حذاءُ أبي ..

حذاءُ أبي ..
…. …. ….
بقلم
د صلاح هاشم
حين كانت تدق أجراس الساعة السادسة تُوقظنا أمي على سماع قرآن السادسة والنصف في إذاعة القرآن الكريم ..حالة فريدة من السكينة وراحة الأعصاب وصوت المذياع (صباح الخير يللي معانا ..)..حيث يتحول البيت من حالة السكون إلى حالة تشبه طنين النحل ..طابور الصباح في السابعة ..الوقت قد تأخر ..الأستاذ عاطف حسنين ينتظر على المدرسة والعصاة لا تفارق يمينه ..ويا ويل من يفوته طابور الصباح ..
لكن أبي كان يهمه دائما مظهره الذي يبدأ دائما بنظافة الحذاء .. وحين كنا نراه يلمع حذاءه نجرى حوله ونشده من يده ..نريد جميعا أن نحظى بتنظيف وتلميع حذاء أبى ..!
كبر الصغار وشاب أبى .. وحين كان يطلب منا تلميع حذاءه نتفنن جميعاً في الهرب ؛ ليجلس وحده يلمع حذاءه الذي بدت عليه علامات الكبر مثله ..
مات أبي لكن حذاءه لا يزال خلف الباب في بيتننا القديم ..حين نزور البيت في كل مناسبة نحن الى حذاء أبي نجري رغم الشيب ووجع الظهر لنلمع الحذاء .. ما زال حذاء أبي هناك في ظهر الباب ومدخل البيت ..وفي كل بيت من بيوتنا أصبح فيه حذاء كحذاء أبي …في كل مرة أحن إلي أبي ألمع حذاءه ..وأقول في نفسي :” هذا الحذاء .. فأين أبي ..؟!”



