إعداد:محمد عبدالمولي
المشير: محمد حسين طنطاوي قائد عظيم … اختاره القدر لدور مفاجئ وخطير فكان على مستوي الاحداث وعلى قدر المسؤولية لما سنتطرق إليه خلال تلك الفترات الفارقة من عمر الوطن ..
المشير حسين طنطاوي: «وجه أسمر، مغموس بتراب الوطن، ملامح الجنوبي، القادم من جوف التاريخ ونهاية الجغرافيا».
لغز المزرعة الصينية:
————————-
أكثر معارك العبور بسالة وهي “معركة المزرعة الصينية ” التي كان بطلها وقتذاك المقدم أركان حرب: محمد حسين طنطاوي قائد الكتيبة 16 علي جبهة القتال وتعرضت مع الكتيبة 18 لهجوم شرس من القوات الإسرائيلية في 15 أكتوبر بعد تطوير الهجوم علي محور الطاسة- الدفرسوار في مواجهة منطقة تسمي بالمزرعة الصينية، غير أن المقاومة المصرية كانت أشد شراسة فأوقعت في صفوف القوات الصهيونية خسائر فادحة, حيث خسر القائد الإسرائيلي ” عوزي مائير ” 70 من أكفأ رجاله لقوا حتفهم، بينما أصيب ضعف هذا العدد علي يد المصريين وكان مائير حادا في لهجته مع القائد الإسرائيلي الشهير ” حاييم بارليف ” وهو يخبره بذلك مستعرضاً آثار المعركة في زيارته له مع موسي ديان .
« هو أن الصهاينة لا ينسون من قتل أبناءهم ، فإسرائيل تقيم الدنيا ولا تقعدها من أجل قتيل أو أسير أو مصاب، فما بالك بمن قتل كل هذا العدد .. ويمكنك أن تراجع كيف تشوه الدعاية الصهيونية الخبيثة التي تتسلل أو تسيطر مباشرة، علي وسائل الإعلام وإطلاق الإشاعات وتتربص بكل من حاربوا إسرائيل وقتلوا أولادها.. كيف كانت نهاياتهم.. هل فهمنا سر تشويه المشير محمد حسين طنطاوي وكيف هتف البعض ضده بوعي أو بغير وعي ؟.. هل استوعبنا هذا الدرس في سلسلة دروس لاتكاد تنقطع ؟!.
لكن الذي نعرفه جيدا أن إسرائيل لا تعدم فرصة يمكن أن تشوه بها عن طريق بث دعايتها غير المباشرة التي يعرفها الجميع.
ولعل لغز المشير طنطاوي يكمن في أنه ليس فقط قام بتحمل مسئولية البلاد لقيادتها وسط الأخطار والوصول بها إلي بر الأمان، منذ ما بعد عصر يوم 28 يناير 2011 فعليا ورسميا يعد غروب شمس يوم 11 فبراير من العام نفسه، بل في هذه القدرة الجبارة علي تحمل ما تنوء بحمله الجبال ” كما وصفه الرئيس السيسي ” . والتحمل جاء في مواجهة مخطط واضح الملامح ومعلن عنه لإغراق المنطقة في الفوضي وتدخل فج في أدق الشئون الداخلية للبلاد من جانب قوي عالمية كبري وإقليمية صغري، مع تحمل ما هو أخطر من ذلك في مواجهة فيالق من المتآمرين من الداخل كانت مهمتهم الأساسية هي تنفيذ المخطط مع إشاعة الفوضي .
اللغز أيضا يتجلي في القدرة الخارقة للمشير علي تحمل الحرب النفسية التي استهدفت القوات المسلحة المصرية، فقد كان يعرف منذ اللحظة الأولي أن استفزاز الجيش لجره للصدام مع قطاعات مع الشعب، هو الهدف الأول وهو الخطر الأول، فلم يكف عن إصدار تعليمات بضبط النفس تجاه أي استفزاز، كما أمر بسحب الذخيرة الحية من قوات الحرس الجمهوري واستخدام طلقات “فشنك” .
فقد واجه المشير طنطاوي الكثير من التخريب والتدمير والفتن، لعل أخطرها أنه للمرة الأولي في تاريخ حضارة وادي النيل أولي حضارات الإنسانية وصاحبة أول جيش منظم في تاريخ البشرية، أن يرتفع هتاف ضد هذا الجيش من جانب قلة حمقاء مدفوعة من قوي غامضة وتكتب علي الجدران ما يسيء للجيش والمشير شخصيا، فيتلقاها بصبر وتحكم في الأعصاب وهو يؤكد أن الهتاف سيخفت ـ وأن الكتابات ستمحي من تلقاء نفسها .
وقد سبق أن قال المشير محمد حسين طنطاوي؛ وكأنه يستشرف ما سيحدث؛ في كلمة ألقاها بين جنود وضباط القوات المسلحة قبيل ثورة 25 يناير إنه لا يهتم كثيرا بأعداء الخارج لأنهم معروفون جيدا ولكن المصيبة في عملاء الداخل لأن هؤلاء الأشد خطرا علي مصر .
كان يعرف أن هناك استهدافا لمصر لأنها قلب المنطقة, وما العراق وأفغانستان ببعيد عنا، فالمخطط الخبيث للشرق الأوسط الجديد »المعلن وغير القابل للجدال« حذرت المخابرات الحربية من أنه سوف يستغل الرفض الشعبي لممارسات النظام في مصر في تفجير الأوضاع ونشر الفوضي في البلاد والعمل علي إسقاط الدولة بزعم تغيير النظام .
لذلك عندما تفجرت الأوضاع إبان ثورة 25 يناير، كانت القوات المسلحة المصرية جاهزة لتحمل المسئولية رغم جسامتها وهولها .
كان المشير محمد حسين طنطاوي يعرف منذ البداية أن هناك أمرا ما يدبر: كانت المعلومات التي لدي المشير، والتي أفصح عن بعضها قبل الثورة, تقول: إن هناك عاصفة شديدة في الطريق وإن التعامل مع هذه العاصفة بالحكمة والموضوعية هو الذي سيؤدي إلي إنقاذ الوطن وحماية الجيش وتماسكه .
كانت هناك معلومات عن اجتماعات بين عناصر من الإخوان تمت في تركيا قبل 2011 وكان يتم الإعداد لشيء ما، كما أنه تم رصد اجتماعات لهم مع بعض الجهات المخابراتية التركية والأمريكية عن تسلل عناصر من حماس وحزب الله لإحداث فوضي بين المتظاهرين. ولعل قضية اغتيال الشهيد محمد مبروك ضابط الأمن الوطني الذي وضع تقريرا مفصلا في ذلك، خير دليل علي تورط الإخوان في جرائم لا تقف عند حد التآمر علي النظام فحسب، بل تنحدر بهم إلي أحط درك للخيانة العظمي .
لكن المشير محمد حسين طنطاوي – القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي ورئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة، كان يدرك فشل هذا المخطط مهما بدا من أحداث ومهما يكن حجم المؤامرة، معتمدا علي عقيدة القوات المسلحة المصرية الراسخة بعدم الصدام مع الشعب أيا كانت النتائج النتاتجة عن تفادي هذا الصدام .
كما أكد المشير طنطاوي في كلمات مباشرة وفي أكثر من مناسبة ، إيمانه بالشعب المصري وإدراكه بأن الشعب واع وأصيل ولن يتخلي عن قواته المسلحة لأنها من صميمه.
لم يكن كلام المشير عن إيمانه بالشعب كلاما للاستهلاك الإعلامي ولا كان »كلام إنشا«. فقد صدقت الأحداث رؤيته فلم تفلح محاولات بث الفتن في حوادث كثيرة أشهرها أحداث ماسبيرو والعباسية وبورسعيد وغيرها من أحداث لعب بعض النشطاء خلالها أدوارا أقل ما توصف به بالمخزية للإيقاع بين الشعب جيشه ولكنها ذهبت سدي.
دور المجلس الأعلي للقوات المسلحة في إنقاذ البلاد من الفوضي وكذلك تصديه لمؤامرة وضع دستور إخواني عبر أحداث مريرة وتلاعب إخواني وادعاءات كاذبة من رموزهم لا يتورعون عنها وتآمرهم العلني مع المخابرات الأمريكية التي استطاعت استخدامهم ببراعة،إلي درجة أن الإخوان لم يعودوا يخفون صلاتهم بالأمريكان واستقواءهم بالبيت البيض في واشنطن والسفارة الأمريكية في القاهرة وقت توليه آن باترسون التي لقبها الشعب المصري بـ«الحيزبون«. ونسي الإخوان أنهم كانوا يتهمون نظام حكم الرئيس مبارك بالانسياق للولايات المتحدة.
وعند خوض مرشحهم الاحتياطي “محمد مرسي” الانتخابات الرئاسية »ناكصين عن وعدهم بعدم ترشح أو دعم مرشح من الجماعة « كان » اللعب علي كبير وكان الكذب والادعاء والنكوص هو سمة عهده.
لقد سلم المشير سلطة الرئاسة إلي الإخوان بعد انتخابات خاض الكتاب في تفاصيلها بما لا مجال لعرضه هنا، مؤمنا بأن الأحداث سوف تحكم في المستقبل .
خلاصة القول وللتاريخ فإن سيادة
المشير: محمد حسين طنطاوي فخر العسكرية المصرية وعبر بالبلاد لبر الأمان في مرحلة من أصعب المراحل التي يمر بها وطن بحجم مصر دون خسائر تذكر وجنب البلاد مصير كثير من دول الجوار والمنطقة العربية ولم يعرف الخيانة .. كانت كل تقارير المخابرات أمامه وأمام المجلس العسكري بالصوت والصورة ومفادها أن كل جرائم الحرق لمنشآتنا وكذا القتل للمواطنين والأفراد تمت من قبل تنظيمات تيارات الإسلام السياسي والذين لايعترفون بالأوطان وأن عرض مالديهم من أدلة علي الشعب المصري في هذا التوقيت لن تجد قبولا بالشارع المتعاطف دينيا مع هؤلاء المخربين من إخوان الشياطين وإخوان بني صهيون وخوارج العصر .. ولابد من خوض المعركة بطريقة سياسية لكشف عناصر تلك الجماعة الشريرة والنائمة بكافة الوزارات وأجهزة الدولة المختلفة لكافة الأجهزة الأمنية وللشعب المصري كله وان السبيل الوحيد لذلك هو تسليمهم السلطة ووضعهم تحت المنظار وسيكون أمر السقوط لهذه الشرزمة الضالة مرهون بتحرك الشارع ضد أفعالهم وهنا يمكن عرض ماتم رصده وتسجيله من قبل الأجهزة الأمنية وتقارير المخابرات أبان نكسة 25 يناير علي الشعب .. والإستعداد للمعركة الكبري مع تلك الجماعة الشريرة وهذا ماتم تفصيلا طبقا للمخطط والسيناريوهات التي تم إعدادها وتنفيذها بمعرفة المشير محمد حسين طنطاوي .. الرجل الوطني الشريف والذي يستحق أن يوضع له تمثالا بكافة ميادين محافظات الجمهورية قاطبة .. فتحية إعزاز وإجلال لمن حمل عبء تلك الفترة الحرجة من تاريخ هذا الوطن وعبر بالبلاد لبر الأمان .
وانتهي دور المشير محمد حسين طنطاوي في 12 أغسطس 2012 بقرار إقالة مفاجئ وغير محسوب العواقب، عقب حادث مذبحة الجنود الصائمين في رفح مع سرد خلفيات مثيرة، وحينئذ ترجل الفارس عن جواده تنفيذا للأمر الصادر إليه التزاما بأخلاقيات الجندية التي امتاز بها طنطاوي طيلة حياته تاركا الحكم للأجيال القادمة لتقدير دوره في أخطر أيام مرت بها مصر والمنطقة العربية في تاريخها المعاصر .