الأسرة فى مصر القديمة

كتب : الشيخ أحمد تركى عضو مجلس الشيوخ
نقل الدكتور عبدالعزيز صالح فى كتابه ” الأسرة المصرية فى عصورها القديمة ” – طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب – الكثير من ملامح الأسرة عند المصريين القدماء ،،،
ومما وثقه فى كتابه أن المصرى القديم عاش على المسؤلية الأسرية ، والولاء العائلى ، ورعاية الزوجة والأطفال منذ آلاف السنين ،،،
ولا أدل على ذلك من تراث المصريين القدماء الموثق عبر جدران المعابد وكذلك البرديات باللغة الهيروغليفية القديمة المثبت لعظمة المصرى فى الحفاظ على الهيكل الأسرى فى المجتمع باعتباره أحد أبرز أعمدة القوة فى الأمة المصرية ،،،
فالحكيم بتاح – حوتب ، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من أربعة آلاف عام ، ترك نصائح مهمة فى جانب القيم الأسرية والتماسك العائلى ، ومسئولية الزوج والزوجة فى الحفاظ على كيان الأسرة الشامل .
يقول بتاح – حوتب «إذا أصبحت كفئاً (أو رشيداً) أسس بيتك (أي كوّن أسرتك) ، وأحب زوجتك ، أو عاملها بما تستحق».
وهناك حكيم آخر يتحدث عن الزواج، ويوجه نصيحة إلى ابنه الذي يدعى خنسو ، يقول: «تجد لك زوجة وأنت شاب أو رشيد، لتربي أطفالك ، وتعاملهم بالحسنى».
وهناك أديب مصرى آخر يدعى غنخ – شاشنق ، يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد ، ينصح ولده ويقول: «اتخذ لك زوجة حين تبلغ العشرين ، حتى يأتي لك الخلف. وأنت في ريعة الشباب».
وقال أيضاً «احذر أن تتخذ فتاة سوقية الطبع زوجة ، حتى لا تورث أبناءك تربية فاسدة»
وقد ذكرت لكم فى مقالات سابقة ما جاء فى القرآن الكريم من أن بعض الأنبياء تربى فى أسرة مصرية ، ومنهم من احتمى بالأسر المصرية والمجتمع المصرى ،،،،
فيوسف عليه السلام الذى باعه اخوته بدراهم معدودة وظل يتنقل كسلعة من تاجر إلى تاجر ، حتى وصل إلى يد المصرى الذى قال كما سجل القرآن :
وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21). سورة يوسف
بالطبع إشارة القرآن إلى جنسية هذا الرجل ( من مصر ) لها مدلول واضح فى اظهار شهامة المصرى الذى يمنح الخير بلا مقابل.
فكانت الأسرة المصرية وعاء حماية وحصانة وتربية لنبى الله يوسف عليه السلام ، وفى أحضانها وهبه الله تعالى العلم والحكمة ،،،
قال تعالى : “وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ” (22). يوسف.
والنبى الآخر الذى تربى داخل أسرة مصرية ،، هو موسى عليه السلام ، فقد صنعت امرأة فرعون مع موسى ما صنعه عزيز مصر مع يوسف.
“وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) سورة القصص.
وأما سيدنا المسيح عيسى عليه السلام مع عائلته المقدسة ، فقد حماهم الله تعالى بمصر وأهلها من بطش الروم ، وظلت العائلة المقدسة فى ضيافة مصر عدة سنوات
قال تعالى : ” وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (50) الأنبياء



