مقالات

د عبد المحسن ريان ….. حينما يرحل الأبرار

بقلم : محي الدين عبد العليم أحمد المحامي
تسعة وأربعون عاماً منذ بواكير أيامنا في أولي إعدادي بمدرسة الإعدادية الحديثة …. مات عبد الناصر في 28سبتمبر 1970 في بدايات العام الدراسي …. وكنا وقتها دون الثالثة عشر من العمر ورأيت د عبد المحسن ريّان طالبا في أولي إعدادي مرحاً بشوشاً ليس كأقرانه فالحياة كانت صعبة وعرة وقد أخذ علي نفسه أن يعمل منذ نعومة الأظافر ليقوم بالصرف علي نفسه …. الغريب أن عزته لنفسه لم تفارقه فبالرغم من حداثته وصغر سنِّه كان طلق الوجه بشوشاً لا يشعرك بتعبه وشظف العيش الذي يعاني منه في مدرسة يغلب علي طلابها أنهم من طبقات لا تعرف قلة الزاد ولا ضنك الحياة …………. ومرت السنون والتحدي داخل الطالب عبد المحسن سيد ريَّان يفوق كل تصوْر ويفاجئنا باعتلائه منصب مدرس مساعد بكلية حقوق أسيوط …. ويسافر لباريس للحصول علي الدكتوراة ويمكث قرابة الخمس سنوات ثم يعود للكلية حاملاً معه أمل المناقشة والحصول علي الدرجة من كلية حقوق أسيوط وكان المشرف في أسيوط د وهيب عياد أستاذ القانون الدستوري والذي طلب منه إعادة كثير من مواد البحث مما جعله يتأخر في المناقشة ونفاجأ بأن د عبد المحسن ريّان لم يكن بحثه غير مكتمل ولكن بحثه كان بالفرنسية في الغالب الأعم ، وذلك لم يكن بمقدور الكلية مناقشته علي نحو إمكانياتها في الدوريات – هكذا كانت الحقيقة دون مواربة – ولذلك كانت رسالته لا يفلح في مناقشتها سوي د سليمان الطماوي الفقيه الأوحد بلا منافس … وبالفعل يكون د سليمان الطماوي هو رئيس لجنة المناقشة وتكون رسالة د عبد المحسن سيد ريّان هي من أخريات الرسائل التي ناقشها د الطماوي ثم وافته المنية بعدها …. كنت حاضرا المناقشة لحسن حظي وحرصي علي حضور مناقشات رسائل الدكتوراة في كلية حقوق أسيوط …. كانت المناقشة دسمة بالمعلومات من الفقه الفرنسي ومجلس الدولة الفرنسي وكان نصيب د الطماوي هو النصيب الأكبر وحصل د عبد المحسن ريّان علي الدكتوراة … وكانت الرسالة تناقش إجراءات التنفيذ في أحكام مجلس الدولة …. ولم يتغيّر د عبد المحسن ريّان في بشاشة وجهه المنير دائما بابتسامته العريضة …….. وجاورته في برج الطائف لسنوات …. وسافر المملكة السعودية للتدريس هناك وعاد دون أن ينسي أو يتناسي أصدقائه وزملاء الطفولة والصبا …. ذكراه عاطرة والدعاء له بالرحمات من القلوب والفجيعة فيه كبيرة فهو لم يكمل عامه الثاني والستين بعد ………. ولندرته في طباعه وخصاله الجميلة فنسيانه وعر …. رحمك الله د عبد المحسن ريّان فلم يدر بخلدي أن أنعيك ياغالي دموعنا لن تجف في وقت قريب ……..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى