أخبار الفن والثقافة

وحــــدة مســاحــة

عمل أدبي
قصة قصيرة
كتب :إيهاب محمد زايـــــد
عاش الهلال مع الصليب يردده المصريون ضد مفاعل الإحتلال الانجليزي، لم نكن نحتاج الشعار بقدر أننا نحمي الهشاشة في علاقتنا ووحدتنا بنفس وحدة المساحة التي نعيش فيها. فالسلوي مسلمة ومسيحية في ذات الوقت، والبراءة ليس لها ديانة، والاعجاز إلهي لا يمر علي البشر إلا بإذن الله. ماري سيدة حصلت علي دبلوم التجارة كانت فارعة الطول كإحدي مسلات مصر القديمة عينيها زرقاء حين تراها تحس بالغزو الروماني وتتذكر فرسان الأقباط وهو يواجهون الرومان من يسيطر علي البحر يسيطر علي الثقافة ومن يسيطر علي الثقافة يصبح صاحب إمتياز أقتصادي. ماري كانت حالمه بكل خير لكل الناس، لكنها لا تعرف أن القدر يحجب عنها السعادة ويختبرها وسواء قدس الله روح أبنها أورحمه فالنتيجة واحدة هي مفهوم الرحمة من الله، والله يصطفي من الله. نحن عبيد لا نملي علي الله أملاءات أو أوامر. كان ابنها صاحب السبعة عشر عاما يقف معها في حجرة الطهي يقلب جوعه مع بعض لقيمات بينما ماري تعد له الطعام وتتحدث ككل الأمهات فالأمومة بكل زمان ومكان بكل ديانة وإلحاد واحدة لا إختلاف فيها هذه هي الغريزة الأولي فينا. تتحدث مع إبنها سامي حتي هذا الاسم تشاركه عناصر مجموعة الوطن. ياحبيبي بينما هي تنادي علي حبيبها فلم يعد هنا بجوارها في مطبخها بينما هو في قلبه لم يغادر ولم يفارق يعشش في الربيع، وفي الشتاء في الغابة وفي الريف، يصنع عش قلبها في ليالي البرد القارسة بالشتاء يصنع دفئ وفي ليالي النسيم بالصيف يصنع مرحا هذه أحوال أحبابنا يعيشون بين عيوننا وفي حجرات القلب وحين ننام نحلم بهم في صفحات خلايا اللاوعي في الميتافزيقا بين الأروح نستحضرهم علي مأدبة علي ضوء الشموع نلبس لهم لون السماء بينما تدق أجراس الكنيسة فارق إلي الله. سامي لم يعد بالحاضر بينما هي يسقط قلبها استدارت تحضنة الحضن الأخير قبل السقوط كان الحضن يشرح إرتطام كوكبين ببعضهما أو سقوط القمر في بحيرة من الدموع أو إن هناك نيازيك يسقط وسط المدن. هذا الزحام من المشاعر خضة وحزن ودموع وفقد رخصة للخروج إلي هذا الجوف الذي لا ينضب بالعطاء فلا تري ماري شغوفا بطلب إلا وساعدته هذا حزن ماري الذي يمنعها من الأحتفال من الفرح وتتفرغ للعمل والمساعدة وتربية ابنتها التي أصبحت عروسة تطلب الزواج الذي يتحمل تكاليفة في هذه الأرض المسلم والمسيحي ظروفهم واحدة وشوارعهم واحدة ومحلاتهم واحدة حتي الكوافير الذي تزين فيه العروسة محل لا يكتب هذا إسلامي وهذا مسيحي. لكن بنتها تريد أن تدرس أو ترتفع في مفهو تعليمها دراسات ما بعد شهادة الدكتوراة فهي تدرس الحيوان وتحليلاتة الكيماوية. ماري تذهب كل يوم في الصباح الباكر إلي العمل فهي تعمل كاتبة الا انها في أيام الشتاء يصادف خروجها صلاة الفجر.كانت تنظر للجميع بوحدة قياس واحدة فالجميع يحتاج السكن الطعام والحنان الابتسامة ومرابطة الكتف. جاء زميل جديد إلي العمل يريد أن يجتهد وكان هاوي ومحترف في عمله يذهب الي الحقل يلقح الأزهار وينتظر ناتج عمله وهو يعمل تحت أصوات من القرءان الكريم مرة الطاروطي، عبدالباسط، الحصري، يوسف كامل البهتيمي وغيرهم يأخذ من القرءان بركة وقوة وعمل يدفع بها كسله يربط بين الجسد والروح وهذا مزاج وتكييف أوضاع لم يجد من يساعده يحمل عنه أتعابه ولا من يرابط علي كنفه كلم جميع الزملاء والزميلات فأبا الجميع أن يساعده إلا ماري تعاطفت معه وقالت له بشغف يحتضن يديه من البرد القارس بالعلاقات الانسانية.
ماري: هل تريد مساعدة؟
عاصم: نعم فأنا كما تري أصابني الغضروف الذي جعلني كالأعرج احبوا وكأنني طفل يتعلم المشي
ماري: سأكون معك وأتحمل بعض المجهود
عاصم: كان يغديقها ببعض الكلمات الطيبة تعرف علي ظروفها فهي من طبقة تحت المتوسطة بينما هو في أخر الطبقة المتوسطة
ماري: هيا نذهب إلي الحقل
عاصم: سأحمل معي المذياع والملقط والكرس
ماري: هذا حمل ثقيل عليك دعني أحمل بعضا منها حملت ماري المذياع الذي يتلو سورة الضحي لعبد الباسط عبد الصمد بينما يتدلي الصليب من عنقها. كانت تحمل أعباء أخوة لاا تحسب الا الانسانية سبيلا أكرمكم عند الله أتقاكم. كانت تمري تقر لعاصم بأنه مسلم لم تحسده ولم تربي غلا منه لانها مسيحية حرة لا تعارف لسياسة المؤمرات سبيلا . هذا الأخاء في قلب ماري يحتضن الجميع فهي الوحيدة المسيحية في وسط العمل لا تتغيب الا لصلاة الأحد ولا تعرف الا التعاطف مع الناس دون جنس أو لون أو دين، طائفة أو عرق هي حياتنا الأولي بين المروج لم يكن يهدننا إلا السباع ولم يكن لنا فرصة لتزوير عقيدتنا بصناعة تأمرية علي التنوع والإختلاف. غستمر الحال ماري تحمل المذياع ويتدلي الصليب من عنقها مع زميلها عاصم الذي يعجز عن شكرها إلا ببعض الهدايا العينية لكن ماري كمصريتها أنفة تجعل كرامتها في حياؤها ولا تنس أبدا أن الله هو من يرزق لذا فالقناعة كنز لا يفني لكل الأديان. في يوم من ذات الأيام المتكررة بالعمل حملت ماري المذياع كان هذه المرة السيد سعيد يتلوا سورة مريم، ماري تضع المذياع علي صنية فضية المظهر، يتدلي الصليب من الذهب من عنقها. رأها بائع البصل الذي كان ينادي علي سلعته ثم تحول. نظر إلي ماري بدهشة وإستغراب لايعرف بهذه اللحظة الا جحوظ العينين، ضرب كفوف اليد وكأنها مدفع أفطار رمضان ثم دخل بالحولقة لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم صليب مع الطاروطي كيف؟ كرر ذلك عدة مرات. سمعه عاصم وماري انفجرا بالضحك. لم يكن يعلمون أن بائع البصل مثل سلعته يخرج دموع الضحك والسخرية. لم يعرف بائع البصل الا هذا الوقت من العام وهو الربيع تخرج الأزهار ينضج البصل يذهب عاصم لتلقيح الأزهار ومعه ماري تحمل ما تيسر من القرءان الكريم. خرج عاصم من الحقل ذهب إليه ووضع يده علي كتفة وقال له في هدوء
عاصم: مابك يارجل؟
بائع البصل: العجب والصيام برجب
عاصم: العجب هو إستغرابك موقفها وموقفي
بائع البصل: طاروطي مع الصليب
عاصم: وبصل يحمله حمار
بائع البصل: بلاش غلط يا أستاذ
عاصم : فهمت خطأ الحمار يحمل البصل وأنت تبيعه هذا حالنا
بائع البصل: كيف إيه علاقة البصل بالحمار بالصليب بالطاروطي
عاصم: يجمعهما خالق واحد وهو الله
بائع البصل: ونعم بالله صدقت يا أستاذ
عاصم: يعني لست أنت الحمار
بائع البصل ينفجر بالضحك ما أنت فهمت الحمار
عاصم: الحمار كل من يحسب أن راية الدين نتاجر بها ونكسب منها ونجزء رغيف الخبز إلي جزئين علي مائدة واحدة، لتذوق عسل واحد من مشكاة واحدة.
بائع البصل أنا ال فهمه في الموضوع إني مسلم خاتم الرسول محمد صلي الله عليه وسلم.
عاصم: ومحمد صلي الله عليه وسلم جاء بكتاب لم ينكر مريم ولا ابنها عيس فلا نكن طغاة وقضاة حكام ولاعبين علينا بترك الحكم لله فلا تستغرب من سيدة تدلي شعرها تلبس عصرها ثم تتهما بالزنا
بائع البصل: حاشا لله
عاصم :في جميع الأحوال نحن نقذف بعضنا البعض طوال الوقت والحين
كانت ماري مشغولة باعداد طاولة العمل لعاصم هذا الكرس من القماش، وهذه زجاجة الماء الباردة، وهذا الترمس من الشاي، وهذه العلامات التي يضعها علي النباتات وهذه الأرقام التي تكتب في حقل واحد وعمل واحد ووطن واحد من يفرق بينهما الا عدو لهذه الأرض وهذا الوطن وهذه الناس التي عاشت ألالاف السنين مع بعضها البعض فليست أحياء شبرا فقط في مصر الا نموذج ووحدة مساحة تكررت في كل مصرنا. حتي صعيد مصر حوادثة إجتماعية ولم تكن أبدا طائفية. فلا يوجد طائفية في وحدة شعور ووحدة خبز ووحدة طبق ووحدة مساحة ووحدة علم يرفرف فوق رؤس الجميع دون وجع من جفاء من قلوب لا تعرف الحنان من أهات مكبوتة لم تصعد أبدا إلي دموع العين ليمسحها المسلم للمسحي والمسيحي للمسلم ونفس الأمر لليهود. هذه الأرض لنا جميعا، هذا الوطن فينا جميعا، وهذا التكريم من الرحلات المقدسة شرف يناله الجميع فنحن مصريون ونحن الأقباط لا يفرقنا الا غازي، مستعمر مستغل وذئب حقير يعبث ببعض أفرادنا هي وحدة ليست مواطنة من فضلكم. عيشوا عليها كما وجدتموها لا تحرفوا دستورها الالهي أنها للناس جميعا كانت عربية، ومسيحي، وقبطية،ومصرية قديمة حاربت وانتصرت هزمت وانكسرت ولكنها أبدا لم تكن تعرف الجفاء بين أهلها أو تقدمه لجيرانها إلا لعدو أو غازي يهدد أمنها. حماها الله عاشت حرة أبية تحيا بكم جميعا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى