الطاقه اليوم

العالم يتوقع .. مستقبل واعد لمصر في صناعة الهيدروجين الأخضر

العالم يتوقع .. مستقبل واعد لمصر في صناعة الهيدروجين الأخضر

 

.. وفاء عبد السلام

تراهن دول عدة في الشرق الأوسط على توطين صناعة الهيدروجين الأخضر، لكونه وقوداً نظيفاً لا يطلق أي انبعاثات كربونية، ويبني العديد من الدول آمالاً وطموحات على الهيدروجين الأخضر الذي يحظى باهتمام عالمي، بل وإقليمي في الفترة الحالية. تعزز الحكومة المصرية اتجاهاتها في هذا المضمار بخطوات سريعة ومتلاحقة أملاً في أن تكون مركزاً إقليمياً لإنتاج الهيدروجين الأخضر مطلع العام 2030، من خلال تمكين توليد الهيدروجين الناتج من الطاقة المتجددة واستخدامه بدلاً من الوقود الأحفوري.

تعتبر مصر ذلك إحدى أهم آليات التحول إلى الاقتصاد الأخضر، في ظل وتيرة التغيير في أسواق الطاقة العالمية ودعم سياسات التحول إلى الطاقة النظيفة لتنويع إمدادات الطاقة، وتحقيقاً للأهداف المناخية التي باتت ضرورية وملحة، وباعتباره سمة أساسية لتجنب التداعيات السلبية لتغير المناخ على الدول المتقدمة والنامية على حدٍ سواء.

تمتلك الدولة المصرية قدرات تمكنها من التموضع كمركز إقليمي لإنتاج الهيدروجين الأخضر على المدى المتوسط وكذلك البعيد، بالتعاون مع القطاع الخاص والأجنبي للاستثمار، وبذلك تجد لنفسها مخرجاً لأزمتها الاقتصادية التي تمر بها والتي تعاظمت تأثيراتها جراء الأزمات والتوترات الدولية والإقليمية الجيوسياسية، آخرها حرب غزة، ناهيك عن التطورات في البحر الأحمر. تسعى مصر إلى تنفيذ مشاريع الطاقة النظيفة للحد من استخدام الطاقة التقليدية للوصول الى الحياد الكربوني وتعزيز أمن الطاقة. وستتكامل مصر مع دول أخرى من شمال أفريقيا والشرق الأوسط والخليج العربي لإنتاج الهيدروجين.

 

 

وتأتي الطموحات العالمية والمصالح السياسية والاقتصادية في مقدم أسباب الاتجاه إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، بعد أزمة الطاقة الى شهدها العالم جراء الحرب الروسية-الأوكرانية الدائرة رحاها حتى الآن، ناهيك بضرورة تخفيف الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري.

 

وتتقدم الجهود المصرية لقيادة صناعة الهيدروجين الأخضر في العالم، وأن تكون مصر إحدى الدول الرائدة في اقتصاد الهيدروجين المنخفض الكربون بما يتفق مع جهودها الوطنية لخفض الانبعاثات وحماية البيئة. وتستهدف مصر إنتاج كميات من الهيدروجين الأخضر تصل إلى 1,5 مليون طن سنوياً في حلول عام 2030، من خلال الاعتماد على 19 غيغاوات من الطاقة المولدة من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

 

وتخطط الحكومة المصرية كذلك لإنتاج نحو 5,8 مليون طن من الهيدروجين الأخضر في حلول عام 2040، وهو ما يمثل 5 في المئة من سوق إنتاج الهيدروجين الأخضر عالمياً، اعتماداً على ما يقرب من 72 غيغاوات من الطاقات المتجددة، علماً بأن 3,8 مليون طن ستكون متاحة للتصدير إلى العديد من دول العالم، في حين ستقل انبعاثات الكربون بما يصل إلى 40 مليون طن سنوياً عام 2040.

وأعلنت المنطقة الصناعية لقناة السويس أول إنتاج فعلي للوقود الأخضر، وفقاً لتقرير الاستثمار العالمي 2023 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، وفازت محطة الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بجائزة أفضل مشروع طاقة في الدول النامية. وتبلغ تكلفة المشروع 8 مليارات دولار، ويُعَدّ إنجازاً مهماً لمصر، ويعكس الجهود المبذولة لتعزيز مكانة البلاد كمركز عالمي للطاقة.

 

تتوقع مصر أن يصل إجمالي الاستثمارات الأجنبية في مشاريع الهيدروجين الأخضر إلى نحو 81,6 مليارات دولار في حلول 2035، وأبرمت مصر اتفاقات عديدة ومذكرات تفاهم مع شركات وتحالفات عالمية وإقليمية وعربية لبدء إنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أبرزها:

1- توقيع مذكرة تفاهم مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتمويل الأعمال الاستشارية لإعداد الاستراتيجيا الوطنية للهيدروجين الأخضر.

2- توقيع اتفاقية تطوير مشترك لمشروع إقامة مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة 100 ميغاوات وتشغيله في المنطقة الصناعية بالعين السخنة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

3- توقيع اتفاقية الشروط الرئيسة لعقد شراء الهيدروجين، بين كل من صندوق مصر السيادي، وشركات “سكاتك” النروجية للطاقة المتجددة، و”أوراسكوم للإنشاء” المصرية للبناء، و”فيرتيغلوب” الإماراتية للكيماويات.

4- توقيع مذكرة تفاهم بين كل من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، وشركة “ميرسك” العالمية للخدمات اللوجستية لإقامة مشروع لإنتاج الوقود الأخضر المتمثل في الأمونيا الخضراء المخصصة لإمدادات السفن بغرض الوصول إلى الحياد الكربوني.

وتتجه القاهرة إلى الإسراع في ضخ الاستثمارات في هذه الصناعة الخضراء من ضمن الاستراتيجيا المصرية لتوطين صناعة الهيدروجين الأخضر وإنتاجه لأنه يشكّل الوسيلة المثلى لاستثمار فائض إنتاج الطاقة من المصادر البديلة أو المتجددة التي عجزت التكنولوجيا عن حل مسألة تخزينه. يذكر أن قيمة مساهمة الاقتصاد الأخضر عالميا في الوقت الراهن تقدر بنحو 8 تريليونات دولار في حلول عام 2030.

المرحلة الأولى من مصنع الهيدروجين الأخضر بالعين السخنة
ويؤمل أن تصبح المنطقة الاقتصادية لقناة السويس عاصمة الهيدروجين في العالم في السنوات القليلة المقبلة، إذ تستهدف المنطقة توطين هذا النوع من الصناعة في مناطقها المتكاملة بالسخنة وشرق بورسعيد، لموقعها الاستراتيجي، إضافة إلى القرب من أسواق الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط التي قد تشهد طلباً كبيراً على الهيدروجين في السنوات القليلة المقبلة، حيث يتوقع أن يزداد الطلب الأوروبي على الهيدروجين الأخضر من نحو 3 في المئة إلى نحو 20 في المئة. وكانت مصر دشنت المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر، من أجل توطين هذه الصناعة الواعدة وحماية اقتصادها من حالة التذبذب والتقلب بضم الهيدروجين الأخضر إلى مزيج الطاقة المصري واستخدامه في الصناعات المختلفة.

وتحرص مصر على زيادة الاعتماد على الطاقات المتجددة في توليد الكهرباء وتحلية المياه والاستفادة من الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة النظيفة والبدء بتصديره إلى العديد من دول العالم، كما تعول من خلال قدرتها التنافسية على أن تحقق خطتها الطموحة للوصول الى 8 في المئة من السوق العالمي للهيدروجين وتستهدف زيادة الناتج المحلي بنحو 18 مليار دولار مطلع عام 2025، من خلال الاستثمار في صناعات الهيدروجين الأخضر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى