منوعات

قصّة عجيبة في غضّ البصر

 

خلود فراج

 

خرجَ العبد الصالح سليمان بن يسار رحمه الله من بلدته مسافراً ومعه رفيق له ، وانطلق رفيقه إلى السوق ليشتري لهم طعاماً ، وجلس سليمان ينتظره.

وكان سليمان بن يسار وسيماً قسيماً من أجمل الناس وجهاً ، وأورعهم عن محارم الله!!

 

فبصُرت به أعرابيّة من أهل الجبل ، فلما رأت حسنهُ وجماله انحدرت إليه ، وعليها البرقع ، فجاءت فوقفت بين يديه

فأسفرت عن وجهٍ لها كأنه قمرٍ ليلة التمام ثم قالت : “هبني”.

 

فغض بصرهُ عنها ! وظن أنها فقيرة محتاجة تريد طعاماً ، فقام ليُعطيها من بعض الطعام الموجود لديه.

فلمّا رأت ذلك قالت له: لا اريد  طعاماً ، إنما أريد مايكون بين الرجل وزوجته!!

فتغيّر وجه سليمان وصاح فيها قائلاً : ” لقد جهزّك إبليس!!”

ثم غطى وجهه بكفّيه ، ودسّ رأسه بين ركبتيه ، وأخذ بالبكاء والنحيب!!

فلما رأت تلك المرأة الحسناء أنه لا ينظر إليها ، سَدلَت البرقع على وجهها، وانصرفت ورجعت إلى خيمتها.

 

وبعد فترة ، جاء رفيقه وقد اشترى لهم طعامهم، فلما رآى سليمان عيناهُ من شدّة البكاء وانقطع صوته

قال له : مايبكيك؟!! 

قال سليمان: خيراً !! ذكرت صبيتي وأطفالي !!

فقال رفيقهُ : لا!! إن لك قصة!!  

فلم يزل به رفيقه حتى أخبره بقصة المرأة معه!! فوضع رفيقه السفرة ، وجعل يبكي بكاء شديداً

فقال له سليمان :وأنت مايُبكيك!!

فقال رفيقه: أنا أحقّ بالبكاء منك!!

قال سليمان :ولم؟!!!

قال: لأنني أخشى أن لو كنت مكانك لما صبرتُ عنها!!

فأخذ سليمان ورفيقه يبكيان!!

ولما انتهى سليمان إلى مكة وطاف وسعى ، أتى الحجر واحتبى بثوبه، فنعس ونام نومة خفيفة

فرأى في منامه، رجلاً وسيماً جميلاً طولاً ، له هيئة حسنة ورائحة طيبة.

فقال له سليمان : من أنت يرحمك الله؟!!

قال الرجل:أنا يوسف النبيّ الصديق ابن يعقوب.

قال سليمان: إن في خبرك وخبرِ امراةِ العزيز لشاناً عجيباً

فقال له يوسف عليه السلام: بل شأنك وشأن الأعرابية أعجب!!!

 

📚 من كتاب حلية الأولياء

لأبي نعيم (191/2)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى