفاض معدلات التوظيف، والتداعيات المالية الناجمة عن تفشي جائحة “كوفيد-19”.
وعليه، فإن العديد من الولايات في جميع أنحاء البلاد تتخذ إجراءات للحد من هدر الطعام واستعادة الغذاء. وقد أقر المشرعون في ولايات “كاليفورنيا” و”كونيتيكت” و”ماساتشوستس” و”نيويورك” و”رود آيلاند” و”فيرمونت” قوانين تُقيد كمية نفايات الطعام التي يتم التخلص منها.
في السياق ذاته، دخل “قانون إعادة التدوير الشامل” لولاية “فيرمونت” حيز التنفيذ في يوليو 2020، والذي حظر نفايات الطعام تمامًا. ونتيجة لهذا القانون، زادت التبرعات الغذائية على مستوى الولاية بنسبة 40%. كما يوجد تشريع مُعلق في ولايات “كاليفورنيا” و”كولورادو” و”ماساتشوستس” من شأنه أن يضع خططًا لتمويل برامج القطاع الخاص لجمع النفايات العضوية والتسميد.
وفي عام 2019، توسعت “إدارة الصرف الصحي” في مدينة “نيويورك” في وضع قواعد لفصل المواد العضوية الخاصة بها؛ حيث إن هناك حاجة إلى المزيد من الأعمال المتعلقة بالأغذية لفصل النفايات العضوية في محاولة للحفاظ على 100 ألف طن من الطعام المُهدر كل عام.
إلى جانب ذلك، تتدفق جهود المدن والولايات إلى أنظمة المدارس الأمريكية أيضًا، فقد أدخلت كل من ولاية “مين” و”رود آيلاند” تشريعات لتقليل كمية نفايات الطعام في المدارس. وعلى المستوى الوطني، حددت “وزارة الزراعة الأمريكية” و”وكالة حماية البيئة الأمريكية” هدفًا في عام 2015 لتقليل هدر الطعام بمقدار النصف بحلول عام 2030.
بعض الحقائق المُقلقة عن هدر الطعام
———————————————-
يُقدر الحجم العالمي لهدر الغذاء بـ 1.6 مليار طن من معدلات الإنتاج الأولي. ويبلغ إجمالي هدر الغذاء الصالح للأكل 1.3 مليار طن. بينما تُقدر البصمة الكربونية لهدر الطعام بنحو 3.3 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة المنبعثة في الغلاف الجوي سنويًّا. وتمثل انبعاثات الميثان من مدافن النفايات أحد أكبر مصادر انبعاثات الغازات الدفيئة من قطاع النفايات.
هذا، ويبلغ الحجم الإجمالي للمياه المُستخدمة كل عام لإنتاج الغذاء المُهدر 250 كيلومتر مكعب، وهو ما يعادل التدفق السنوي لنهر “الفولجا” في روسيا -أطول أنهار أوروبا وأغزرها- أو ثلاثة أضعاف حجم بحيرة “جنيف” -إحدى كبرى البُحيرات الأوروبية- وبالمثل، فإن 1.4 مليار هكتار من الأراضي -28% من المساحة الزراعية في العالم- تُستخدم سنويًّا لإنتاج الأغذية التي تُهدر.
في السياق ذاته، فإن العملية الزراعية ينتج عنها غالبية التهديدات التي تواجهها الأنواع النباتية والحيوانية المُعرضة للخطر، والتي يتتبعها “الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة”.
اتصالًا، يتم تحويل نسبة منخفضة من جميع الأطعمة المُهدرة إلى سماد، بينما ينتهي الأمر بمعظمه في مكبات النفايات، والتي تمثل جزءًا كبيرًا من النفايات الصلبة المحلية.
ختامًا، تعاني الدول النامية من خسائر غذائية أكبر أثناء الإنتاج الزراعي، بينما في الدول ذات الدخل المتوسط والمرتفع، تزداد نفايات الطعام على مستوى البيع بالتجزئة والاستهلاك. وتصل العواقب الاقتصادية المباشرة لهدر الطعام (باستثناء الأسماك والمأكولات البحرية) إلى 750 مليار دولار أمريكي سنويًّا.
“وكالة حماية البيئة الأمريكية” تقيس حجم الأغذية المُهدرة خلال الأعوام من 1960 إلى 2018
في عام 2020، قامت “وكالة حماية البيئة الأمريكية” (U.S. Environmental Protection Agency)، بمراجعة منهجية قياس الأغذية المُهدرة. وقامت بقياس تقديرات توليد الغذاء المُهدر من القطاعات السكنية والتجارية والمؤسسية لعام 2018، بالإضافة إلى تقديرات لكيفية إدارتها من خلال عدة مسارات. بما في ذلك: الأعلاف الحيوانية، المعالجة الكيميائية الحيوية، الهضم اللاهوائي.
وفي هذا الصدد، يتم تقدير توليد الأغذية المُهدرة في المساكن من خلال تقدير نصيب الفرد على مستوى البلاد والذي يعتمد على أخذ عينات من جميع أنحاء الولايات الأمريكية ثم تطبيقها على سكان الولايات المتحدة الأمريكية جميعهم. بينما تستند تقديرات توليد الأغذية التجارية والمؤسسية المُهدرة إلى عشرات الدراسات الخاصة بالصناعة من جميع أنحاء البلاد.
هذا، وتقدر “وكالة حماية البيئة الأمريكية” أنه تم إنتاج 63.1 مليون طن من نفايات الطعام في القطاعات التجارية والمؤسسية والسكنية في عام 2018، وهو ما يمثل 21.6% من إجمالي توليد النفايات الصلبة المحلية.
ختامًا، لتقدير كيفية إدارة كل قطاع للأغذية المُهدرة، اعتمدت “وكالة حماية البيئة” على دراسات مختلفة خاصة بالصناعة، بالإضافة إلى بيانات الهضم اللاهوائي -الهضم من دون أكسجين، وهو عملية تحلل حيوي بطريقة طبيعية للمواد العضوية. ويُستخدم إما للتخلص من النفايات العضوية أو لإنتاج الغاز الحيوي- المُبلغ عنها من قِبل المنشأة، وبيانات التسميد المُبلَّغ عنها من الدولة.
مواجهة أزمة هدر الطعام
——————————-
وفقًا لـ “برنامج الأمم المتحدة للبيئة” (United Nations Environment Program)، يبلغ إجمالي نفايات الطعام المنزلية – تلك العناصر المنتهية الصلاحية، أو الفاسدة في الخزانات، أو الثلاجات- ما يقرب من 570 مليون طن سنويُّا، أي 11% من إنتاج الغذاء العالمي.
في هذا السياق، يتم إهدار 8% من الأغذية عند الحصاد، و 14% في طريقها إلى سوق التجزئة (أثناء النقل أو التخزين أو المعالجة)، و7% على مستوى البيع بالتجزئة والخدمات الغذائية وما يقرب من 40% من جميع الأغذية المنتجة لا تصل أبدًا إلى الأفراد الأكثر حاجة.
ومن جانبها، أفادت “ليز جودوين” (Liz Goodwin)، مدير قسم فقد الأغذية وهدرها بـ “معهد الموارد العالمية” (World Resources Institute)، بأنه من المهزلة أننا نفقد أو نهدر نحو ثلث الطعام الذي يتم إنتاجه، وفي الوقت نفسه، يظل واحد من كل 10 أشخاص يعاني من الجوع كل يوم، مؤكدة أنه يجب علينا تحويل نظام الغذاء لجعله أكثر استدامة، حتى نتمكن من إطعام الأفراد الموجودين على كوكب الأرض بأنظمة غذائية مغذية، ويُعدُّ معالجة فقد الطعام وهدره جزءًا أساسيًّا من ذلك.
هذا، وقد توقع تقدير واسع النطاق لفقد الأغذية وهدرها من قِبل “منظمة الأغذية والزراعة“(Food and Agriculture Organization) عام 2011، أنَّ نحو ثلث الأغذية في العالم تُفقد أو تُهدر كل عام. وقد مكّنت البيانات التي تم جمعها منذ عام 2011 الخبراء من تحسين حساباتهم، وكشفت أنَّ المشكلة أسوأ مما كان متوقعًا في السابق.
وخلص أول تقدير لمؤشر “الفاو” لفقدان الغذاء، نُشر في تقرير حالة الأغذية والزراعة لعام 2019، إلى أن نحو 14% من الأغذية في العالم تُفقد بين المزرعة ومستوى البيع بالتجزئة. ويختلف المبلغ المفقود عبر الدول؛ حيث يتراوح من 5% في أستراليا ونيوزيلندا إلى أكثر من 20% في وسط وجنوب آسيا.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أنَّ فقدان الطعام أثناء الحصاد يمثل مشكلة لجميع دل العالم، وليس فقط الدول منخفضة الدخل، التي قد لا تمتلك التكنولوجيا والموارد لتقليل الخسائر.
هدر الطعام وتفاقم المشكلات البيئية
———————————————-
هدر الطعام والتغير المناخي
———————————–
يُطلِق كل جزء من سلسلة الإمداد الغذائي الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي؛ حيث تُستخدم الطاقة في زراعة الطعام وتخزينه ومعالجته ونقله وطهيه. بالإضافة إلى ذلك، يسهم الطعام المهمل الذي ينتهي به المطاف في مكبات النفايات في هذه الغازات، كما أنَّ إنتاج اللحوم (خاصة لحوم البقر) يطلق كميات هائلة من غاز الميثان؛ بسبب إطلاق الغازات من الأبقار.
هذا، ويمثل نظام الغذاء العالمي ما يصل إلى 30% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهدر الطعام جزء من هذا، وتقدر البصمة الكربونية لنفايات الطعام بنحو 3.3 مليارات طن من مكافئات ثاني أكسيد الكربون التي يتم إطلاقها في الغلاف الجوي سنويًّا.
ومن جانبها، أفادت “منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة” (Food and Agriculture Organization)، بأنه إذا كانت نفايات الطعام دولة لكانت ثالث أكبر مصدر لانبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
هدر الطعام والضغط على الموارد المائية
يُعدُّ هدر الطعام مشكلة أيضًا بالنظر إلى الماء الذي تم استخدامه لإنتاج الطعام؛ حيث يتم استخدام معظم المياه على هذا الكوكب لإنتاج الغذاء، وبالتالي فإنَّ الطعام المهدر يعني أيضًا هدر المياه. والجدير بالذكر أنه يتم إهدار 250 كيلومترًا مربعًا من المياه العذبة سنويًّا لإنتاج الغذاء الضائع. يُستخدم ربع المياه العذبة في العالم لزراعة طعام لن يؤكل أبدًا. وفي الوقت نفسه، يتزايد عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص حاد في المياه بالثانية، ومن المتوقع أن يصل عددهم إلى ما يقرب من 4 مليارات شخص بحلول عام 2050.
إلى جانب التأثير البيئي لهدر الطعام ، هناك أيضًا عواقب اقتصادية؛ حيث تُقدر “الأمم المتحدة” العواقب الاقتصادية المباشرة لهدر الطعام بنحو 750 مليار دولار سنويًّا. وهذا باستثناء الأسماك والمأكولات البحرية، وبحساب الأسماك والمأكولات البحرية يقترب الرقم من تريليون دولار أمريكي.
تقرير مؤشر نفايات الطعام: العالم بحاجة إلى بيانات أفضل لقياس الفاقد
يسعى المستهدف الثالث للهدف الثاني عشر من أهداف التنمية المستدامة (SDG 12.3) إلى خفض نفايات الطعام إلى النصف على مستوى البيع بالتجزئة والمستهلكين وتقليل فقد الأغذية عبر سلاسل التوريد. وفي هذا الصدد، سعى “تقرير مؤشر نفايات الطعام” الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى إحراز تقدم في تحقيق هذا الهدف من أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد، قدم التقرير أكثر البيانات شمولًا لجمع وتحليل ونمذجة نفايات الطعام حتى الآن؛ مما ينتج عنه تقدير جديد لنفايات الطعام العالمية. وخلاله، تم حساب تقديرات نفايات الطعام على المستوى القطري، مما ساعد على تقديم نظرة ثاقبة جديدة حول حجم المشكلة وإمكانية الوقاية الكبيرة في البلدان المنخفضة والمتوسطة والعالية الدخل.
قدم التقرير أيضًا منهجية للبلدان لقياس نفايات الطعام، على مستوى الأسرة والخدمات الغذائية ومستوى البيع بالتجزئة، من أجل تتبع التقدم الوطني نحو عام 2030 وتحقيق هدف التنمية المستدامة المذكور سابقًا.
وبالاعتماد على هذا التقرير، ستنتج البلدان التي تستخدم هذه المنهجية أدلة قوية لتوجيه استراتيجية وطنية بشأن منع هدر الطعام، وتقديرات نفايات الطعام على مدى عامين أو أربعة أعوام؛ مما يتيح إجراء مقارنات ذات مغزى بين البلدان على مستوى العالم.
وتكملة لمؤشر الفاقد الغذائي، الذي طورته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يغطي مؤشر هدر الغذاء المراحل اللاحقة من رحلة الطعام – نفايات الطعام – التي تحدث على مستوى المنزل وخدمة الطعام ومستوى البيع بالتجزئة.
كذلك يسلط التقرير الضوء على حجم نفايات الطعام وانتشار نفايات الطعام المنزلية في جميع القارات، بغض النظر عن مستويات الدخل في الدولة، موضحًا أنه من خلال التخلص من 17% من المواد الغذائية المتوفرة في متاجر التجزئة والخدمات الغذائية والمستهلكين، تنجم آثار للنظم الغذائية تؤثر بدورها على المناخ والطبيعة والتلوث دون داعٍ.
أشار التقرير أيضًا إلى أن ما يقدر بنحو 8-10% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية يرتبط بالأغذية التي لا يتم استهلاكها، ومع ذلك لم تذكر أي من المساهمات المحددة وطنيًا في اتفاقية باريس نفايات الطعام.
أوضح التقرير أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) تقدر أن 690 مليون شخص كانوا يعانون من الجوع في عام 2019، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع بشكل حاد خلال وبعد جائحة “كوفيد-19″مع وجود نحو 3 مليارات شخص لا يستطيعون تحمل تكاليف نظام غذائي صحي. وفي هذا الصدد، قدم التقرير رسالة واضحة وهي: يحتاج المواطنون إلى المساعدة للحد من هدر الطعام في المنزل.
أشار التقرير أيضًا إلى أن هناك نقصًا في بيانات نفايات الطعام المنزلية خارج أوروبا وأمريكا الشمالية؛ حيث أدت الاختلافات في تعريفات فقد الأغذية وهدرها وطرق القياس الكمي المتنوعة المستخدمة إلى غموض البيانات.
في السياق ذاته، أوضح التقرير أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في التقديرات الوطنية لفقد الأغذية وهدرها، مشيرًا إلى أنه من بين التقديرات التي قاموا بتحليلها، لم يتضمن الكثير منها قياسًا جديدًا، لكنهم اعتمدوا على بيانات غير مباشرة من بلدان أخرى في كثير من الأحيان أو قديمة.
أكد التقرير أن نقص البيانات يُعدُّ مشكلة عالمية، فمعظم البلدان ليس لديها بيانات قوية عن نفايات الطعام، كم من الطعام يضيع أو يضيع؟ في أي قطاعات (أجزاء من سلسلة التوريد) يتم إنشاء معظم النفايات؟ ما هي أنواع الطعام التي لها التأثير الأكبر؟ وبدون هذه المعلومات، تكافح الحكومات والشركات والمنظمات الأخرى لاتخاذ إجراءات، وتفتقر إلى المعلومات لتحديد أولويات جهودها.
وهكذا، فلتتبع التقدم المحرز نحو تحقيق هدف التنمية المستدامة بشأن فقد الأغذية وهدرها (الهدف 12.3)، هناك حاجة إلى بيانات أفضل، وهو ما يمكن تحقيقه بالفعل.
بالأرقام: تداعيات هدر الطعام وكيف يمكننا الحد من الفاقد؟
وفقًا لتقرير الأمم المتحدة، يهدر العالم نحو 931 مليون طن من الغذاء كل عام، وينتج عن ذلك ما بين 8-10% من انبعاثات الكربون العالمية من المنتجات غير المستهلكة.
ووفقًا لتقرير “مؤشر نفايات الطعام” لعام 2021 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، فقد يضيع نحو 17% من إنتاج الغذاء العالمي، حيث يأتي 61% من هذه النفايات من المنازل، و26% من خدمات الطعام، و13% من البيع بالتجزئة.
كذلك يُثقل هدر الطعام أنظمة إدارة النفايات، ويزيد من انعدام الأمن الغذائي، كما أنه مساهم رئيس في المشكلات العالمية للتغير المناخي، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث. وبالتالي، فإن الحد من هدر الطعام على جميع المستويات – الاستهلاكية والمحلية – يمكن أن يكون له فوائد بيئية واجتماعية واقتصادية كبيرة.
في هذا الصدد أولت الأمم المتحدة أهمية كبرى للحد من هدر الطعام في أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف 12.3، والذي يُلزم البلدان بخفض نصيب الفرد من نفايات الغذاء العالمية إلى النصف على مستوى التجزئة والمستهلكين بحلول عام 2030.
هذا، وقد وجد تقرير الأمم المتحدة أن نصيب الفرد من نفايات الطعام المنزلية متشابه في البلدان ذات الدخل المرتفع، والبلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى، والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى. فيما لم تكن هناك بيانات كافية عن ذوي الدخل المنخفض.
في السياق ذاته، تكرس العديد من العلامات التجارية نفسها لتحويل النفايات المحتملة إلى مواد خام جديدة للمنتجات المعاد تدويرها، أي المنتجات المصنوعة من مكونات غير مخصصة للاستهلاك البشري، والتي يتم شراؤها ومعالجتها باستخدام سلاسل التوريد التي يمكن تتبعها والتي لها أيضًا تأثير إيجابي على البيئة.
كما تُقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أن 690 مليون شخص يعانون من الجوع في عام 2019، ومن المرجح أن ترتفع هذه الأرقام بعد جائحة “كوفيد-19”.
ومع انعدام الأمن الغذائي الذي يؤثر على الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم، يرى تقرير تحفيز النظم الغذائية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن إحداث تحول في قطاع الغذاء مطلوب لإنشاء أنظمة غذائية مستدامة ومغذية وصحية.
الاستراتيجية العالمية لتحسين الإحصاءات الزراعية والريفية
وضعت “منظمة الأغذية والزراعة” (Food and Agricultural Organization) الاستراتيجية العالمية لتحسين الإحصاءات الزراعية والريفية كمخطط لمبادرة منسقة وطويلة الأجل لمعالجة التدهور في أنظمة الإحصاء الزراعية في العديد من الدول النامية؛ بهدف توفير إطار عمل للأنظمة الإحصائية الوطنية والدولية لتمكين الدول النامية من إنتاج وتطبيق البيانات والمعلومات الأساسية اللازمة في القرن الحادي والعشرين. وتم تصميمها لمدة 15 عامًا ويتم تنفيذها على عدة مراحل.
خلال مرحلتها الأولى من التنفيذ (2012-2018)، ركزت الاستراتيجية على ثلاث ركائز تم إنتاجها من خلال ثلاثة مكونات فنية: البحث المنهجي، والمساعدة التقنية، والتدريب المُنفذّ في منطقتين: إفريقيا، وآسيا، والمحيط الهادئ.
هذا، وقد تم تحقيق نتائج مهمة في المرحلة الأولى، أبرزها: 1) تم تحديث الأساليب الإحصائية الزراعية بالكامل وإقرارها من قِبل “منظمة الأغذية والزراعة”. 2) تم إعداد الخطط الاستراتيجية للإحصاءات الزراعية والريفية في 40 دولة تقريبًا. 3) تم تنفيذ نموذج المسار السريع للمساعدة الفنية بنجاح. 4) تم إحراز تقدم ملموس في القدرات العامة للدول من خلال برامج التدريب الإقليمية.
ختامًا، تركز المرحلة الثانية من الاستراتيجية العالمية (2020- 2025)، التي بدأت في عام 2021، على تطبيق واستخدام المنهجيات التي تم تطويرها في إطار المرحلة الأولى. وستواصل تلك المرحلة تعزيز القدرات الإحصائية للدول من خلال توفير التدريب والمساعدة الفنية على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي. وسيرتبط عمل الاستراتيجية العالمية بأنشطة مبادرة (50×2030) لسد فجوة البيانات الزراعية، والتي تهدف إلى جمع البيانات في 50 دولة منخفضة الدخل وذات الدخل المتوسط الأدنى بحلول عام 2030.
جهود الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة هدر الطعام
تُقدر نسبة نفايات الطعام في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 30-40% من الإمدادات الغذائية، ولمواجهة هذا، اتخذت واشنطن العديد من السياسات والإجراءات والتي كان من بينها:
مبادرة الفوز في الحد من هدر الغذاء: أطلقت وزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، ووكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)، وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية(FDA) هذه المبادرة عام 2018؛ بهدف تحسين التنسيق والتواصل عبر الوكالات الفيدرالية التي تحاول توعية الأمريكيين بشكل أفضل بتأثيرات وأهمية الحد من فقد الأغذية، وتخفيض نسبة هدر الطعام إلى 50% بحلول عام 2030.
استراتيجية مشتركة بين الوكالات للحد من هدر الطعام: كجزء من مبادرة الفوز في الحد من هدر الطعام، أصدرت واشنطن استراتيجيتها الفيدرالية المشتركة بين الوكالات لعام 2019-2020؛ حيث حددت عددًا من الأولويات وهي: تعزيز التنسيق بين الوكالات، زيادة جهود توعية المستهلك، تحسين التنسيق والتوجيه بشأن قياس الفاقد والمهدر من الأغذية، توضيح ونقل المعلومات حول سلامة الأغذية، وملصقات تاريخ الغذاء، والتبرعات الغذائية، التعاون مع الصناعة الخاصة لتقليل فقد الأغذية عبر سلسلة التوريد، فضلًا عن تشجيع الحد من هدر الطعام من قبل الوكالات الفيدرالية.
إشراك المؤسسات: في 9 أبريل 2019، وقعت وزارة الزراعة الأمريكية و”وكالة حماية البيئة” و”إدارة الغذاء والدواء” اتفاقية رسمية مع شركة “ريفيد” (ReFED) المتخصصة في مكافحة هدر الطعام؛ للتعاون في الجهود المبذولة للحد من هدر الطعام في الولايات المتحدة. تضمن الاتفاق تطوير مناهج لقياس نجاح استراتيجيات مخلفات الطعام، وتعزيز جهود جمع البيانات والقياس.
وفي 30 أكتوبر 2019، أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية ووكالة حماية البيئة وإدارة الغذاء والدواء عن شراكة جديدة مع تحالف الحد من نفايات الطعام (FWRA) تقوم بموجبها الوكالات الأمريكية بإضفاء الطابع الرسمي على جهود التعليم والتواصل الصناعي مع “جمعية مصنعي البقالة”، و”معهد تسويق الأغذية”، ورابطة المطاعم الوطنية، والشركاء المؤسسين الثلاثة لـ (FWRA).
استراتيجيات فعّالة: كيف نجحت سنغافورة في مكافحة هدر الطعام؟
تمثل مخلفات الطعام نحو 12% من إجمالي النفايات المتولدة في سنغافورة، وقد بلغ إجمالي نفايات الطعام المتولدة في عام 2021 نحو 817 ألف طن، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 23% عن 665 ألف طن تم إنتاجها في عام 2020. وبينما زادت كمية نفايات الطعام المتولدة، زادت أيضًا كمية نفايات الطعام المعاد تدويرها، وبالتالي معدل إعادة التدوير، وظل نفايات الطعام عند 19%.
في هذا السياق، وضعت سنغافورة استراتيجيات عدة للحد من هدر الطعام، وكانت إعادة توزيع الطعام غير المباع أو الزائد، وإعادة تدوير/معالجة نفايات الطعام مكونات مهمة في استراتيجيتها الوطنية لإدارة النفايات للعمل من أجل أن تصبح سنغافورة دولة خالية من النفايات. وهكذا تتمثل استراتيجيات إدارة المخلفات الغذائية في:
أولًا: استراتيجية منع وتقليل الهدر الغذائي في المصدر، ومن خلالها أطلقت سنغافورة برنامج التوعية للحد من نفايات الطعام (FWR) في نوفمبر 2015 لتشجيع تبني عادات شراء وتخزين وإعداد الطعام الذكية التي تساعد المستهلكين على توفير المال مع تقليل هدر الطعام.
يتميز برنامج التوعية بمواد تعليمية يتم نشرها على منصات وسائل الإعلام المطبوعة والاجتماعية مثل، (الصحف والتليفزيون والمواقع الإلكترونية) والمبادرات التي يقودها المجتمع، والتي تضمنت مسرحية تثقيفية.
وللحصول على نصائح سهلة التنفيذ ومفيدة حول كيفية تقليل إهدار الطعام في المنزل وعند تناول الطعام بالخارج، يمكن لأفراد الجمهور تنزيل دليل مفيد عبر الإنترنت وهو “حب طعامك” (Love Your Food) والذي يقدم اقتراحات مفيدة حول تخطيط الوجبات، وتخزين الطعام، بالإضافة إلى الوصفات والأفكار المبتكرة حول كيفية استخدام بقايا الطعام لإعداد أطباق لذيذة.
بالإضافة إلى ذلك، عملت وكالة الطاقة النووية، ووكالة الغذاء السنغافورية (SFA) مع مختلف أصحاب المصلحة في الصناعة لنشر كتيبات إرشادية للحد من نفايات الطعام لمؤسسات بيع المواد الغذائية ومحلات السوبر ماركت ومؤسسات تصنيع الأغذية للحد من هدر الطعام عبر سلسلة التوريد.
تشمل المجالات الممكنة للتعاون ما يلي: الدعاية، حيث يمكن للمنظمات الاستفادة من منصات الدعاية الخاصة بها مثل، (منصات وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات الويب ولوحات الإعلانات) لزيادة الوعي.
برنامج توعية لموارد المياه العذبة: يمكن للمنظمات تنفيذ برنامج التوعية الخاص بها وتدريب موظفيها ليكونوا سفراء الحد من هدر الغذاء، برنامج (Love Your Food Canteen)، والذي طورته سنغافورة كتحدٍ لتشجيع العملاء على طلب ما يمكنهم فقط وإنهاء طعامهم لتقليل هدر الطعام الناتج.