نشره اخبار الانوار المصريه الجمعة 21 مايو 2021

تقرير يكتبه محمد عبد المولى
مع تسارع تيارات العوْلمة، تنامت صناعة سلاسل التوريد التي أسهمت في زيادة مستوى تخصص الدول ودورها في العمليات الإنتاجية في غالبية الأنشطة الاقتصادية، حتى باتت مدخلات الإنتاج تُسافر من الشرق لتصنيع المُنتج النهائي في الغرب، وغير ذلك من اتجاهات الجغرافيا عبر قارات العالم.
وفي ظل جائحة “كوفيد-19″، تعطلت سلاسل التوريد العالمية، الأمر الذي لفت انتباه الحكومات والشركات لأوجه القصور التي تُعاني منها، وبدأ الحديث عن مستقبلها والحاجة إلى إعادة ابتكارها.
وهكذا، أضحت هذه الصناعة حديث الساعة، باعتبارها أحد ركائز الأمن الاقتصادي القومي للدول، خاصة مع اشتعال الحروب الاقتصادية بين القوى العالمية، وتسارع التطور التكنولوجي، ودعوات التحول من العولمة إلى الاتجاه اقليميًا و/أو محليًا.
واليوم، يطرح عددنا الأسبوعي الكثير من القضايا والآراء والتحولات ذات الصلة بسلاسل التوريد، التي تفتح مجالات رحبة للتفكير في إمكانات تحسين مكانة مصر ضمن هذه الصناعة، وتعزيز عوامل تنافسيتها.
نتمنى أن تنال اهتمامكم، وأن تُثري معارفكم.
——————————————————-
قائمة المحتويات
———————
القسم الأول: أفكار كارتونية
القسم الثاني: تداعيات “كوفيد-19” على سلاسل التوريد
القسم الثالث: تداعيات الحرب التجارية على سلاسل التوريد
القسم الرابع: آراء وتوجهات بشأن سلاسل التوريد
القسم الخامس: اتجاهات تُغيِّر صناعة سلاسل التوريد
القسم السادس: صمود سلاسل التوريد
القسم السابع: التكنولوجيا وسلاسل التوريد
القسم الثامن: مفاهيم تنموية
القسم التاسع: أحداث وفعاليات هامة
جائحة “كوفيد-19” تُحدث اضطرابات فريدة من نوعها في سلاسل التوريد العالمية
اضطر كثير منا إلى إغلاق مؤسسات الأعمال وتعطيل أنشطتها، واتخاذ قرارات تؤثر على العاملين وسُبل رزقهم؛ مما تركهم لا حول لهم ولا قُوة. ولعل ذلك يجعلنا نتساءل: ما الأمور التي كان يُمكن أن نقوم بها بشكل مختلف؟
تعطل سلاسل التوريد التكنولوجية بسبب “كوفيد-19”
حذرت شركة (Foxconn Technology Group) – أكبر شركة لتصنيع الإلكترونيات في العالم – من تعطل سلاسل التوريد التكنولوجية جراء تفشي فيروس “كورونا” المُستجد. وبينما تمضي الشركات قُدمًا في إعادة فتح مجمعات التصنيع في البر الرئيس للصين بحذر، فإن ذلك لا ينفي التأثيرات السلبية على إيراداتها خلال العام الجاري.
“كوفيد-19” يُعجل من الاتجاه نحو رقمنة سلاسل التوريد
في بعض الأحيان، يحتاج الأمر وقوع أزمة حتى تتغير عقليات البشر، وهو ما حدث بالفعل مع جائحة “كوفيد-19″، التي أسهمت في تسريع عمليات التحول الرقمي في العديد من الشركات، بما في ذلك رقمنة سلاسل التوريد العالمية.
هل سلاسل التوريد العالمية لا تزال مصدر قوة، وليس ضعف؟
بدأت سلاسل التوريد العالمية منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين في تحقيق أقصى مستوى من الكفاءة، وسعت الشركات إلى تعزيز درجة تخصصها، وتوطين عملياتها في المناطق الجغرافية التي تُحقق لها وفورات الحجم. والآن، أصبح هناك مخاوف متنامية بشأن صعوبة السيطرة على سلاسل التوريد، مع تشبيهها بالسفن ذات الأحجام الكبيرة جدًّا، التي يصعب توجيهها، لتكون بذلك مصدر “ضعف” لا “قوة”.
توافق سياسات “بايدن”مع “ترامب” بشأن سلاسل التوريد
على العالم أن يتوقع المزيد من عمليات إعادة توطين الصناعات الأمريكية لحماية مصالح العمال، وتفضيل سلاسل التوريد الإقليمية – مع شركاء مثل كولومبيا أو المكسيك – أكثر من الشركاء الآسيويين. ولا شك أن تلك الخطوات كانت مُتوقعة؛ حيث تعهد “بايدن” خلال حملته الرئاسية بمعالجة نقاط الضعف التي تعاني منها سلاسل التوريد الأمريكية، والتي أصبحت واضحة بشكل صارخ منذ تفشي جائحة “كوفيد-19”.
كيف أثَّر “كوفيد-19” على تخطيط سلاسل التوريد الرقمية
كشفت دراسة أجرتها مجموعة (Tools Group) بالتعاون مع “مجلس محترفي إدارة سلاسل التوريد” (The Council of Supply Chain Management Professionals, CSCMP) عن مدى تأثر تخطيط سلاسل التوريد الرقمية لمؤسسات الأعمال بجائحة “كوفيد-”19.
اعتمدت الدراسة على مسح لأكثر من 200 متخصص في سلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم، إلى جانب متخصصين آخرين في مجالات؛ مثل: الخدمات اللوجستية، التصنيع، التجزئة والتوزيع بالجملة.
كشفت الدراسة عن ثلاثة عوامل رئيسة لعملية تخطيط سلاسل التوريد الرقمية؛ حيث أكد 44% من المستجيبين أن إحدى تلك العوامل يتمثل في القدرة على مواكبة تطور سلوكيات العملاء، وتوقعاتهم.
أكد 43% من المشاركين أن العامل الرئيس الآخر يتمثَّل في الحاجة لزيادة استخدام أنظمة التحكم الآلي، أو ما يُعرف بـ “الأتمتة”؛ وذلك لتعزيز تركيز الموظفين على الأنشطة عالية المُكون المهاري، في حين اعتبر 42% منهم أن العامل الثالث يرتبط بتحسين أداء الأعمال.
أظهرت النتائج أيضًا أن 54% من المشاركين أكدوا على مدى تزايد فوائد التحول الرقمي؛ ما أسهم في إدارة الطلبات بشكل جيد وفعَّال للغاية.
ختامًا، هناك عوامل أخرى – غير السابق ذكرها – تسهم في تخطيط سلاسل التوريد الرقمية؛ وهي: تحسين خدمة العملاء التي أكدها 39% من المشاركين، وتحسين ردود الفعل المُتخذة تجاه الاضطرابات غير المخطط لها بموجب آراء 35% من المشاركين، بالإضافة إلى زيادة درجة المرونة الكلية لسلاسل التوريد التي أشار إلى أهميتها نحو 34%.
انعكاسات “كوفيد-19” على سلاسل القيمة العالمية
أجرت شركة “إرنست آند يونج” (Ernst & Young LLP) في أواخر عام 2020 استطلاعًا للرأي بمشاركة 200 مدير تنفيذي لسلاسل التوريد في العديد من القطاعات الاقتصادية؛ منها: قطاع المنتجات الاستهلاكية، تجارة التجزئة، قطاع علوم الحياة، المنتجات الصناعية، شركات السيارات والتكنولوجيا الفائقة في الولايات المتحدة الأمريكية التي تزيد إيراداتها على مليار دولار أمريكي.
كشف الاستطلاع أن شركات الولايات المتحدة الأمريكية تُخطط لتغيير استراتيجيات سلاسل التوريد الخاصة بها؛ لتصبح أكثر مرونة، وتعاونًا، وتواصلًا مع العملاء والموردين وأصحاب المصلحة الآخرين.
في سبيل تحقيق ذلك، من المتوقع زيادة حجم الاستثمارات في تقنيات سلاسل التوريد؛ مثل: الذكاء الاصطناعي، أتمتة عمليات التوريد، مع إعادة تدريب العمال.
كذلك، كشف الاستطلاع عن بعض القطاعات التي تضررت بشدة بسبب الجائحة؛ حيث أكدت نحو 97% من شركات السيارات، والشركات الصناعية أن الجائحة كان لها تأثيرًا سلبيًا عليهم.
على الجانب الآخر، حققت قطاعات أخرى نتائج إيجابية في ظل الجائحة؛ منها قطاع علوم الحياة، وذلك لأن المنتجات التي ينتجها ذلك القطاع ضرورية. فقد تطلب الوباء من بعض شركات علوم الحياة مضاعفة جهودها؛ لإنتاج منتجات جديدة أساسية؛ مثل: اختبارات “كوفيد-19” وإنتاج اللقاحات.
ختامًا، يشير الاستطلاع إلى أن زيادة الكفاءة، وإعادة تأهيل العاملين في سلاسل التوريد على رأس الأولويات في السنوات الثلاث المقبلة؛ حيث أكد 61% من المشاركين على إعادة تدريب القوى العاملة في العام المقبل، وتأهيل العمال على استخدام التقنيات الرقمية.
أربعة تساؤلات عن مستقبل سلاسل التوريد بعد “كوفيد-19”
تُعدُّ جائحة “كوفيد- 19” إحدى أهم الاضطرابات التي أصابت سلاسل التوريد العالمية، وأثَّرت بدورها على حركة التجارة الدولية. نتج عن ذلك حدوث صدمات في جانب العرض؛ حيث كافحت الحكومات، الشركات والأفراد لشراء المنتجات والمواد الأساسية. هذا، إلى جانب الصدمات في جانب الطلب جرَّاء التدابير الاحترازية، والبقاء في المنازل؛ ما أدي إلى تراجع أنماط الاستهلاك المعتادة.
في هذا الصدد، هناك أربعة تساؤلات مهمة تتعلق بمستقبل سلاسل التوريد في مرحلة ما بعد الجائحة. يتعلق أولها بزيادة تنويع سلاسل التوريد؛ الأمر الذي قد يساعد في التغلب على المخاطر الجيوسياسية، والحروب التجارية المحتملة، ويُشكل فرصة لاكتساب فهم أعمق لنقاط الضعف والمخاطر غير المرئية.
يرتبط التساؤل الثاني بأهمية توطين التصنيع، والبحث عن موردين محليين وخامات محلية أيضًا.
يتطرق التساؤل الثالث إلى أهمية الاستثمار في التحول الرقمي لسلاسل التوريد؛ فالعديد منها لا يزال يعتمد على العمليات التقليدية. الأمر الذي يُتيح فرصة لبناء سلاسل توريد رقمية مترابطة، يمكنها توقع الصدمات المستقبلية، والاستجابة لها، والحد من تأثيراتها.
يناقش التساؤل الرابع والأخير أهمية تركيز سلاسل التوريد – بشكل كبير – على احتياجات العملاء وتوقعاتهم.
ختامًا، من المرجح أن تكون هناك ضغوطًا هائلة مع انتهاء الجائحة، حول إعادة تصميم سلاسل التوريد على نحو أكثر ترابطًا، وتنوعًا وفعَّالية من حيث التكلفة، لتصبح أكثر صمودًا في التعامل مع أية اضطرابات مستقبلية.
تَعقُّد سلاسل التوريد: التوريد المزدوج في عصر ما بعد الجائحة
يُمكن الوقوف على ثلاثة اتجاهات عامة بشأن إعادة تشكيل سلاسل التوريد، سعيًا نحو معالجة أوجه القصور المتعلقة بالنطاق الجغرافي واسع المدى الذي تنتهجه؛ لا سيما بين الاقتصادات المتقدمة والشرق الأقصى.
يتمثَّل الاتجاه الأول في إعادة تشكيل سلاسل التوريد، وتوطينها؛ لتتركز على اقتصادات الدول المتقدمة. يرجع الاهتمام بذلك – جزئيًّا – إلى دوافع سياسية ناتجة عن مخاوف بشأن جودة المنتجات الصناعية. وفضلًا عن المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها سلاسل التوريد – بوجه عام – تُظهر بيانات أن عمليات إعادة التوطين أصبحت في تزايد منذ مارس 2020.
يرتبط الاتجاه الثاني بإعادة توطين الإنتاج تحقيقًا للاكتفاء الذاتي محليًا؛ ما يجعل الإنتاج أقرب إلى المستهلك، ويزيد من سرعة تلبية طلبات العملاء، ويحقق متطلبات الاستدامة، ويحد من احتمالات الاضطرابات التي يمكن أن تتعرض لها تلك السلاسل.
ختامًا، أدت الأزمة التي سببتها جائحة “كوفيد-19” إلى اعتماد استراتيجية “التوريد المزدوج” التي تُشكِّل الاتجاه الثالث والأخير. تهدف هذه الاستراتيجية إلى المزج بين سلاسل التوريد الحالية ذات النطاق الجغرافي الواسع وخيارات توريد محلية. فغالبًا ما يكون الموردون المحليون هم البديل الاحتياطي في حالة قصور سلاسل التوريد العالمية. وبالتالي، تزيد استراتيجية “التوريد المزدوج” من درجة تَعقُّد سلسلة التوريد بدلًا من تبسيطها.
مدى استعداد مسؤولي سلاسل التوريد لتلبية طلبات العُملاء
أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة (Global Tranz Enterprises, LLC) في أبريل 2021 استعداد مسؤولي سلاسل التوريد لتلبية طلبات المستهلكين المتزايدة، بعد عام من التوقف من جرَّاء جائحة “كوفيد-19”.
يُظهر الاستطلاع وجود تفاؤل كبير في تحقيق التعافي الاقتصادي، إلا أن مسؤولي سلاسل التوريد يتوقعون ظهور تحديات جديدة. بالتالي، تُعدُّ الشراكة مع مقدمي الخدمات اللوجستية المتركزة حول التكنولوجيا أمرًا بالغ الأهمية، من شأنه تعزيز قدرات سلاسل التوريد، وتقوية التجارة الإلكترونية؛ ما يؤدي بدوره إلى زيادة القدرة على تلبية طلبات العملاء.
في السياق ذاته، يثق مسؤولو سلاسل التوريد في تلك الشراكات اللوجستية بشدة؛ فقد أكد 91% من المشاركين في الاستطلاع على أن شركاءهم سوف يلبون احتياجاتهم بشكل فعَّال خلال عام 2021، ويرى 7 من كل 10 مشاركين أن طرح لقاح لجائحة “كوفيد-19” من شأنه جذب عملاء جدد، وأعرب 94% عن تفاؤلهم باحتمالية حدوث انتعاش اقتصادي قوي حال توفير اللقاح.
على الجانب الآخر، أكد مسؤولو سلاسل التوريد أن هناك تحديات لا تزال قائمة، فقد أشار 37% إلى ارتفاع تكاليف النقل؛ الأمر الذي يتعين إدارته بكفاءة عالية للتغلب عليه خلال عام 2021.
شبكات التوريد بديلًا عن سلاسل التوريد
أدت الآثار المدمرة التي سببتها جائحة “كوفيد-19” على أمن سلاسل التوريد العالمية، بالإضافة إلى أزمة سفينة “إبفر جيفن” (Ever Given) التي عطلت قناة السويس، وتسببت في وقف حركة التجارة العالمية لعدة أيام، إلى استخلاص بعض الدروس المستفادة للشركات لدفع عجلة النمو والابتكار.
يتمثل أحد تلك الدروس في عامل التكيُّف، والذي يُصبح أمرًا جوهريًا أثناء حدوث الاضطرابات، وبعد انتهائها. فالتكيُّف يركز في الأساس على المستقبل، ويحدد الفرص الضرورية لبناء عناصر القوة، كما أنه الطريقة الأكثر فعَّالية لتحقيق النمو والازدهار.
من بين الدروس المستفادة أيضًا، يأتي تكثيف الاهتمام برقمنة صناعة سلاسل التوريد؛ حيث يُسهم الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي والتحليلات التنبؤية في التخفيف من الاضطرابات التي تشهدها سلاسل التوريد، فضًلا عن استكشاف العديد من الفرص المربحة التي يمكن الاستفادة منها.
وفي خضم سرد الدروس المُستفادة، تظهر أهمية تصميم “شبكة توريد” متنوعة، وتنمية العلاقات مع الموردين؛ ما يجعل سلاسل التوريد أكثر أمانًا، ويساعد أيضًا في تحديد فرص النمو، وتعزيزها.
ختامًا، مع مرور الوقت، سيتم استبدال مصطلح “سلسلة التوريد” بمصطلح “شبكة التوريد”؛ لأن الأخير يؤكد على أن سلاسل التوريد ليست مجرد هياكل خطية، بل شبكة معقدة من العلاقات المترابطة.
تحول سلاسل القيمة تجاه فيتنام والهند وتركيا
كشفت جائحة “كوفيد-19” عن أهمية وجود سلاسل توريد متنوعة وبديلة. ووفقًا لتقرير الربع الأول من عام 2021 الصادر عن شركة (QIMA) الرائدة في مجال خدمات مراقبة الجودة والامتثال، تم التأكيد على بدء تعافي سلاسل التوريد في الصين، إلا أنها لم تستطع حتى الآن العودة إلى مستويات ما قبل الجائحة، بينما تشهد المناطق البديلة مثل فيتنام والهند وتركيا مستويات مرتفعة من النمو.
وارتباطًا بما سبق، فقد تزايدت شعبية فيتنام بين المشترين الغربيين خلال السنوات القليلة الماضية؛ حيث أكد نحو 43% من المشاركين في استطلاع للرأي في الولايات المتحدة الأمريكية أن فيتنام من بين أفضل ثلاث مناطق جغرافية يمكن الشراء منها اعتبارًا من أوائل عام 2021.
في السياق ذاته، عادت الهند إلى الصدارة باعتبارها مصدر توريد مفضلًا لدى العديد من المشترين، وبات ينُظر إليها كسوق لشراء العديد من المنتجات؛ منها: المنسوجات، والأحذية، والنظارات، والمجوهرات، والإكسسوارات. لكن هذا الانتعاش الذي حققته الهند في الوقت الحالي يعتمد على مدى نجاحها في إدارة معركتها المستمرة ضد جائحة “كوفيد-19”.
وبالنسبة لتركيا، فقد باتت أيضًا من بين المناطق المفضلة؛ ويرجع ذلك لقربها من أوروبا؛ حيث تحرص العلامات التجارية الأوروبية على شراء المواد الإنتاجية الخاصة بها من المناطق القريبة منها.
ختامًا، على الرغم من زيادة حجم التوريد في الصين خلال الربع الأول من عام 2021 مقارنة بالعام السابق، فإن الاتجاه نحو التنويع في سلاسل التوريد العالمية، من المحتمل أن يؤدي إلى التقليل من الهيمنة الصينية.
التوترات الأمريكية الصينية بشأن الرقائق ستُحدد ريادة التكنولوجيا العالمية
من غير المُرجح أن تُحقق أي من الولايات المتحدة الأمريكية أو الصين اكتفاءً ذاتيًا في مجال أشباه الموصلات، لكن القيادة العالمية سوف تمنح أيًّا من الطرفين ميزة في الاقتصاد الرقمي.
في الوقت الحالي، تقود الولايات المتحدة الأمريكية صناعات التكنولوجيا المتطورة، ولكن نظرًا لارتفاع التكاليف المحلية المرتبطة بها، تستعين معظم الشركات الأمريكية بموارد خارجية لإنتاج الرقائق؛ وذلك بسبب هيمنة شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة” (TSMC) على سوق المسابك؛ حيث تقوم بتصنيع التصميمات التي ينتجها العديد من المنتجين الأمريكيين.
وعليه، فقد أقر الكونجرس الأمريكي قانون “رقائق من أجل أمريكا” (CHIPS for America) في عام 2020؛ لتعزيز قدرة التصنيع المحلية من خلال تقديم دعم للمنتجين لتصنيع الرقائق واختبارها وتصميمها؛ وذلك من أجل تشكيل قرارات الإنتاج التي تتخذها الشركات الأمريكية على أساس محلي.
على الجانب الآخر، أنفقت الصين أموالًا طائلة على تنمية صناعة أشباه الموصلات المحلية؛ مما أدى إلى زيادة الاستثمار داخل القطاع إلى نحو 19 مليار دولار أمريكي على مدى خمس سنوات. وعلى الرغم من تلك المستويات غير المسبوقة من الإنفاق، فإنها لا تزال تكافح لكسر هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على إنتاج الرقائق عالية الجودة.
ختامًا، ستكافح كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين للسيطرة على سلاسل توريد أشباه الموصلات العالمية؛ بسبب تعقيد السوق، الأمر الذي يتطلب استثمارات هائلة، ومعدات تقنية باهظة الثمن، وإنفاقات هائلة على البحث والتطوير؛ وذلك من أجل البقاء على قمة النظام العالمي.
تراجع الصين كمهيمن على سلاسل التوريد العالمية
أثرت تداعيات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على شعبية الأخيرة كسوق للمصادر العالمية بين المشترين الغربيين، ثم تلقت ضربة أخرى في أوائل عام 2020؛ بسبب تفشي جائحة “كوفيد-19″، وعمليات الإغلاق الناتجة عنها.
وعلى الرغم من أن الصين قد انتعشت بقوة نسبيًّا من الجائحة، بعد أن نجحت في السيطرة عليها بشكل أسرع بكثير من الدول الغربية، فإن اتجاهات التنويع طويلة الأجل في سلاسل التوريد العالمية مستمرة في التحول بعيدًا عن الصين، وذلك وفقًا لمسح شمل أكثر من 700 شركة في جميع أنحاء العالم تم إجراؤه في مارس 2021.
في السياق ذاته، خلال عام 2019، أدرجت 96% من الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة الأمريكية مقراً لها، و100% من الشركات التي تتخذ من أوروبا مقرًا لها الصين كواحدة من أكبر ثلاث دول للمصادر العالمية، لكن هذه النسب انخفضت على التوالي إلى 77%، و80% في الربع الأول من عام 2020.
ختامًا، على الرغم من قيام الشركات الموجودة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بتقليل اعتمادها على السوق الصينية، فإن الصين لا تزال الوجهة الأولى للحصول على المصادر العالمية، ويعود السبب في ذلك إلى استجابة الصين الفعالة والسريعة للوباء، بالإضافة إلى جودة المنتجات الصينية مقارنة بالمنتجات المحلية الأخرى، كما تمتثل الصين إلى معايير الالتزام الأخلاقي مقارنة بمناطق المصادر الأخرى.
إعادة التفكير في سلاسل التوريد: سيادة التصنيع الآسيوي
انخفض إنتاج أشباه الموصلات التي تُعدُّ أحد المكونات الأساسية للبنية التحتية الرقمية والأجهزة بشكل مطرد في الدول الغربية، مع ظهور دول شرق آسيا كمركز أساسي للتصنيع.
في السياق ذاته، فإن ثلاثة أرباع الطاقة الإنتاجية العالمية للرقائق تتركز الآن في شرق آسيا، ويظهر ذلك في سيطرة الشركات الوطنية مثل “شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة” (TSMC) وشركة “سامسونج” (Samsung) في كوريا الجنوبية، جنبًا إلى جنب مع الشركات المصنعة في اليابان والصين على الطاقة الإنتاجية العالمية للرقائق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تكلفة المسبك الواحد في الصين أقل من الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 37% إلى 50%، وذلك بفضل الدعم الذي تقدمه الحكومة الصينية للمنتجين. هذا إلى جانب خبرتها الكبيرة في المنطقة، وقد ساعدت فروق التكلفة هذه الصين على أن تصبح الوجهة الرائدة للاستثمارات الأجنبية في أشباه الموصلات على مستوى العالم.
ختامًا، أصبحت الصين من المهيمنين على سلاسل التوريد العالمية المتطورة منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001؛ ففي الفترة الممتدة من عام 2005 إلى 2019، ارتفعت حصة الصين من الإنتاج العالمي للسيارات من 9% إلى 28%؛ حيث نما سوق السيارات المحلية فيها لتصبح كبرى الأسواق في العالم. على الجانب الآخر، انخفضت حصة أوروبا من الإنتاج العالمي للسيارات من 31% إلى 24% خلال الفترة نفسها.



