الطاقه اليوم

عم محمود عامل النظافة علمنى درساً وأيقظنى من غفلة

كتب : الشيخ أحمد تركى 

أوصلت أولادى للمدرسة صباح اليوم كالمعتاد ،،ومن عادتى وقف سيارتى أمام البيت حينما ارتبط بمواعيد صباحية ولا ادخلها الجراج إلا بعد الانتهاء من كل ارتباطاتى .

صعدت المنزل لتغيير ملابسى والنزول مرة أخرى وفق ارتباط معين ثم تذكرت شيئاً وعقلى مشغول بعدة أمور ومررت على عامل النظافة الذى كان يكنس بجانب السيارة ولم انتبه له!! 

 

ثم انتبهت فجأة وناديته “. انتظر شوية يا حاج ليهدأ الغبار من اثر الكنس. علشان ملابسى وأركب السيارة ثم تكمل كنسك ! فدار هذا الحوار 

 

عامل النظافة : أنا زعلان منك يا شيخ 

 

قلت له : ليه ؟ 

 

قال : مررت من جانبى ولم تلقى عليّ السلام 

 

هطلت كلمات العامل على قلبى وروحى وضميرى كماء ثجاج   

و أحسست بذنب كبير وخاصة حينما ناديته واقترب منى ووجدت فى عينيه لمعة ألم الكرامة ؟! 

 

قلت له حضرتك اسمك ايه ؟ قال : محمود. وانا بسمعك فى الراديو من سنين فى برنامج ان الله معنا 

 

وانتظرتك تلقى علىّ السلام وانت طنشتنى 

 

قلت له : سامحنى يا عم محمود أنا نازل من البيت متوتر وعقلى مشغول لم انتبه.  

 

ممكن تقبل منى هديه صغيرة يا عم محمود.  

 

وإذا بهذا الرجل يناولنى. قسطاً آخر من الماء الثجاج معنوياً. ويرفض. وقال لى : أنا مش عاوز حاجة ولا هاخد حاجة. أنا كنت عاوز منك. السلام عليكم. 

 

يهديك يرضيك. رفض تماما. هديتى وأنا قلبى يتألم وكدت أن أيكى.  

 

سامحنى يا عم محمود وادعيلى ؟ مسامحك يا شيخ 

 

أقسم لكم بالله يا سادة : أن هذا الدرس الذى تعلمته أفضل عندى من شهادة دكتوراه فى اعظم جامعات العالم.  

 

علمنى عم محمود. عملياً . أنه مهما كان اندماجنا مع مشاكلنا وانشغالنا بالمسئوليات ليس مبرراً ان نتجاهل فئة كادحة يدها يحبها الله ورسوله كما علمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم .   

 

صافحت عم محمود. وقد تألمت له وتعلمت منه 

 

عم محمود رجل بسيط عامل نظافة. يحمل قلباً حياً كما يحمل كرامة الرجل المصرى الأصيل 

 

لم يعرفنى كنائب فى مجلس الشيوخ. ولكن عرفنى كشيخ ينصت اليه فى الراديو. فتألم. ازاى الشيخ اللى بحبه. ميقولش السلام عليكم. هوا. مستصغرنى ؟ 

 

#وأنا أعترف أمام الدنيا كلها يا عم محمود انك علمتنى فشكراً لك. واعتذر لك عن هذه الغفلة وارجوك اقبل صداقتى يشرفنى أن تكون صديقى. يا حبيبي 

 

#الشعب المصرى يا سادة فيه قيم عظيمة كما الزرع. منه ما تكون ثمرته ظاهرة ومنه ما تكون ثمرته مدفونة 

 

أرجوكم. اهتموا بهذه الفئة فى الشارع أو فى معاملاتكم ( العمال والبسطاء. ) القوا عليهم السلام. صافحوهم شجعوهم. حافظوا على كرامتهم. لا تجرحوهم أو تتكبروا عليهم ، فهم ملح الأرض وسند مصر.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى