المُصـارَحَةُ بقلم عبدالفتاح موسى
منذ عدة أيام تذكرت مسلسل من صندوق الذكريات وقررت ان اشاهده و هو مسلسل له أثر كبير في نفوس معظمنا و هو مسلسل (لن أعيش في جلباب أبي)
هذا المسلسل يتكون من ٣٦ حلقة مليئة بالأحداث وقصص الكفاح والصراعات بين الثقافات والحضارات و المستويات الاجتماعية المختلفة.
ولكن الدافع والوازع الذي جعلني ارغب في مشاهدة المسلسل هو الحنين الي الماضى ليس إلا وبعدها انغمست في الاحداث و العلاقة بين الحج عبدالغفور وابنه عبدالوهاب التي كانت دائما غير مستقرة و كان بينهم حائط من الأفكار و الظنون المغلوطة والغير صحيحة.
حتى وصل الى الحلقة الخامسة و الثلاثين و التي فيها أخذ الحج عبدالغفور الخطوة وان كانت متأخرة كثيراً وذهب إلي ابنه وبدأ كل منهم يتكلم و يخرج ما بداخله وما يشعر به كل منهما تجاه الاخر وبدأ الجدار الذي بينهما يتحطم ويزول وعلم كل منهما قدر الحب الذي يكنه للآخر وتغيرت الاحداث تماماً بعد ذلك .
تلك هي المصارحة يا عزيزي دائماً هي تمثل محور غاية في الأهميه يرتكز عليه كل العلاقات الإنسانية وحتي تأخرت لحظة الإفصاح والبوح كثيراً حمداً لله أن حانت الظروف وأتت لأنه كان من الممكن ألا تأتي أو أن تنتهي بالفشل.
و لكني اعتقد انها اهم أسباب نجاح اي علاقة في الدنيا وهي من العوامل الأساسية لاستمرار العلاقات بشتى أنواعها بدءاً من علاقة الأباء بالأبناء وحتى العلاقات الاجتماعية نزولاً إلي العلاقات الزوجية و علاقات الصداقة وزمالة العمل.
ومما لاشك فيه أن الأفعال والتصرفات هما بمثابة واقع العلاقات ولكن المصارحة والتفاهم بين أطراف العلاقات لا يقل أهمية عن الأفعال فعلى سبيل المثال هناك زوجين مكافحين كل منهما يبذل من أجل الطرف الآخر كل ما يملك من قوة وجهد ولكن لا توجد بينهما لغة حوار، لا يفصح كل منهما عن نواياه وتضحيته من اجل الطرف الآخر ولا الزوج يقول كم هو يحب زوجته وكم يعاني ولا يدخر جهداً من اجل البيت و استقراره فقط بل ان في كثير من الأحيان تكن هي اهم سبب او دافع اساسي لكل ما يبذله ومن جهة أخري هي ايضاً تفعل الكثير و الكثير و لكن لا تظهر من خلاله اشتياقها لزوجها و لا تبوح بما يفصح عن ذلك وتعبر عنه مما يجعل تلك العلاقة تستمر
كما ايضاً علينا ان نتذكر ونحن أطفال حينما كان يمنعنا بعض الآباء عن فعل شيء بعينه ظناً منهم ان هذا الامر خطأ أو فيه ضرر كبير و لأننا كنا أطفال ولا نستطيع أن نعي ذلك كنا نرى هذا ما هو إلا مجرد نوع من أنواع التحكم والسيطرة كما كانت العلاقة في المسلسل مما يؤدي إلى خلق مسافة وحاجز كبير بين الأبناء والآباء و لكن بالمصارحة يعلم كل طرف وجهة نظر الآخر ويدركها وتكتمل هذه المصارحة بكلمات الحب و الطمأنينة.
هكذا أبنائنا نحبهم ونتمني لهم الخير ونعيش من أجلهم و لكن يجب علينا مصارحتهم و توضيح الأمور لهم كما يجب عليك يا عزيزي أن تخبر أبنك أو أبنتك بقدر الحب الذي في قلبك لهم عليك ان تقولها ( أنا أحبك و لا أرجو من الله سوى ان أراك في أحسن حال) لا تنتظر ان يعلم ذلك بمفرده أحتضن أبنائك حتى يطمئنوا و يتأكدوا من حبك لهم
و حتى الصديق فكل منكما يأتي من بيئة وخلفية وطباع مختلفة فإن لما يصارح كل من كما الآخر في كل شيء سوف تذهب هذه الصداقة إلى خبر كان لأن سوف تتكون الظنون وتكبر المسافات بينكما رغم أن كل منكما يحب الآخر ولكن لم يكلف نفسه ويخبره بذلك
المحبة بجميع أنواعها و أشكلها ليست ضعف تخاف أن تعلنه بل يجب عليك ان تُذكر نفسك وتُذكر أحبابك به دائماً حتى لا تذهب هذه المشاعر الجميلة إلى عالم النسيان دون ذنبٍ أو سبب لذلك.