عبر التاريخ | حكاية المصري القديم مع آلاته الموسيقية.. عاطفة جياشة
وعن تذوق المصري القديم للموسيقى يقول الدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص في الآثار اليونانية والرومانية في دراسة له أن جدران المعابد والمقابر في مصر القديمة تعطينا الدليل الكامل على تلك العاطفة الجياشة التي سرت في دماء أجدادنا القدماء، والتي كان من أبرز مشاهدها تلك المناظر التي تكشف لنا عن تعلق المصريين القدماء باللحن والموسيقى، فها نحن نرى العازفين والعازفات وهم يحملون بين أيديهم آلاتهم من دفوف وطبول، ومزمار وناي، وغيرها.
فيما يقول خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، أن المناظر الجدارية تبين لنا عروضًا موسيقية بداية منذ عصر الأسرة الثانية عشرة، وهي عروض فنية كان يحضرها الكبراء والنبلاء هذا غير تلك الموسيقى والترانيم الجنائزية التي كانت تلحن في المواكب والأعياد الدينية وقد تعددت الآلات الموسيقية التي استخدمها المصريون القدماء كالقيثارة ذات الأوتار الثلاثة والدف الذي يستخدم لضبط الإيقاع والبوق الذي استعمل في نداءات الحروب والاحتفالات والناي والنفير وهو آلة نفخية مكوّنة من أنبوب مستقيم أو مخروطي والطيبوني (الهارب) بأوتاره العشرة.
آلات فرعونية المنشأ
واستعرض الدكتور خيرى الملط، الأستاذ بكلية التربية الموسيقية، الآلات الموسيقية في مصر القديم، مشيرا إلى أن آلة الجنك وهي من أقدم تلك الآلات؛ عبارة عن صندوق خشبي للصوت يخرج منه عدد من الأوتار العمودية الاتجاه وتكون مثبتة في طرف الآلة. وقد تم العثور على تصاوير لآلة الجنك بأنواع متعددة وأحجام مختلفة الشكل ومتطورة.
كما تحدث الملط عن آلة “الكنارة” والتي انتشرت في الحياة الموسيقية عند المصريين القدماء في عصر الدولة الوسطى، وهي آلة مصاحبة للغناء والرقص، وهي تتكون من ذراعين على الجانبين مقوسين وعادة ما يكون الذراعان وعصا شد الأوتار مزخرفة ومزينة بنقوش من رأس أوزه تارة أو رأس حصان تارة أخرى، كما وُجدت أشكال أخرى من الحليات، مثل رأس الغزال.
وآلة الليرا وكان يُصنع صندوقها الرنان من قرعة جافة أو ظهر سلحفاة وكان لها دور رئيسي في الموسيقى الشعبية لقبائل البجة والبشاريون وغيرهم من سكان النوبة، آلات النفخ وأهم آلات النفخ هي آلة المزمار الذي تعددت أنواعه وتحددت مادته في البوص واستخدم نوع منه قصير كان يستعمل في وضع أفقي أمّا الآخر الطويل فكان يستخدم في وضع رأسي مع ميل خفيف إلى أسفل وانحناء من العازف إلى الخلف.
آلات الإيقاع
وتعد آلات الإيقاع من أقدم الآلات الموسيقية في مصر، ومن أهم أنواعها المصفقات المعدنية والخشبية التي تحدث صوتاً عند قرع بعضها ببعض كالصنوج والمقارع والعصي الخشبية المصفقة.
أما الدفوف، فكانت تتكون من إطارات خشبية أخذت أشكال مختلفة منها العشوائي ومنها ذات الشكل المنتظم الدائري أو المستطيلة الشكل في الغالب، تغطيها جلود رقيقة وكانت تستخدم غالباً مع الرقص.
وكانت الطبول أسطوانية الشكل من الخشب وأحيانا من المعدن، تعلق على الكتف حين الضرب بها، وكان في الغالب يصطحب بالتصفيق بالكفوف وخاصة إذا ما أُقترن بالغناء والرقص.
كما استخدم المصريون القدماء الصلاصل التي كانت غالبًا من المعدن على شكل حدوة الحصان تخترقه بعض القضبان الرفيعة التي تحدث رنينًا عند تحريكها وكان استخدامها مقصورًا على النساء دون الرجال وللأغراض الدينية في الغالب.
وكانت آلة الهارب من الآلات المحببة لدى المصريين القدماء عامة، وقد كانت أغنية عازف الهارب ضربًا من ضروب الأدب المصري القديم، كما ارتبطت أغنية عازف آلة الهارب بدور هام في الصلوات والطقوس الجنائزية وتقديم الزهور عند الدفن، وكان لها أيضًا دورًا هامًا في المناسبات الاجتماعية السعيدة حيث تضفي جوًا من المرح والسرور على الحياة العائلية والأسرية.
ورغم ذلك فإن الكثير من خبايا الموسيقى في مصر القديمة لا تزال غامضة ومنها أننا لا نعرف بعد صوت تلك الموسيقى التي ترنم بها المصريون القدماء ولا خصائصها الفنية.
الجدير بالذكر أن المصريون القدماء نسبوا الفضل للإله تحوت في اختراع الموسيقى، التي يستخدمها أوزيريس بدوره كجزء من جهوده الرامية إلى تحضر العالم.