همسات

قصيدة في التصوف لبني ءادم

قصيدة في التصوف لبني ءادم

يا سليل الروح يا مسعى القلوب
في ظلام الدجى، أنت ضوء الشروق
منذ آدم وقد سكنت في الوجدان
حكاية عشق، رسمت آي النور

أنت العرفان، في جحيم الفراق
وترانيم الأمل، في سكون السديم
أنت الهوى، في كل نفس خائفة
وأنت السكون، في زحام الشكوك

تسير بيننا كنسيم الفجر
تزرع في الأرواح بذور النقاء
فالتصوف فينا، كجذر شجرة
تسري في العروق، دون استحياء

كلماتك الأليفة دواء الجروح
تشفي العيون من غبار القلق
أنت الأمان، في عواصف الحياة
وكلماتك، سحرٌ كالخيال

يا صوفي الوجدان أنت العطاء
تُلهم السائرين إلى الحق المنير
دعنا نرفع الصوت في كل مكان
لنزرع حبنا، في قلوب البشر

يا من تعبر بنا للآفاق
تفتح الأبواب لنور الصديق
أنت زهر يتفتح في حنايا القلوب
وأنشودة تُهدي الأرواح الفرح

فلنقف معًا، لنغني بمدحك
ونرفع رؤوسنا فوق الأحزان
فالتصوف في البشرية منذ آدم
هو العشق الأزلي، وهو الإمام

أحْضِنُوا حَبَايبَكُم، ولَو بالْقُبُول
فالحبُ زادٌ، ينشرُ السَّرورَ الجَمِيل
فِي عِناقٍ صَادقٍ، يزهرُ الأملُ
كَالبَدرِ في الليلِ، نورُهُ لا يَغِيل

أَسْمَعُوا صَوتَ القلوبِ، تَنبضُ حُبًّا
كَمَا تُعانِقُ الزُهُورُ في ربيعِ قَطاف
أَغنيَاتُ الروحِ تعبُرُ بِرِيحِ الشوق
تنشرُ الأنسامَ، تُشعلُ الفؤادَ بِنَار

فالروحُ شَفَافَةٌ، كالماءِ في نهر
تسري بين الأبدانِ، وتسقي الأرواح
دعونا نُروِي ظمأَ الحُبِّ والألفة
فالوطنُ في قُلوبِنا، مهما بَعُدَ المَسَاح

لنجعل مِن صدقِ العاطفةِ مَسارنا
ومن الخيراتِ مِلْءَ نهرِ الحياء
أيامنا زهرٌ، تشدو في الخريف
فلتسمُ الخُطا، بينَ سحرِ الأناي

يا زهرَ العالمينَ، يا ضوءَ القلوب
إن التصوفَ مَلجأنا، كالعَشقِ الأصيل
أحْضِنُوا حَبَايبَكُم بقلوبٍ مُحبة
واغمرُوا أحلامَكم بماءٍ مَعين

فكلُ إنسانٍ يحملُ عالماً بَدَا
يحتاجُ لحنانٍ، يمحو اليأسَ الجَلِيل
فأهلُ الحبِّ والوفاءِ همُ الفريق
في سَفَرِ الحياة وقُربِ المُعانقة، انتصارات

فلنرفعِ أصواتَنا في فرحِ اللقاء
ونغنّي لحُبٍّ أزليٍّ، دوماً مستمر
تَصَوُفُ الإنسانِ في سَفَرِ المُضيّ
في القلبِ مَسيرةُ، لا ينضبُ سِرّها.

الموتُ لا ينهي الحياةَ بل هو صعود
فالمودةُ سكونٌ، تركت في الفؤاد
هو هدوءٌ يُحتضَرُ في أحضان المحبة
فاحضنوا الأشواقَ، ولو لوعَتها بالقبول

كأنما الأرواحُ ترقصُ في الفضاء
تنسجُ الأماني بجمالِ الإنشاد
فكلُ غائبٍ عائدٌ في ذاكرةِ القلب
يُعانقُ الأنسامَ، ويهربُ من شؤم العباد

يا سرَّ وجودٍ، في ذاكرةِ الأزمان
فالحبُ عنوانٌ تُكتبُ به الأسفار
ونحنُ نفني أوقاتَنا في المناجاة
نسكن في عرشِ البهاءِ كالأقمار

أحضانُ الذكرياتِ تعسفُ بالعشاق
تُعلي معهم شُموخَ الأيامِ والحكايات
فالأرواحُ حُرَاسٌ لحُلمٍ نبيِل
تنضجُ كالأشجارِ في حدائقِ الأوقات

فارفعوا أكوابَ الأملِ في الأرجاء
لنجعلِ القلوبَ ملتقى للوفاء
فالموتُ بُعدٌ محجوبٌ بغيمِ الشوق
وليستِ النهايةُ، بل بدايةُ الإخاء

أحْضِنُوا الأشواقَ، وارسموا في الأفق
لوحاتِ حبٍّ تُزهرُ في مدى العطاء
فكلُ لمسةٍ، كلُ نظرةٍ، هي ولادة
في عالم الروحِ، نحو آمالٍ تَجول

الموتُ لا فناءٌ، بل كان صعودًا
والمودةُ ضوءٌ في دروبِ الفردوس
فاستقبلوا الأحبابَ بابتسامات الحياة
فحُبُّنا خالدٌ، في طيّاتِ هذا الوجود.

ألا ترى بالزيارةِ بَعثٌ جديد؟
ألا ترى بالخيالِ شجونٌ تسير؟
فلا الترابُ يبلي أرواحَنا،
ولا المسيحُ ماتَ بالصعودِ الكبير.

قلوبُنا جُنحٌ نحو السّماءِ،
تَحلقُ بينَ الأزهارِ والمغاريد،
فكلُّ لقاءٍ يحملُ الودادَ،
ويخطفُ أبصارَنا بلونِ الوعود.

أما رأيتَ البدرَ في سماءِ الليل؟
يرسمُ على الوجوهِ من محياكَ سُرُر،
فالأرواحُ تنطلقُ بغير حدود،
تبحثُ عن قلوبٍ فتستعيدُ العُمر.

فالأحبةُ حولنا، لو غابوا عن النّور،
يسكنونَ أفئدةَ، في كلِّ السُّرُر،
نرى بصمةَ الحبِّ في خيالِ الطيف،
لا يزولُ ولا يختفي، كالأقمار في المدار.

فتذكروا أن الروحَ لا تعرفُ غروبًا،
بل هي تتجلى في كلِّ حزنٍ وبهاء،
فيا زائرَ القلوبِ، كن كالسحاب،
تُعانق الأرجاءَ، بحبٍ ورجاء.

فالأشواقُ فينا أزهرَت بلا غياب،
والزهرُ يُعيدُ الهوى من البعيد،
فلا الترابُ يقفُ عائقًا أمامنا،
ولا الموتُ يحجبُ العطاءَ المحلِق.

فاجعلوا الزياراتِ ملاذًا للشفاء،
وللحبِّ بابًا يفتحُ على السُّرر،
فكلّما كانت الأرواحُ متحدةً،
عاشت في بُعدِ الوجودِ سرمديًا، حُور.
حجبٌ لا نراها بالحياةِ، عينكَ
ليست معينا، ذئبٌ أو شاهَ
فالأرواحُ تسيرُ في دروبٍ خفية،
تُحلقُ في فضاءٍ، تعبرُ الأشواكَ.

ترى النجومَ تراقصُ في ظلامِ الليل،
كالأنفاسِ الراحلة، تُسجل كلَ آهة
يسكنُ الحزنُ في صمتِ المخيل،
لكنَّ الحبَّ يبقى كقمرٍ مُنير.

فلا تُظلمْ دربَ الشوقِ بظلالِ اليأس،
فالأملُ مشعلٌ يُضيءُ الطريقَ
وكلُّ ذكرى تُعانقُ سحبَ الـوداد،
تحكي قصةَ العشقِ، وتجلبُ المشتاقين.

إنَّ الأرواحَ تلتقي في غيومِ الفؤاد،
تسمعُ صدى نداؤك في سرِّ المساء
فلا تسأل لماذا نحن هنا،
فالحياةُ مسرحٌ، نروي فيه النقاء.

فالحجبُ التي تفصلُ بين العيون،
ليست سوى ستائرَ، تنسجها الهواجس
لكنَّ الفؤادَ يملكُ لغةَ الدماء،
يتحدثُ بلسانٍ لا يعرفُ التردد.

فاحذرْ من ظلمةِ التفكيرِ في الفراق،
فارقُ الزمانِ والوصلِ ليس سلاحًا
فلنظلَّ نسيرُ رغمَ كلِّ الموانع،
وكأنَّ النورَ في كلِّ قلبٍ بقاء.

لذا اجعلْ ثقتكَ في لمسةِ الأمل،
وفي الأحلامِ تجري نحو الحقيقة
فحياتُنا ليست مجردَ سطور،
بل هي قلوبٌ تخفقُ بأرواحٍ رقيقة.

التصوفُ في كلِّ الأديانِ عبرٌ،
بدلا من شتاتِ الحبِّ، قلبٌ يحبّ
وروحٌ تسمو في الوجداتِ وتغتسل،
تسطرُ في السماءِ دروبًا تُعَبِّدُ.

فهيا بنا ننسجُ من فكرِ الأفراد،
نجومًا تُلاقي قلوبَ السُّجودِ
وترتفعُ الأرواحُ داخلَ كلِّ خلية،
تزهرُ بذكرياتٍ تروي الحكايات.

أينما حلَّت، تسكنُ أنوارٌ،
تلامسُ رمالَ الشوقِ والحنينِ
تُخاطبُ أسمى المعاني في زوايا،
تغمرُ الفؤادَ بأنفاسِ اليقين.

فالإيمانُ تجاربٌ تتدلّى،
كنجومٍ توقدُ ليالي الحلام
فلكلِّ دينٍ عطرٌ ينعشُ الروح،
كالأمطارِ تمحو آثارَ الألم.

ومهما طالَ دربُ السائرِين،
فالمحبّةُ تظلُّ جسرَ التواصل
نعبرُ فوقَ كُلِّ شتاتٍ وزمان،
لنصلَ إلى معانٍ تتناغمُ العقول.

والقلبُ ينبضُ بحبٍّ لا ينتهي،
يعبرُ العهودَ ويبني الجسور
ففي عناقِ الأرواحِ يتجلّى،
صدقُ الوجودِ، وصوتُ الفجرِ المشرور.

لنجعلْ من التصوفِ دربًا مفتوحًا،
تجري أنهرُ الحكمةِ في الأركان
فكلُّ قلبٍ يحملُ جوهرَ الحياة،
مفتاحُهُ الحبُّ، والأملُ، والسَّلام.

*قصيدة في التصوف والإنسانية (تكملة)*

هل ترى ظلّ محبٍّ بقلبه؟
أوعاشتْ التسامحَ بعيدًا عن شأنه؟
هل مكث الأعداءُ بعقلٍ فارغٍ،
وقلبٍ خرابٍ، وروحٍ ماتتْ؟

هل تذكرُ بالأعداءِ حبَّ الوجود؟
أم أصابتْهم قسوةُ الحياةِ بلا رحمة؟
إنَّ الأرواحَ تهفو نحو النور،
وكلُّ نغمةٍ تصدحُ في الفجرِ، لها سعمة.

فما فائدةُ حقدٍ ينخرُ في العظام،
إذا كانت الحياةُ مائدةً للوداد؟
فلنُحْشَدْ شتاتَ القلوبِ في وحدة،
ونجعل الطبائعَ ألواناً من انسياب.

فالعطرُ يصلُ فوقَ ضفافِ زمانٍ،
ويجمعُ بين الأيدي الممدودة،
قد نختلفُ في الآراء والأفكار،
لكنَّ المحبةَ تظلُّ الأساسَ الوجيدة.

هل نسيتم الحبَ الذي جمعَ الأضداد؟
أم أن القلوبَ تبني جدرانًا بلا سدد؟
فالحياةُ رحلةٌ نعيشُها معًا،
ونرسمُ فيها ملامحَ الفرحِ والسعادة.

لنتجاوز حواجزَ الكراهيةِ بصدورٍ واسعَة،
وننتزعُ جذورَ الحقدِ من أعماقنا،
فالأملُ يعبرُ قلوبَ جميع الأنام،
كالنهرِ يجري بسلاسةِ معاني الصبرِ.

فليكنْ التسامحُ شعارَنا الدائم،
ومفتاحًا للبواباتِ نحو الأملِ،
لندعْ الماضي خلفَ ظهورنا،
ونُشرقَ شمسَ المحبةِ في كلِّ مَللٍ.

أن الهندوسُ تصوفوا، والبوذيةُ تعلموا،
ومصرُنا بالقدمِ صوفٌ فيه سكنوا،
وجاء موسى فاليهودُ تعلموا،
وأتباعُ عيسى كلهم بالأساسِ تصوفوا.

ومن المسلمين حبٌ حتى زهدوا الكرهَ،
من فرط ما تصوفوا، وعلوا المجرة،
فالصوفيةُ جسرٌ بين القلوبِ المتباعدة،
محبةٌ سمِعَتْ أصداءَ كلِّ حضارة.

في كلِّ دينٍ نورٌ يضيءُ الدروبَ،
وكلُ فكرٍ ينشدُ الحقيقةَ بلا غياب،
فالتوحيدُ يغسلُ الأدرانَ من الكراهية،
ويعكسُ روحَ المحبةِ في قلبِ كلِّ كتاب.

فيا سائرًا في دربِ الحبِّ والنور،
تجاوز دقائقَ الحياةِ جعلها هباء،
فبالصبرِ نحققُ مسعى الأرواحِ،
ونرقى بإيماننا حتى نردَّ القضاء.

فليكنْ التسامحُ رفيقَ الخطوات،
ولنجعلْ من العطاءِ لنا شعارًا،
فلكلِّ أمةٍ فيها قلبٌ ينبضُ،
وكلُّ روحٍ تشتاقُ إلى وحدتها البهية.

فإن اجتمعتِ القلوبُ على نورِ الحُسن،
ستكونُ الإنسانيةُ عَرْشَ الأملِ المرسوم،
وفي نهايةِ المطافِ نحن أبناءُ الإله،
محبٌّ في كلِّ عصرٍ، نعيشُ تحتَ السماء.

هاتوا من الأمم الحب المدفون
وهاتوا من البشر عطاء الظنون
وارفعوا بالحب افعال المكون
قرءاننا اخلاق وبحبنا الكارهين تخلفوا
تكنوا في حضرة البيت
إن قال حبهم سفينة
فلا انصرفوا ومن غير الحب لا تتصرفوا
مع تحياتي
ايهاب محمد زايد
القاهره -السيدة زينيب
الجمعة 10/1/2025

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى