السبت المقبل اليوم العالمي للتضامن مع (فلسطيني 48) وقبله بيومين فقط ستحل الذكرى الأولى لخطة ترمب ، أو صفعة القرن على حد تعبير الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لتتزامن مع رحيل صاحبها من البيت الأبيض. لا أحد يعلم ما إذا كان عصر الترمبية انتهى أم لا، ولكن الذي لا شك فيه أن أفاعيل ترامب ضد القضية الفلسطينية وأثرها السلبي سوف يبقى لسنوات بغض النظر عن مدى اختلاف موقف الرئيس الأمريكي الجديد عن سابقه إزاء هذه القضية، لأن الأحداث تؤكد دائما خطيئة الرهان على القوى الخارجية طالما الداخل مهترئا!
يرى عدد من الخبراء والمحللين أن سياسة بايدن في منطقة الشرق الأوسط لن تختلف عن سياسة سابقه إلا فيما يتعلق بإيران وتركيا، لذا فإن “القضية الإسرائيلية الفلسطينية” لن تكون على رأس أولويات السياسة الخارجية لإدارة بايدن في المنطقة، وإنما إيران”. ستتصدر الاهتمام الأمريكي وفقا لآرون ديفيد ميلل، المحلل في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.
ومن المرجح أن تستمر إدارة بايدن في دعم إسرائيل. وليس من المتوقع أن يغيّر الرئيس الجديد قرارات ترمب ويعيد نقل السفارة الأميركية من القدس إلى تل أبيب. لكن من المحتمل أن تعيد إدارته طرح فكرة حل الدولتين. ربما اقصى ما يمكن ان يفعله بادين للفلسطينيين ان يعيد المساعدات التي قطعها ترمب عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وأن يعيد فتح مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن الذي اغلقته الخارجية الأمريكية عام 2018.
وفي عالم الصفعة، نجد أن من المفارقات ، تمكن اسرائيل من توقيع اتفاقيات سلام مع 4 دول عربية خلال 4 شهور فقط بينما ظلت لأكثر من 30 عاما، لم تحقق السلام بشأن النزاع الجوهري في المنطقة ،مع اصحاب القضية الأساسية وهم الفلسطينيين، إذ بدأت اولى المفاوضات عملية السلام بين الجانبين منذ مؤتمر مدريد عام 1991 وعلى مدى ثلاثة عقود لم تعيد اسرائيل من الأراضي المحتلة الا القدر اليسير، بينما التهمت المستوطنات بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتم تكثيف محاصرة مدينة القدس، وهكذا استمرت العلمية ولكن تم تفريغها من مضمونها الحقيقي (السلام) وهو درس لم يتعلمه الكثيرون.
طوال العقود الثلاثة الماضية لم تتمكن الدول العربية من استخدام نفوذها في العالم ولا علاقتها مع الدول الكبرى للضغط على إسرائيل لتحقيق السلام العادل، بل لم تتمكن من التمسك بالمبادرة العربية التي أعلنتها السعودية خلال القمة العربية في بيروت عام 2002 والتي تقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام، فهل نأمل ان تستثمر الدول المطبعة مع إسرائيل، علاقتها لاستعادة الحقوق وتحقيق السلام المنشود؟.
ان ذلك مرهون بإرادة عربية جادة، وتوحيد الصف الفلسطيني وحشد شعبي عربي وراء القضية التي تراجعت للأسف في ظل التطورات التي ألمت بالمنطقة، ومن هنا لا بد من اغتنام كل المناسبات للتذكير بها واعادتها على مكانها الطبيعي باعتبارها القضية الجوهرية للأمة العربية.
ومن هذه المناسبات اليوم العالمي للتضامن مع فلسطيني 48 الذي يصادف 30 يناير سنويا، ويستهدف رفع مستوى وعي المجتمع الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني، والتشريعات والمشاريع العنصرية الإسرائيلية التي تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ومنها مشروع “قانون القومية”، وقانون الاستحواذ على الأراضي الفلسطينية.
وهناك مناسبة أشمل حيث تخصص الأمم المتحدة، اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى، الذى يصادف 29 نوفمبر سنويا، وهو اليوم الذى صدر فيه قرار التقسيم الظالم لأرض فلسطين التاريخية عام 1947.
هذه المناسبات وغيرها تعتبر فرصة لتذكير العالم أجمع بالظلم الذى تعرض له الشعب الفلسطيني، من قتل وتهجير وسلب للحقوق، وبخاصة حقه في الاستقلال، وحق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم.
علينا كعرب ان نوضح لأبنائنا وللشعوب العالم بكل الوسائل عدالة القضية الفلسطينية التي لا تزال تراوح مكانها دون أى حل، على الرغم من المبادرات والجهود التى قام بها المئات من المسؤولين، الأمر الذى يؤكد أن إسرائيل لا تريد سلامًا حقيقيًا، وأن كل ما تخطط له هو تهويد المزيد من الأراضى الفلسطينية، وفرض أمر واقع يقطع الطريق على حل الدولتين.
اذا كانت المجتمعات العربية تمر بمرحلة ضعف واضحة، فإن من اضعف الأيمان ان تبقى القضية حاضرة في ضمير العالم .وأن تستمر جهود التوعية لكشف محاولات ترتيب أولويات زائفة على الخريطة العربية. يقول محمود دوريش : قصب هياكلنا وعروشنا قصب.. في كل مئذنة حاو ومغتصب.. يدعو لأندلس إن حوصرت حلب!
(مقالي في الأهرام غدا السبت 23 يناير 2021.. اتمنى ان تجدوا فيه ما يفيد