أقدم غابة متحجرة على الأرض تخفي أشجارها الغريبة منذ 390 مليون سنة
مصر:إيهاب محمد زايد
تخفي أعلى المنحدرات البحرية في إنجلترا أقدم غابة متحجرة وجدت حتى الآن على كوكب الأرض. يبلغ عمر الأشجار الشبيهة بالنخيل في النظام البيئي المفقودة منذ فترة طويلة، والتي تسمى Calamophytons، 390 مليون سنة.
وهذا أقدم بحوالي ثلاثة أو أربعة ملايين سنة من صاحب الرقم القياسي السابق، الذي تم العثور عليه عبر المحيط الأطلسي في ولاية نيويورك.
في جنوب غرب إنجلترا، كان الوجه الصخري من الحجر الرملي الأحمر، حيث عثر العلماء على آثار جذوع الأشجار والجذور والأغصان، يُعتبر في السابق “قاحلًا للحفريات الأثرية”.
ومع ذلك، وجدت التحقيقات الأخيرة أن الموقع يوفر في الواقع مقطعًا رائعًا للحياة في العصر الديفوني، وهو الوقت الذي أدى فيه انخفاض مستويات سطح البحر إلى سحب المحيط لتكوين قارتين ضخمتين تعرفان باسم غوندوانا وأورأمريكا.
سارعت الحيوانات والنباتات البدائية على حد سواء إلى الاستفادة من البيئة الجديدة. كانت الأشجار الأولى التي استعمرت القارات العظمى مختلفة عن أي شيء تراه اليوم. في البداية، لم يكن لديهم جذور أو أوراق أو أبواغ أو بذور أو أي نظام أوعية دموية لنقل المياه والمواد المغذية، مما أجبرهم على البقاء بالقرب من السواحل والأنهار.
كانت أشجار كالاموفيتون المكتشفة على ساحل سومرست بالقرب من ماينهيد قد طورت جذورًا وخيوطًا من الأنسجة الوعائية في سيقانها، لكن ارتفاعها كان يتراوح بين مترين إلى أربعة أمتار فقط، وكانت جذوعها رفيعة وجوفاء.
الحفريات القديمة للفروع
فروع متحجرة من شجرة كالاموفيتون. (ديفيز وآخرون، مجلة الجمعية الجيولوجية، 2024)
وقد تم اكتشاف أنواع أخرى من هذا النوع سابقًا في شكل أحفوري في ألمانيا ونيويورك والصين. عندما كانت قارة غوندوانا العملاقة موجودة، كانت ألمانيا مرتبطة بهذا الجزء من إنجلترا، لذا فمن المنطقي أن يتشاركوا في الغطاء النباتي.
يوضح كريستوفر بيري من جامعة كارديف: “عندما رأيت صور جذوع الأشجار لأول مرة، عرفت على الفور ماهيتها، بناءً على 30 عامًا من دراسة هذا النوع من الأشجار في جميع أنحاء العالم”.
“كان من المدهش رؤيتهم بالقرب من المنزل.”
والأفضل من ذلك، أن بعض الأشجار المتحجرة تم الحفاظ عليها بالضبط حيث نمت أو سقطت، مما يعطي العلماء لمحة أولية عن تخطيط النظام البيئي للغابات. على عكس الغابة الأحفورية الموجودة في شمال ولاية نيويورك، فإن الأشجار في هذا السهول الفيضية القديمة أقصر ويبدو أنها نمت بالقرب من بعضها البعض، ومتكدسة بإحكام.
كالاموفيتون
يقول الجيولوجي نيل ديفيز من جامعة كامبريدج: “كانت هذه غابة غريبة جدًا”.
“لم يكن هناك أي نمو يمكن الحديث عنه ولم يظهر العشب بعد، ولكن كان هناك الكثير من الأغصان التي سقطت من هذه الأشجار الكثيفة، مما كان له تأثير كبير على المناظر الطبيعية.”
لم يكن لأشجار الكالاموفيتون أوراق، لكنها كانت مغطاة بمئات الأغصان الصغيرة التي كانت تتساقط بانتظام. في الواقع، في عمر واحد، ربما تكون أشجار كالاموفيتون قد تساقطت ما يصل إلى 800 فرع.
الانطباع الجذع
انطباع الجذع القديم لأشجار كالاموفيتون. (ديفيز وآخرون، مجلة الجمعية الجيولوجية، 2024)
من المحتمل أن تكون قمامة تلك الشجرة كنزًا لنبات آخر. ومع تراكم الحطام الخشبي على أرضية الغابة، تشبعت تربة الأرض باحتياطياتها الأولى من المواد العضوية.
قبل عشرات الملايين من السنين، كانت أرض الغابات مغطاة بـ “بقايا نباتية وفيرة بشكل استثنائي”، كما كتب علماء الجيولوجيا من كامبريدج وكارديف.
غابة كالاموفيتون
علامات متحجرة متموجة على أرضية الغابة، توضح مكان غسل المياه على النباتات. (نيل ديفيز)
كانت الفيضانات الموسمية شائعة، إذ كانت محاطة بشبكة من الأنهار والقنوات. ربما طورت الأشجار جذورًا أعمق لتنجو من نوبات ندرة المياه.
وكانت هذه الجذور بدورها قد ثبتت الأرض ونحتتها لتشكل منحدرات التلال وحواجز الأنهار والقنوات لتستعمرها النباتات الأخرى بعد ذلك.
عندما انجرفت المياه عبر السهول الفيضية، ترسبت الطين في تموجات حول النباتات بطرق تم تحجرها لاحقًا، مما أدى إلى الحفاظ على النباتات وموقعها لملايين السنين.
تفاعلات المياه الأحفورية
يقول ديفيز: “لقد غيرت العصر الديفوني الحياة على الأرض بشكل جذري”.
“لقد غيرت أيضًا كيفية تفاعل الماء والأرض مع بعضهما البعض، حيث ساعدت الأشجار والنباتات الأخرى على تثبيت الرواسب من خلال أنظمتها الجذرية، ولكن لا يُعرف سوى القليل عن أقدم الغابات.”
يُطلق على العصر الديفوني أحيانًا اسم “عصر الأسماك”، ولكن نظرًا لمدى تأثير النباتات مثل كالاموفيتون على المشهد الطبيعي للأرض، فمن الممكن أن يُعرف هذا الوقت باسم عصر الأشجار.
ونشرت الدراسة في مجلة الجمعية الجيولوجية.
