همسات
الحفلة
بقلم : نفين فخر الدين
مرت ليلى امام مكتب زميلتها دعاء و هى تداعبها قائلة ” اوعى تنسى ميعاد الحفلة ” ثم ابتسمت بسعادة و جلست الى مكتبها المجاور لتستقبل العملاء المتهافتين عليها و كأن اليوم هو اخر فرصة فى الحياة لتعاملاتهم المالية فهكذا يكون العملاء فى اخر الشهر عندما يذهبون للبنوك لقضاء مصالحهم .
جلست الصديقتان على مقاعدهم الحمراء الوثيرة المحجوزة مسبقا و معهم والدة ليلى و اختها فهن عاشقات للموسيقى و الفن الجميل ، و بدأت الانوار تخفت و رفع الستار ثم عزفت الآلات الموسيقية اعذب الالحان استعدادا لدقات عمر خيرت المميزة على البيانو الاسود الفخيم الرابض فى وسط المسرح و كأنه الصندوق الاسود لاسراره و مشاعره المرهفة و كل الشجن بداخله ، تنطلق نغماته الموسيقية الجامحة غير المروضة فى جنبات القاعة صعودا و هبوطا حزينة مرة و سعيدة مرة اخرى و الحضور يلاحقونها باسماعهم لاهثين وراءها حبا و عشقا و انسجاما فتستقر فى النهاية بين انامله لتتحول لنغمات رقيقة و حالمة ، انها سيمفونيات خيرت الرائعة .
ليلى تحرك يديها بحركات ناعمة مع الموسيقى و كأنها تكاد تلمسها و تشعر بها .
دعاء تغمض عينيها لتنفصل عن المشهد و تعيش مع الالحان الساحرة .
كل من الموجودين يستقبل نغمات عمر خيرت بطريقته و يعبر عن انسجامه باسلوبه .
مر الوقت سريعا فى حضرة الفنان الرائع فقد انتهى من عزف مقطوعاته الموسيقية التى تشبه عوالم منفصلة تعيش و تتذكر بداخل كل عالم منهم احداثه سواء كان فيلم او مسلسل او اغنية ، فتسرى فى اوصالك صدى النغمات لتحلق فى جو ملؤه الشجن و الذكريات ليفصلك عمن حولك ، هكذا موسيقاه دائما .
انصرفت الجماهير و فى وسطهم ليلى و زميلتها و اسرتها ليستقلوا سيارتهم و هم فى حالة من السعادة و الانتشاء فقد حصلوا على قدر وافر من الاستمتاع فى امسية موسيقية اشبه بالحلم الجميل .
ليس من الضرورى ان يتجسد العشق فى علاقة رجل و امرأة و لكنه قد يتجسد فى حضور حفل موسيقى لفنان رائع مثل عمر خيرت .