دراسة ثورية تقلب الموازين فى إنتاج الهيدروجين من مخلفات العنب..
دراسة ثورية تقلب الموازين
فى إنتاج الهيدروجين من مخلفات العنب..
..وفاء عبد السلام
يحظى إنتاج الهيدروجين باهتمام كبير، وسط تسارع جهود التحول الأخضر بعيدًا عن الوقود الأحفوري، إذ إنه مصدر متوافر بكثرة، ويمكن استعماله لإنتاج الطاقة وكهربة قطاعات عصيّة مثل النقل الثقيل والصلب وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ونجح باحثون برازيليون في ابتكار طريقة جديدة لاستغلال نواتج تقليم أشجار العنب لإنتاج الهيدروجين بكميات كبيرة وبطريقة لا تنتج عنها انبعاثات أو مخلفات ضارة بالبيئة.
وتُعد صناعة النبيذ أحد أهم الأنشطة الصناعية-الزراعية في العالم وفي عام 2022 جرى زراعة 260 مليون هكتار من العنب، استحوذت دول الاتحاد الأوروبي على 157 مليون هكتار منها.
وينتج عن هذا المحصول الضخم كميات كبيرة من المخلفات التي تُستعمل لأغراض تسميد التربة أو إطعام الحيونات أو يجري التخلص منها عبر حرقها.
لكن العلماء اكتشفوا إمكانات كبيرة لأن تصبح تلك المخلفات مصدرًا قيّمًا لإنتاج وقود الهيدروجين النظيف بصورة لا تنضب، وكذا إنتاج أحماض عضوية تُستعمل في صناعات الأدوية والغذاء والتجميل، وهو ما يمنح المخلفات دورة حياة جديدة.
إنتاج الهيدروجين من العنب
بدلًا من ضياع مخلفات تقليم شجر العنب سدى يقول الباحثون إن الأفرع الحديثة للنبات (تشكل نحو 93% من مخلفات التقليم) تحتوي على مواد السليلوز (بنسبة تتراوح بين 28% و40%)، والهيميسليوز (17% و28%)، واللجنين (25% و32%) بالإضافة إلى المستخلصات، وهي ذات قيمة اقتصادية صغيرة واستعمالات محدودة.
وأثارت أفرع العنب اهتمام العلماء في جامعة ساو باولو، بسبب محتواها العالي من اللجنين، الذي يحتوي على مركبات مطلوبة بصورة كبيرة لصناعات مثل البتروكيماويات والتجميل.
وفي هذا الصدد، يؤكد الخبراء أن أساليب المعالجة الأولية الحيوية لأفرع العنب باستعمال إنزيم هي الطريقة المثلى لبدء الإنتاج على المستوى الصناعي.
وباستعمال التخمير، أصبح بالإمكان إنتاج مكونات أخرى مثل الهيدروجين في صورة وقود، حسبما جاء في نتائج البحث الذي نشرته منصة ساينس دايركت (ScienceDirect) المتخصصة في نشر الدراسات والأبحاث.
وعلى عكس الطرق التقليدية التي تستعمل كواشف كيميائية وفيزيائية، استعمل الباحثون في هذه الدراسة طريقة صديقة للبيئة لا تتطلب إعادة التدوير، ولا ينتج عنها إطلاق مركبات سامة.
ويُقصد بالكواشف المواد المستعملة في التفاعلات للكشف عن المواد الأخرى وقياسها وفحصها.
وبذلك، يفتح علماء البرازيل الباب أمام آفاق بحثية جديدة لإنتاج الهيدروجين من أفرع العنب باستعمال تقنية لا تتطلب استهلاك كميات كبيرة من الطاقة، أو كواشف كيميائية يصعب التخلص منها فيما بعد.
وحول حجم إنتاج الهيدروجين الصادر عن تلك العملية، يقول أحد مؤلفي الدراسة، خوان ميغيل روميرو جارسيا: “إنها تزيد إنتاج الهيدروجين بما يصل إلى 250% مقارنة بطرق المعالجة الأولية الأخرى”.
هناك طرق مختلفة لتكسير روابط ألياف أفرع العنب لإنتاج الهيدروجين، وفي الطريقة الفيزيائية تُستهلك كميات كبيرة من الطاقة من أجل عملية الانفجار البخاري للكتلة الحيوية.
وفي الطريقة الكيميائية، تُضاف مواد مثل الإيثانول، وهي عملية ربما تنتج عنها بقايا ضارة.
وفي الطريقة العضوية المطبقة في هذه الدراسة، تُضاف إنزيمات مثل اللاكاز لفصل الكيماويات، ما ينتج عنه إطلاق السكر عبر تكسير اللجنين وتغيير السليلوز الموجود في الألياف النباتية.
ثم يجري تخمير الناتج من تلك العملية باستعمال بكتيريا “Clostridium butyricum”، وهو ما يؤدي إلى إنتاج الهيدروجين وكذا إنتاج أحماض عضوية مثل حمض البوتريك (الحمض الزبدي)، وحمض الخليك المستعمليْن في صناعات الأغذية والتجميل والأدوية.
وعبر مقارنة الناتج من اللجنين والهيدروجين والأحماض، توصل العلماء إلى أن الطريقة العضوية تولد أقل أنواع الهيدروجين تلويثًا للبيئة.
والآن، يقترح العلماء إجراء عملية تقييم تكنولوجية واقتصادية وبيئية للتقنية الجديدة عبر إجراء مزيد من البحوث.