اسامه شحاته يتناول أهم الأحداث
صباح الخير قراءنا الكرام،،
يشير مصطلح الجيل (Z)، أو “جيل ما بعد الألفية” إلى الأشخاص الذين وُلدوا بين عامي 1997 و2012، ورغم أنه الجيل الأصغر عمرًا، لكن أبناءه استطاعوا أن يفرضوا أنفسهم وتوجهاتهم بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فهو الجيل الأكثر قدرة على التعامل مع الطفرة التكنولوجية الراهنة، ويحظى بثقل ديموجرافي كبير؛ إذ يربو عدده على 2,4 مليار شخص، بنسبة 32% من إجمالي سكان العالم، الأمر الذي يجعله قادرًا ليس فقط على الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما أيضًا التأثير في العديد من المجالات.
ورغم وجهة النظر السائدة حول الجيل (Z)، باعتباره الجيل الأكثر تحديًا وكسرًا للقيود والأعراف، والأكثر جموحًا وبراجماتية، واختلافًا عن الأجيال السابقة، فضلًا عن كونه الجيل الأكثر عزلةً وقلقًا ونزوحًا نحو الفردية، لكن يظل هذا الجيل -الأصغر عمرًا- يتمتع بالعديد من المزايا والإيجابيات، فأبناء هذا الجيل رقميون، ورواد أعمال بالفطرة، وأكثر شجاعة وإقدامًا وقدرة على المخاطرة، فضلًا عن كونهم أكثر انفتاحًا واطلاعًا على مختلف الثقافات وأنماط الحياة، وهذه الإيجابيات إذا ما تم توظيفها وإدارتها بشكل فعَّال، يستطيع أبناء هذا الجيل تحقيق نجاح كبير في العديد من المجالات.
وتأسيسًا على ذلك، يسعى العدد الجديد من النشرة الإلكترونية الأسبوعية الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء “الجيل الأكثر براجماتية:
كيف نفهم الجيل Z؟”؛ إلى التطرق للتمايزات بين هذا الجيل، والأجيال السابقة، وأبرزها (X) و(Y)، والسمات العامة للجيل (Z)، علاوةً على تسليط الضوء على إيجابيات وسلبيات هذا الجيل، وكذا الأرقام والإحصائيات وثيقة الصلة بالموضوع، كما يتناول العدد تحليل سلوك الجيل (Z) في بيئة العمل في محاولة للتعرف عن قرب بأبناء هذا الجيل.
جيل (Z) وسوق العمل
—————————-
نشر موقع “بيزنس نيوز ديلي” (business news daily) مقالًا بعنوان “فهم جيل z في مكان العمل”، أشار في مقدمته إلى أن جيل (Z) انضم إلى سوق العمل في الآونة الأخيرة، حيث انخرط بعض أبناء هذا الجيل في سوق العمل قبل بدء جائحة كورونا في مارس 2020، فيما التحق آخرون بسوق العمل بعد إنهاء دراستهم الجامعية خلال الجائحة، ولا يزال آخرون في المراحل الدراسية، ليلتحقوا بسوق العمل في غضون بضع سنوات.
وسلَّط المقال الضوء على أبرز سمات هذا الجيل في بيئة العمل، مؤكدًا أن موظفي “جيل Z” يُقدِّرون الرواتب المرتفعة، والامتيازات والمكافآت الكبيرة، بينما لا يتماهى قطاع كبير من هذا الجيل مع الإجراءات الإدارية الصارمة، وساعات العمل الطويلة، والأجور التي تتجاوز بالكاد الحد الأدنى للأجور.
وأشار استطلاع رأي أجراه موقع (Glassdoor) إلى أن أبناء جيل (Z) يستهدفون الوظائف التي توفر لهم بيئة عمل متطورة مع ساعات عمل مرنة وأجور مرتفعة. وفي المقابل، ترفض فئة كبيرة من هذا الجيل الوظائف التي تقدم لهم أجورًا منخفضة، وتفرض عليهم ساعات عمل طويلة، ومن ثمّ، تُمثل “الإدارة العليا” مشكلة رئيسة بالنسبة لهم.
مُشيرًا إلى أن أزمة جائحة كورونا لم تؤثر على القطاعات التي يسعى جيل (Z) إلى العمل فيها، لا سيما قطاع التكنولوجيا الذي حظي بالاهتمام الأكبر من جانب الباحثين عن فرص عمل من أبناء هذا الجيل، وهو الأمر الذي لم يكن مفاجئًا؛ نظرًا لأن هذا الجيل لم يتعرف على العالم سوى من خلال الإنترنت.
وفي هذا السياق، أجرت شركة (Tallo)، وهي شركة توفر فرصًا للباحثين عن العمل، دراسة استقصائية عام 2021 على أكثر من 29000 من طلاب المدارس الثانوية والجامعات من أبناء جيل (Z)، والتي أظهرت أن شركات التكنولوجيا احتلت أفضل 10 أماكن عمل مرغوبة للمتقدمين للوظائف من هذا الجيل، وأبرزها: آبل، وجوجل، وأمازون، ومايكروسوفت، وسوني، وتيسلا، وسبيس إكس.
كما أظهرت دراسة شركة (Tallo) أيضًا أن التكنولوجيا تُعد ثاني أكثر المجالات التي تحظى بشعبية بين أولئك الذين شملهم الاستطلاع؛ حيث صنَّف 76,5% من المشاركين قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كأحد القطاعات المفضلة لديهم، بينما جاءت قطاعات الفنون والترفيه والاستجمام في المرتبة الأولى بنسبة 78٪.
وطرح المقال مجموعة من المعايير التي ينبغي على الشركات توفيرها لجذب القوى العاملة من أبناء جيل (Z) للعمل والاحتفاظ بهم، وأبرزها:
—————————–
دفع رواتب أعلى بكثير من الحد الأدنى للأجور؛ إذ إن جيل (Z) أقل رغبة في العمل مقابل الحد الأدنى للأجور -أو أعلى قليلًا منه– مقارنة بالأجيال الأخرى، وبالتالي ستحتاج الشركات على الأرجح إلى تقديم أجور أعلى بكثير من الحد الأدنى للاحتفاظ بالعاملين من أبناء هذا الجيل.
تقديم حزمة من المزايا لرفع معدلات الرضا الوظيفي لدى أبناء جيل (Z)، مثل توفير التأمين الصحي والاجتماعي.
شمول نظام العمل على عدد معقول من الساعات؛ حيث إن هذا الجيل أقل استعدادًا من جيل الألفية (y) للتضحية بالتوازن بين الحياة العملية والاجتماعية.
توفير بيئة عمل ملائمة للموظفين، من خلال تجنب الإجراءات الإدارية التفصيلية، وبيئة العمل البيروقراطية.
توفير خاصية المرونة في العمل، من خلال تطبيق سياسات عمل تسمح للعاملين بالعمل من المنزل في أي وقت ليس لديهم فيه اجتماعات.
وختامًا، أكَّد المقال أن كل جيل جديد يُمثل إضافة كبيرة للقوى العاملة، مشيرًا إلى أنه في الوقت الذي بلغ فيه جيل (Z) سن الرشد، فإن ذلك يُعد فرصة ملائمة لتوظيف المواهب الشابة التي تستطيع مواكبة أحدث التقنيات والأعراف الاجتماعية، خاصة بالنسبة للشركات التي تعمل في قطاع التكنولوجيا، وبالتالي، سيتعين على هذه الشركات إيلاء مزيد من الاهتمام بأولويات جيل (Z) لتعظيم الاستفادة منه.
تأثير جيل (Z) على طرق التواصل في العالم
——————————————————-
نشرت مجلة “فوربس” الأمريكية مقالًا بعنوان “كيف يغير جيل (Z) طرق التواصل؟”؛ سلَّط الضوء فيه على اختلاف طرق التواصل الخاصة بجيل (Z)، والتي عكست اختلاف هذا الجيل عن الأجيال السابقة الأخرى. مشيرًا إلى أن هذا الجيل يضم الفئة العمرية التي ولدت بين عامي 1997 و2012، وقد نشأ مع الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية، وهي الخصائص التي شكّلت نمط تفاعل هذا الجيل مع بيئته المحيطة.
وفي هذا الإطار، أوضح المقال أن التغير في سبل التواصل والتفاعل تجلَّى بشكلٍ واضح من خلال الترويج للمنتجات؛ حيث أصبح التسوق الإلكتروني شيئًا أساسيًّا لا غنى عنه لهذا الجيل، لا سيما مع وجود وفرة في المنتجات المعروضة عبر الإنترنت، الأمر الذي أسهم في التخلِّي التدريجي عن التسوق العادي، وتعزيز الاتجاه نحو التسوق الإلكتروني.
وأوضح المقال أنه يجب على الشركات الاعتراف بأن جيل (Z) أسهم بشكلٍ كبير في نجاح العديد من الكيانات الاقتصادية الكبرى الموجودة حاليًا على الساحة العالمية، وذلك بالنظر إلى أن هذا الجيل تمكَّن من الاستحواذ على ما يُقدَّر بنحو 40٪ من العملاء العالميين في عام 2020.
ويرى المقال أن تعزيز التواصل مع الجيل (Z) يحتاج عددًا من المتطلبات، تتمثل في الآتي:
—————————————
الشفافية: نظرًا لاكتساب هذا الجيل خبرة في كيفية التحقق من دقة الأخبار المعروضة أمامه، وقدرته على إلغاء المتابعة للعلامات التجارية والمشاهير الذين لا تتوافق ممارستهم مع ما يروجون له من آراء، مما يفرض على المجتمعات إيلاء مزيد من الاهتمام لإعلاء قيم “الشفافية” للتعامل مع هذا الجيل.
ارتفاع مستوى التوقعات: رفعت التكنولوجيا سقف توقعات جيل (Z)، ولا سيما في ظل استخدام هذا الجيل للهواتف الذكية، والتي جعلت هؤلاء أكثر قدرة على تقييم الأشياء والمنتجات، وعلى سبيل المثال، أظهرت الإحصائيات أن 37٪ من عملاء هذا الجيل يتخلون عن الشراء أو يتركون تعليقًا سلبيًّا إذا كانت التجربة غير مرضية بالنسبة لهم ولتوقعاتهم.
التفاعل: يحتاج جيل (Z) إلى التفاعل معه وتقديره، وليس التعامل معه على أنه مستهدف من قِبل الشركات للحصول على أمواله.
الغاية: أوضح المقال أن جيل (Z) لن يُقدم على شراء أي منتج من أجل تلبية احتياجاته الحالية فقط، بل يسعى للتأكد من أن هذا المنتج سيلبي تطلعاته الحالية والمستقبلية.
وفي ضوء المتطلبات سالفة الذكر، قدَّم المقال توصيتين رئيستين لتعزيز التواصل مع هذا الجيل نظرًا لمحوريته في التأثير على الأجيال القادمة عبر نقل القيم والخبرات، وهما:
أولًا: إعادة النظر في طريقة التواصل مع هذا الجيل؛ بما يكفل تلبية احتياجاته، ووضع حلول وأفكار مبتكرة لجذب انتباهه.
ثانيًا: التركيز على الرسالة التي تريد الشركات توصيلها إلى العملاء والمستهلكين من أبناء هذا الجيل؛ بحيث تكون رسالة ذات مغزى تحقق الترابط بين المنتج والشخص، الأمر الذي من شأنه تشجيع هذا الجيل على الثقة في المنتج، ويعطيه شعورًا بأنه يلبي احتياجاته الشخصية دونًا عن كل المنتجات الأخرى، مما يدفعه لاتخاذ قرار بالشراء.
وختامًا، أكّد المقال أن الشركات التي تفشل في التعامل مع جيل (z) لن تفقد جزءًا كبيرًا من السوق فحسب، بل قد تجد نفسها أيضًا عرضة للإفلاس، لا سيما مع دخول شركات جديدة منافسة قادرة على مجاراة السوق بشكلٍ أسرع لجذب أكبر قدر من العملاء من جيل (z)، والأجيال القادمة التي من المرجّح أن تحذو حذو هذا الجيل.
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري
IDSC
أحد مراكز الفكر الرائدة في مجال دعم متخذ القرار، تم إنشائه عام 1985 وشهد العديد من التحولات في طبيعة عمله، فلم يعد يقتصر دوره على توفير البيانات والمعلومات والمشاركة في التطوير التكنولوجي لمؤسسات الدولة فقط، بل اتسع نطاق ومجالات عمله ليصبح أكثر تخصصًا في مجال دعم متخذ القرار وخدمة المواطنين، عبر العديد من الآليات والأدوار والمهام.



